جبل كليمنجارو الواقع في شمال شرق تنزانيا هو أحد أكثر الجبال شهرةً في العالم ليس فقط بسبب كونه أعلي قمة في قارة إفريقيا بل أيضًا بسبب تاريخه الغني و تنوعه البيئي المذهل لأنه مكون من ثلاثة مخاريط بركانية هي كيبو و ماوينسي و شيرا و يشكل بركانًا طبقيًا خامدًا يرتفع بشكل مهيب فوق السهول المحيطة به و علي الرغم من أنه ليس الأعلي من حيث الإرتفاع المطلق إلا أنه يُعتبر أعلي جبل قائم بذاته في العالم حيث يرتفع إلي حوالي 4,600 متر من قاعدته و يضم أعلى قمة في إفريقيا بإرتفاع 5,895 مترًا مما يمنحه منظرًا دراماتيكيًا يخطف الأنفاس لذلك فهو يعتبر وجهةً سياحيةً شهيرةً لألاف من المتسلقين و المغامرين من جميع أنحاء العالم الذين يتحدون أنفسهم للوصول إلى قمته كما أنه بجانب جماله الطبيعي يحمل أهمية ثقافية و تاريخية كبيرة لإرتباط إسمه بالعديد من الأساطير و النظريات حول أصل تسميته .

و لا يُعرف علي وجه اليقين أصل تسمية جبل كليمنجارو بذلك الإسم و لكن توجد عدة نظريات حيث تبّني المستكشفين الأوروبيين الإسم عام 1860 مفترضين أن كليمنجارو ينقسم إلي “كليما” و هي كلمة سواحيلية تعني “تل” أو “جبل صغير” و “نجارو” التي تُفهم علي أنها تعني “أبيض” أو “لامع” كما يعتقد آخرون أن أصل الإسم يعود إلي كلمة “جارو” في لغة الكيتشاجا و التي تعني “قافلة” و مع ذلك لا يُعرف سبب إستخدام كلمة “كليما” التي تعني “تل صغير” بدلاً من الكلمة الصحيحة للجبل و هي “مليما” و يُعتقد أن أحد الزوار الأوروبيين الأوائل الذي كانت معرفته باللغة السواحيلية محدودة قام بتغيير “مليما” إلي “كليما” قياسًا علي الإسمين كيبو و كيماونسي و توجد نظرية أخري تقول أن جبل كليمنجارو يأتي من كلمة “كليمانجارو” أو “كليمايجارو” في لغة الكيتشاجا و التي تعني “الذي يهزم الطائر/الفهد/القافلة” و مع ذلك لا يمكن لهذه النظرية تفسير حقيقة أن اسم كليمنجارو لم يكن مستخدمًا في لغة الكيتشاجا قبل الإستكشاف الأوروبي في منتصف القرن التاسع عشر .

و يقع جبل كليمنجارو علي بعد 340 كم جنوب خط الاستواء و 280 كم من المحيط الهندي و أكثر قليلاً من 400 كم عن بحيرة فيكتوريا و هو يقع علي الجانب الشرقي من الفرع الشرقي لوادي الصدع العظيم و شمال شرق سهل ماساي العظيم الذي يُعرف بأنه موطن رعاة الماشية الرحل من شعب الماساي و تتركز المساكن البشرية الرئيسية علي المنحدرات الجنوبية و الشرقية للجبل حيث توجد التربة الخصبة و الغنية بالمياه الصالحة للزراعة و تقع مدينة موشي علي بعد أكثر قليلاً من 30 كم من القمة و التي تعتبر المركز الحضري الرئيسي للمكان و تتمتع بطرق معبدة و سكك حديدية تربطها بساحل تنزانيا في تانجا و دار السلام .

و تمتد الأراضي العشبية التي يستغلها شعب الماساي غربًا و شمالاً من جبل كليمنجارو إلي ” كينيا ” حتى نيروبي علي بعد 200 كم شمال غرب الجبل و هذه السهول الواسعة المحيطة بالجبل ترتفع ما بين 1100–1400 مترًا بإستثناء تسافو التي تقع علي إرتفاع أقل يبلغ 800 مترًا و المرتفعات القريبة الوحيدة الأخري هي سلسلة من التلال التي تمتد جنوب شرقًا نحو الساحل حيث تُسمى جبال أوسامبارا و علي بعد 50 كم إلي الغرب الجنوبي يوجد جبل بركاني منعزل آخر و هو جبل ميرو فوق مدينة أروشا .
و يُمكن رؤية جبل كليمنجارو من الجنوب و الغرب و الشمال من علي بعد يصل إلي 200 كم و غالبًا ما يُرى من مدينة نيروبي و علي الرغم من عدم وجود تلال تحجب الرؤية من الشرق إلا أن الساحل الرطب للمحيط الهندي عادة ما يكون غائمًا و ضبابيًا و تقع المدن الساحلية مثل مومباسا و ماليندي علي بعد 280 و 300 كم و هي بعيدة جدًا و غائمة بحيث لا يمكن رؤية كليمنجارو منها و علي الرغم من أن العرب و الأوروبيين زاروا هذه المدن لقرون إلا أن الجبل لم يكن معروفًا لهم حتى القرن التاسع عشر .

و يمتد نظام جبل كليمنجارو في الإتجاه الشرقي-الغربي لحوالي 80 كم و هو يتألف من ثلاثة براكين رئيسية خامدة و هم ماوينسي في الشرق و كيبو في الوسط و شيرا في الجزء الغربي من الكتلة الجبلية و تعد أعلي نقطة في كليمنجارو هي قمة أوهورو علي كيبو و يبلغ إرتفاعها 5895 مترًا و تحتفظ بشكل مخروط بركاني نموذجي و تحتوي علي فوهة و تتصل بماوينسي التي تبعد 11 كيلومتر بواسطة سلسلة جبلية ويُعتبر ماوينسي الذي يبلغ إرتفاعه 5,149 مترًا النواة القديمة لقمة سابقة و تقف حافة شيرا و هي بقايا فوهة بركانية سابقة علي إرتفاع 3,962 مترًا و ينحدر جبل كليمنجارو من الحافة إلي السهول أدناه التي تقع علي إرتفاع حوالي 1,000 متر .

و تُعتبر قمة أوهورو أعلي نقطة في إفريقيا كما يُعتبر ماوينسي ثالث أعلي قمة في إفريقيا بعد جبل كينيا و يتميز مخروط ماوينسي الذي يحتوي علي بقع جليدية شبه دائمة و ثلوج موسمية كبيرة بتآكل شديد و أخاديد عميقة أما قبة كيبو فتحتفظ بغطاء جليدي دائم و هو الوحيد من بين الثلاثة الذي يفعل ذلك كما يحتوي علي فوهة بعرض 2 كيلومتر في جانبه الجنوبي و علي الرغم من أنه خامد إلا أنه يحتوي علي فتحات تطلق غازات في الفوهة و قد حدثت عدة إنهيارات و إنزلاقات أرضية علي كيبو في الماضي أحدها خلق المنطقة المعروفة بإسم الإختراق الغربي و علي الرغم من عدم وجود سجل تاريخي لثورات بركانية إلا أن الأساطير المحلية تتحدث عن نشاط بركاني منذ حوالي 170 عامًا.