تُعد جائزة جرامي GRAMMY Award من أرقى و أهم الجوائز الموسيقية العالمية و تمنح بشكل سنوي من قبل الأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون و العلوم و كان بدايتها عام 1959 تحت إسم جوائز الجرامفون تيمناً بالتصميم الذهبي للتمثال الذي يحمل نفس الشكل و هي تعتبر من الجوائز الأمريكية الكبري بجانب الأوسكار المتخصصة في المجال السينمائي و إيمي المتخصصة في المجال التلفزيوني و توني المتخصصة في المجال المسرحي و خلال حفلها يتم تقديم مجموعة من الجوائز لأفضل المواهب الموسيقية و علي مدار عقود توسعت جائزة جرامي لتشمل فئات جديدة لتعكس مدي التنوع الموسيقي في ذلك المجال خاصة و أنها ليست مخصصة فقط للأداء الموسيقي بل أيضا للإنتاج و الكتابة و التلحين و الإبداع .
تاريخ جائزة جرامي
ظهرت فكرة جائزة جرامي خلال خمسينيات القرن الماضي عندما كان منظمي مشروع ممشى المشاهير في ” هوليوود ” يضعون قائمة بالشخصيات المؤثرة لتكريمها بنجمة و حينها أدركوا أن العديد من الموسيقيين الموهوبين لم يحصلوا علي هذا التكريم بسبب قلة شهرتهم مقارنةً بنجوم السينما و التلفزيون لذلك جاءت فكرة إنشاء جوائز تكرّم حصريًا الإنجازات الموسيقية و تكون علي نفس مستوى جوائز الأوسكار و إيمي و في عام 1957 تأسست الأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون و العلوم من قبل مجموعة من محترفي صناعة الموسيقى في ” الولايات المتحدة ” بهدف رفع مستوى الفنون الموسيقية و حمايتها من الإنحدار التجاري من خلال تكريم الإبداع الفني في الموسيقى بدلاً من التركيز علي الشعبية التجارية .
و عُقد أول حفل لتوزيع جائزة جرامي في الرابع من مايو عام 1959 و كان مختلفًا عن الحفلات الحالية إذ أقيم في موقعين متزامنين و هم فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز بولاية ” كاليفورنيا ” و فندق بارك شيراتون في ” نيويورك ” و شهد الحفل توزيع 28 جائزة فقط في فئات أفضل ألبوم و أفضل تسجيل موسيقي و أفضل أداء صوتي رجالي و نسائي و كان ما يثير الإهتمام أن الحفل الأول لم يكن متلفزًا بل إقتصر علي حضور الفنانين و المعنيين بالمجال الموسيقي و مع مرور السنوات توسعت الفئات لتشمل مختلف أنواع الموسيقى .
و يصُنع تمثال جرامي أو الجائزة علي شكل جراموفون كلاسيكي مطلي بالذهب و هو الرمز الأساسي للجائزة و تم إبتكاره علي يد الحرفي الأمريكي ” بيلينجز أرتيستا ” و تتم صناعة هذه التماثيل يدويًا في ولاية ” كولورادو ” من مادة معدنية خاصة تُعرف بإسم الجراميوم التي أُدخلت عام 1990 و تُعتبر خليطًا من عدة معادن صُممت خصيصًا لتكون قوية و لامعة لتحسين جودة التمثال الذي يقال أنه يتطلب حوالي 15 ساعة من العمل اليدوي ليصل إلي شكله النهائي كما أنه و منذ الحفل الأول مرّ بعدة تعديلات فالتصميم الأولي كان صغير الحجم و ضعيف البناء لكن مع مرور الوقت تطور ليصبح أكبر حجمًا و أكثر متانة مما يعكس قوة الجائزة و رمزيتها .
معايير إختيار الفائزين
يبدء إختيار المرشحين لجائزة جرامي عن طريق التقديم من خلال قيام شركات التسجيل و الفنانين المستقلين بتقديم أعمالهم الموسيقية إلي الأكاديمية في ظل شروط محددة يجب أن تتوافر في العمل المقدم مثل أن يكون قد تم إصداره خلال فترة زمنية محددة تُعرف بـ “سنة الجرامي” ثم تبدء مرحلة التصويت الأولي و فيه يقوم أعضاء الأكاديمية و عددهم أكثر من 12 ألف عضو بالتصويت لإختيار قائمة قصيرة من المرشحين في كل فئة و هؤلاء الأعضاء هم من محترفي الموسيقى مثل المغنين و المنتجين و المهندسين الصوتيين و غيرهم ثم بعد ذلك تأتي اللجنة النهائية المختصة التي تقوم بمراجعة النتائج الأولية و تختار الفائزين بناءً علي الجودة الفنية و الأداء و ترجع أهمية تلك الخطوة إلي ضمان أن تُمنح الجائزة بناءً علي الجدارة الفنية بدلاً من الشهرة التجارية لذلك نستطيع القول أنها لا تمنح بناءً على المبيعات أو الشهرة فقط بل تشمل معايير أخري أبرزها الإبداع الفني و جودة الإنتاج و التأثير الثقافي للعمل .
فئات جائزة جرامي
جائزة جرامي تُغطي مجموعة واسعة من الفئات الموسيقية و تشمل :
- ألبوم العام : و يكون تكريمًا للفنان و المنتج و المهندس الصوتي المسؤول عن أفضل ألبوم موسيقي .
- تسجيل العام : و تُركز علي الأداء الفردي و الإنتاج الموسيقي.
- أغنية العام : و تُمنح لكاتب كلمات الأغنية .
- أفضل فنان جديد: و تُمنح للفنانين الذين يظهرون لأول مرة على الساحة الموسيقية.
و إعتبارًا من عام 2024 تمت إضافة جائزتين إضافيتين و هم جائزة منتج العام غير الكلاسيكي و تكون عن مجموعة أعمال صدرت خلال فترة الأهلية و كان قد تم تقديمها لأول مرة في عام 1974 و لكن لم تكن جزءًا من أي مجال محدد سابقًا و جائزة كاتب الأغاني لهذا العام غير الكلاسيكي و هي لشخص يعمل بشكل أساسي ككاتب أغاني لمجموعة أعمال صدرت خلال فترة الأهلية و قد تم تقديمها لأول مرة في عام 2023 و لكن لم تكن جزءًا من أي مجال محدد سابقًا كما تُمنح جوائز أخرى للأداء و الإنتاج في أنواع محددة و للمساهمات الأخرى مثل الأعمال الفنية و الفيديو و أيضا جوائز خاصة للمساهمات الأطول أمدًا في صناعة الموسيقى .
و كان من الملاحظ أن جائزة جرامي في السنوات الأولي تقتصر علي الموسيقى الكلاسيكية و الجاز فقط و لكن لاحقًا أُضيفت فئات مثل الهيب هوب و الريجي و الموسيقى الإلكترونية لتغطية الأنواع الجديدة و حاليًا يوجد أكثر من 94 فئة تغطي كل جوانب الصناعة الموسيقية من الأداء الفردي إلي الإنتاج و الهندسة الصوتية .
الإنتقادات
على الرغم من مكانتها لم تسلم جائزة جرامي من الإنتقادات أبرزها الإنحياز لبعض الأنواع الموسيقية حيث غالبًا ما تواجه الأكاديمية إتهامات بتفضيل الموسيقى التقليدية علي الأنواع الحديثة مثل الهيب هوب بجانب إتهامات بغياب التنوع بسبب نقص تمثيل النساء و الفنانين الملونين بالإضافة إلي حدوث جدل في مسألة الشفافية ففي عام 2020 أطلقت الرئيسة السابقة للأكاديمية ” ديبورا دوجان ” تصريحات مثيرة حول وجود تلاعب في عملية التصويت و لكن علي الرغم من كل تلك الإنتقادات إلا أن جائزة جرامي تظل حلمًا يسعى إليه الفنانين و الموسيقيين حول العالم لأنها تعد رمز للمثابرة و التفوق في المجال الفني .