اذا كانت جائزة الأوسكار تقدم لأفضل الأعمال السينمائية و يسعى إليها جميع العاملين فى ذلك المجال فإن جائزة التوتة الذهبية أو كما يطلق عليها البعض جائزة رازي هى نقيضها تماما و تقدم كمحاكاة ساخرة لتكريم أسوأ الأعمال السينمائية التى عرضت خلال عام كامل و فيها يقدم للفائزين أو من ينوب عنهم تمثال صغير يبلغ قيمته ما يقارب من خمسة دولارات عبارة عن توت بحجم كرة جولف موضوع فوق بكرة فيلم و مطلية بالذهب و ذلك بغرض تشجيع صانعى الأفلام المشهورين و الفنانين على السعى نحو الأداء المتميز و الإبتعاد عن الإختيارات الخاطئة و هى جائزة حديثة المنشأ حيث أقيمت أولى حفلاتها فى الولايات المتحدة مطلع الثمانينات بإحدى غرف المعيشة فى هوليوود و يعتبر الفنان سلفستر ستالوني حتى وقتنا الحالي هو صاحب الرقم القياسي بالفوز بتلك الجائزة بعد أن حصل عليها لعشرة مرات دون منافس .
بدأت قصة جائزة التوتة الذهبية حين كان “جون جي بي ويلسون ” و هو أحد رجال الدعاية و الإعلان يشاهد فيلمين سينمائيين فى منزله و هم Can’t Stop the Music و Xanadu و اعتقد أن هذه الأفلام تستحق جوائز لا لشئ سوى أنها سيئة للغاية و بعدها بدأ بالتفكير في جميع الأفلام الأخرى التي صدرت عام 1980 و كانت مخيبة للأمال خاصة أنه شاهد المئات منها خلال عمله الخاص فى صنع مقاطع دعائية لهم لذلك و في العام التالي أقام حفل جماعى في منزله بهوليوود ليلة حفل توزيع جوائز الأوسكار الثالث والخمسين و بعد انتهاء الحفل في المساء مرر “ويلسون” بطاقات اقتراع الى الحضور لإختيار أسوأ فيلم و دعا أصدقائه لتقديم عروض عشوائية كوميدية في غرفة المعيشة الخاصة به ثم وقف “ويلسون” على منبر مصنوع من الورق المقوى ببدلة مبتذلة و فى يده كرة متصلة بعصا مكنسة كميكروفون مزيف و كان الحفل المرتجل ناجحًا و في الأسبوع التالي تحدثت بعض من الصحف المحلية حول ذلك الحدث مثل صحيفة “لوس أنجلوس ديلي نيوز” .
و خلال الحفل الأول من جائزة التوتة الذهبية كان عدد الحضور يقترب من 30 شخصا ثم تضاعف العدد فى الحفل الثاني و تضاعف مجددا فى الثالث و بحلول الحفل الرابع الذى نظم فى احدى المدارس الإبتدائية فى مدينة ” لوس أنجلوس ” بدأت شبكة CNN الاخبارية و اثنين من وكالات الأنباء الرئيسية فى تغطية الحدث و أدرك “ويلسون” أنه اذا قام بتحديد موعد حفل توزيع جائزة التوتة الذهبية قبل حفل الأوسكار فإنه سيحصل على مزيد من التغطية الصحفية حيث يقول حول ذلك بأنه اكتشف أخيرًا أنه لا يمكن التنافس مع حفل توزيع جوائز الأوسكار اذا نظم حفله بالتزامن معه و لكن إذا كان فى الليلة السابقة له فعندها ستقوم الصحافة من جميع أنحاء العالم بتغطية ذلك الحدث و بمرور السنوات بدأت جائزة التوتة الذهبية فى أخذ منحى أكثر تنظيما حيث أصبحت جمعية تضم 650 عضوا ينتمون الى 19 دولة مختلفة و يدفعون رسوما مقابل تلك العضوية و أصبح حفلها الذى يتم فيه الكشف عن كل من الترشيحات و الجوائز في اليوم الذى يسبق جوائز الأوسكار .
و تقدم جائزة التوتة الذهبية حاليا فى عدد من التخصصات و هى أسوء فيلم و أسوء مخرج و أسوء ممثل و أسوء ممثلة و أسوء ممثل مساعد و أسوء ممثلة مساعدة و أسوء سيناريو و أسوء اعادة انتاج و أسوء طاقم عمل و اذا كان الفائز له سوابق بتلك الجائزة فيحصل على واحدة أخرى أما قديما فقد كانت تخصص مجموعة جوائز أخرى الا انه تم الغائها مؤخرا و هى جائزة أسوء أغنية أصلية و أسوء ممثل صاعد و أسوء نتيجة موسيقية و أسوء مؤثرات بصرية و أسوء زوجين على الشاشة كما تم تقديم بعض من جوائز التوتة الذهبية الخاصة فى أعوام محددة فقط و لم تقدم بعدها مرة أخرى كما يتضمن كل حفل ختام عقد من الزمان جائزة لأسوأ الممثلين و الأفلام في ذلك العقد بإستثناء حفل عام 2000 حيث وضع الممثلين حينها على أنهم أسوأ الممثلين في القرن العشرين كله .
و أرتبطت جائزة التوتة الذهبية بالعديد من المصادفات حيث فاز ثلاثة أشخاص بجائزتي الأوسكار و التوتة الذهبية في نفس العام بعد أدائهم لعملين مختلفين و هم الملحن ” ألان مينكن ” عام 1993 و كاتب السيناريو ” بريان هيلجيلاند ” عام 1997 و الممثلة الشهيرة ” ساندرا بولوك ” عام 2010 كما حصل ثلاثة ممثلين على ترشيحات لأوسكار و التوتة الذهبية عن نفس الدور و هم “جيمس كوكو” و “إيمي إيرفينج” و “جلين كلوز” و يعتبر فيلم Wall Street (1987) هو الوحيد الذى استطاع الفوز بالجائزتين معا فى نفس العام و من خلاله فاز “مايكل دوجلاس” بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل بينما فازت “داريل هانا” بجائزة التوتة الذهبية لأسوأ ممثلة مساعدة كما توجد أفلام ترشح بعض من عناصرها للتوتة الذهبية بينما فازت عناصر أخرى منه بالأوسكار مثل فيلم Flashdance عام 1983 الذى ترشح لجائزة أسوأ سيناريو و فاز بأوسكار أفضل أغنية أصلية كما حصل فيلم The Bodyguard عام 1992 على سبعة ترشيحات للتوتة الذهبيه رغم تحقيقه نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر .