منذ ولادتنا و نحن نعيش وسط ظواهر طبيعية مسلم بها فى حياتنا أشهرها تعاقب الليل و النهار الناتجة عن دوران الأرض حول محورها و هى ظاهرة صاحبت كوكب الأرض منذ نشأته قبل نحو أربعة مليارات و نصف السنه و التى فيه تدور الأرض بثبات دورة كاملة حول نفسها 24 ساعة تقريبا و هو الوقت الذى يعادل اليوم الأرضى , و لكن هل فكرت يومًا ماذا لو توقفت الأرض عن الدوران؟ الاجابة على ذلك السؤال لدى العلماء يعد صعبا لأنه يحمل تصورات كارثيه تتلخص فى أن كوكب الأرض لن يعود مضيافا او مناسبا لمعيشة الكائنات الحية على سطحه مرة أخرى نظرا للتأثيرات السلبية التى ستلحق به من ثباته حول محوره و التى ستتراوح ما بين أثار قصيرة المدى و طويله و كلاهما سيعملان على انقراض الكائنات الحية من على سطحه و فى تلك المقالة سوف نستعرض الظواهر التى سوف تحدث خلال توقفها و كما أوضحها العلماء .
بداية يرجع السبب في استمرار دوران الأرض هو عدم وجود أي شيء يوقفها كما انها تدور بالفضاء اى فى الفراغ لذلك فلا يوجد هواء يعمل على ابطاء دورانها و مع ذلك الا انه هناك شيء واحد قد يعمل على إبطائها قليلا و هو القمر حيث لا يحدث توازن بين حركة جانب الأرض المواجه للقمر بشكل مثالى بسبب جاذبيته و التى تساهم فى حدوث مد للمحيطات مما يجعلها تنتفخ على جانبي الأرض و التى نتيجة تحركها تكون معيقة قليلا لدوران الأرض بشكل يعمل على ابطائها و هذا يعني أن يوم الأرض يطول ثانية واحدة كل 50000 سنة أما الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقف دوران الأرض بطريقة فجائيه هو فى حالة اصطدامها بكوكب و حتى إن حدث هذا فمن الأرجح أنه سيغير الطريقة التي تدور بها الأرض وليس إيقافها تمامًا و لكن فى حالة توقف الأرض عن الدوران فسوف يحدث ما يلى :
طيران الأجسام بالقصور الذاتى
يدور غلافنا الجوي بنفس معدل دوران الأرض أى حوالي 1050 ميلاً في الساعة عند خط الاستواء حيث تتناقص تلك السرعه كلما اتجهنا نحو الشمال أو الجنوب من خط الاستواء و يكون الدوران صفرًا فعليًا في القطب الشمالي و الجنوبي فإذا توقفت الأرض فجأة عن الدوران فسيستمر الغلاف الجوي في التحرك بنفس سرعة دوران كوكب الأرض الأصليه و عليه سيكون أي شيء غير مثبت على سطح الأرض الأساسي سيطير فى الهواء مثل الصخور و الأشجار و المباني و الأشخاص بسرعة 1050 ميلاً في الساعة عند خط الاستواء لذلك فإذا كنت تحت الأرض و بعيدًا بما فيه الكفاية بأماكن مثل مترو أنفاق أو على أي من القطبين فربما قد تكون بخير .
المحيطات
يتخذ كوكبنا شكل كروى مما يعني أنه ينتفخ عند خط الاستواء بزيادة قدرها 26 ميلًا حول خط الاستواء عما هي عليه من القطب إلى القطب نتيجة قوة الطرد المركزية الناتجة بفضل تلك الحركة الدورانيه فإذا تباطأت الأرض تدريجيًا فإن المياه المنتفخة من المحيطات ستبدأ في الابتعاد عن خط الاستواء باتجاه القطبين على هيئة أمواج عملاقة ستكون أكثر فتكًا من تسونامي و بمجرد أن تتوقف الأرض عن الدوران تمامًا فسوف تغمر المحيطات معظم الأرض تاركة قارة عملاقة واحدة حول منتصف الكوكب و محيطين كبيرين عند الأقطاب .
الغلاف الجوى
كما أسلفنا فأن الغلاف الجوى يدور بالتزامن مع الأرض و لكن مع تباطؤها سيبدأ ذلك الغلاف في تتبع تدفق المحيطات نحو القطبين و سيؤدي هذا في النهاية إلى جعل الهواء أكثر سمكًا عند القطبين و أرق عند خط الاستواء لذلك فلن يكون هناك سوى أربع نقاط حول خطوط العرض الوسطى يمكن للبشر البقاء على قيد الحياة فيها .
الاضطرابات الجيولوجية
تتكون الأرض من طبقات رئيسية و هى النواة و الوشاح و القشرة و نظرًا لأن كل طبقة تتكون من مادة مختلفة عن الأخرى و عند حدوث تباطأ فى دوران الأرض فإن كل طبقة منهم سوف تتباطأ بمعدل مختلف عن الاخرى بشكل يؤدي إلى حدوث احتكاك هائل بين الطبقات سيؤدي إلى حدوث زلازل لم تشهدها الأرض من قبل و ثورات بركانية شديدة خاصة في قاع المحيط و ستحاول الحمم الموجودة في باطن الأرض العثور على أي شق و فجوة للحفاظ على زخمها و الخروج منها حتى و لو كانت من الحفر التي لم تنفجر لفترة طويلة و بمجرد توقف الأرض عن الدوران تماما سوف تنخفض تلك الاضطرابات الجيولوجية.
الإشعاع الشمسى
يعتقد العلماء أن المجال المغناطيسي للأرض يتكون بسبب دورانها حول محورها و احتواء نواتها على معدن الحديد المنصهر لذلك فإذا توقفت الأرض عن الدوران فسوف يختفى ذلك المجال المغناطيسي مما يتركنا غير محميين من أشعات الشمس الضاره مثل الأشعة فوق البنفسجية بالاضافة الى الرياح الشمسية القاتلة و الاشعة الكونيه القادمه من خارج المجموعة الشمسيه كما أن الطيور تعتمد على المجال المغناطيسي لتجد طريقها لذلك فبدونه سوف تضل طريقها .
طول فترة اليوم
لا يتغير طول العام لأن الأرض لا تزال تدور حول الشمس و لكن إذا توقفت الأرض عن الدوران حول محورها فإن كل نهار و ليلة سيستمر ستة أشهر و قد يؤدي هذا بالتبعيه إلى حدوث ارتفاعات و انخفاضات شديدة فى درجات الحرارة تصل إلى 57 درجة مئويه للجزء المواجه للشمس و -55 درجة مئوية للجزء الاخر المظلم .
المناخ
إذا توقفت الأرض عن الدوران فسيستقر الغلاف الجوي أيضًا و معه الطقس الذى سيصبح متوقعًا للغاية حيث سيتم التحكم فيه فقط بواسطة الشمس و سيؤدي الاختلاف الكبير في درجات الحرارة بين النهار و الليل إلى حدوث رياح قوية و التي من شأنها أن تحرك الهواء الدافئ نحو الجانب الليلي الأكثر برودة من الأرض كما ستهب الرياح أيضًا من المناطق الدافئة حول خط الاستواء إلى المناطق القطبية الباردة حيث تلتقي الرياح الشرقية والغربية باتجاه القطبين لتحدث فيه دوامات ضخمة قد يصل حجمها الى قارات بأكملها كما سيغزو التصحر الغابات حيث تؤدى تلك التغيرات المناخيه الى نتائج كارثية بالنسبة للكائنات الحية التي تعتمد على بيئات معينة .
أقرأ أيضا : أشهر تسعة ظواهر فضائية غامضه داخل مجموعتنا الشمسيه أحتار العلماء فى الوصول لتفسيرات منطقية لها
القمر
فى وقتنا الحالى يكون دوران الأرض أسرع من القمر مما يؤدي إلى تحركه ببطء بعيدًا عن الأرض فإذا توقف الدوران سيبدأ القمر في التحرك بشكل عكسى نحو الأرض و سيؤدي ذلك في النهاية إلى بدء دوران الأرض مرة أخرى و لكن و لسوء الحظ سيستمر القمر في الاقتراب من الأرض حتى يصطدم بها .
خلل فى الساعة البيولوجيه
فى حال توقفت الأرض عن الدوران فإن تناغم الساعة البيولوجية لدى الانسان سوف يتلاشى تمامًا حيث تعتمد العمليات الخلوية الإيقاعية التي تخبر أجسامنا متى ننام ومتى نستيقظ جزئيًا على التغيرات المنتظمة في ضوء الشمس و نظرا لعدم انتظام اليوم صباحا و مساءا كما هو معتاد فإن ذلك سوف يؤدى الى حدوث خلل فى تلك الساعه و التى لا تقتصر على البشر فقط بل على باقى الكائنات الحية الاخرى من حشرات و حيوانات و نباتات بشكل سيؤدى الى حدوث انقلابات فى انماطها السلوكية الطبيعيه .
و رغم تلك التوقعات الكارثيه الا انه و لحسن الحظ يرجح العلماء إن احتمال حدوث توقف مفاجئ للكرة الأرضية عمليا يكاد يكون أمرا مستحيلا خلال السنوات القليلة القادمه و ما سيحدث هو أن الأرض سيتوقف دورانها بشكل تدريجى و تتناقص سرعتها و في هذه الحالة لن تكون هناك آثار كارثية فورية و مع ذلك فعندما تصبح سرعة الدوران منخفضة جدًا ستظل التأثيرات طويلة المدى مميتة الا انها ستحدث بعد ملايين السنين و عندها سنكون قد تقدمنا في ذلك الوقت و استطعنا التوصل إلى حلول للبقاء على قيد الحياة اما على الأرض او فى مكان أخر .