علي الرغم من المخاطر الصحية المرتبطة بتناول اللحوم النيئة التي تشمل التعرض للطفيليات و الديدان و البكتيريا الخطيرة إلا أن الأثيوبيين لا يعيرون لذلك إهتماما بسبب إتباعهم عادة غريبة لا تزال مستمرة حتي اللحظة تتمثل في إقبالهم علي تناوله اللحوم النيئة في المناسبات العائلية مثل حفلات الأعراس أو في الأعياد الكبري عند إنتهاء أسابيع الصيام العديدة التي يتبعها المجتمع الأرثوذوكسي الكبير في البلاد و رغم التحذيرات الطبية المتوالية حول أضرار تلك العادة الغير مألوفة إلا أنها و حتي اللحظة لا تزال خياراً مفضلاً للكثيرين داخل إثيوبيا .
و يشير المؤرخين إلي أن عادة تناول اللحوم النيئة في إثيوبيا ترجع إلي أوقات الحروب التي خاضها الإثيوبيين علي مدار تاريخهم حيث كان يلجأ المقاتلين الذين كانوا يختبئون في الجبال إلي تناول تلك اللحوم دون طهي لتجنب إشعال النيران التي قد تكشف مواقعهم للأعداء و مع مرور الزمن تطورت هذه العادة لتصبح جزءاً أساسياً من الثراث الإثيوبي و وسيلة إحتفال في المناسبات المختلفة فعند الزواج أو في نهاية فترات الصيام الطويلة يتم تقديم كميات كبيرة من اللحوم النيئة في تجمعات كبيرة و يقبل الناس علي تناولها إيمانا منهم بأن تلك الممارسة تضفي طابعاً خاصاً لتلك الفعاليات و تجلب الفرح و السعادة علي حد تعبيرهم .
و يعتبر مطعم ” يلمي ” أحد أشهر المطاعم المتخصصة في تقديم اللحوم النيئة بالعاصمة الإثيوبية ” أديس أبابا ” حيث يقول مالكه ” تمسجن يلمي ” إنه يتناول اللحوم النيئة بشكل يومي تقريبا و يؤكد أن زبائنه لم يتعرضوا لأي أضرار صحية نتيجة ذلك و يضيف ” تمسجن ” أن مطعمه يتخذ كافة الإجراءات الصحية الضرورية لضمان جودة تلك اللحوم حيث يتم نقلها بإستخدام شاحنات مجهزة و مخصصة كما أنها تخضع لمراقبة وزارة الزراعة للتأكد من خلوها التام من أي طفيليات أو أمراض إضافة إلي أن المطعم يعمل علي مدار اليوم دون توقف لضمان أن تكون اللحوم طازجة و من أجل تقليل فرص تلوثها و إنتشار الأمراض بها .
و رغم الحرص الذي يبذله مطعم ” تمسجن ” و غيره من المطاعم إلا أنه طبيا يعد تناول اللحوم النيئة أمر محفوفًا بالمخاطر الصحية حيث يشير الأطباء إلي أنها ترفع من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض بدءاً من الأمراض المعوية مثل العدوي بالطفيليات أو الإصابة بالدودة الشريطية وصولاً إلي أمراض أخري غير معدية لكنها تمثل خطورة كبيرة علي حياة الإنسان مثل السكتة الدماغية و أمراض القلب و ذلك بسبب أن الإثيوبيين يفضلون تناول اللحوم النيئة و هي مغطاة بالدهون البيضاء التي تحتوي علي نسب عالية من الدهون الضارة التي ترفع من معدلات الكوليسترول و تزيد من مخاطر الإصابة بهم .
أقرأ أيضا : الفاماديهانا .. تقليد غريب يقوم فيه سكان مدغشقر بإستخراج الجثث و الرقص معها
و حتي اللحظة و رغم كل تلك التحذيرات التي يطلقها الأطباء إلا أن الإثيوبيين لا يزالون مرتبطين بممارسة تلك العادة الغريبة التي تشهد قبول واسع داخل مجتماعتهم و من المرجح أن تستمر لأجيال طويلة بإعتبارها جزءاً من هوية الإثيوبيين الثقافية لذلك يري البعض أنه من أجل محاولة تقليل تلك المخاطر فيجب عليهم اللجوء إلي الصيدليات و شراء الأدوية الوقائية التي تصرف دون وصفة طبية من أجل مساعدتهم في التخلص من الطفيليات دون الحاجة للإمتناع عن تناول اللحوم النيئة .