تعتبر حقبة الثلاثينيات و الأربعينيات واحدة من أحلك الفترات التى مرت على تاريخ الولايات المتحدة حيث بدأت بفترة الكساد العظيم الذى تسبب فى إغلاق الكثير من المؤسسات بعد إشهار إفلاسها و فقدان الملايين لوظائفهم و طرد ألاف الأسر من منازلهم و تشريدهم ثم تبع ذلك الحرب العالمية الثانية التى أنصب فيها إهتمام الدولة فى المجهود الحربي على حساب التنمية و هى كانت أسباب كافية لإنتشار الإحباط و الجوع و و الفقر و اليأس و هو ما دفع تلك الأم الموجودة بالصورة و التى تعيش فى مدينة شيكاغو بولاية الينوى بوضع لافته تعرض أبنائها للبيع فى فناء منزلها الامامى مكتوبا عليها ” اربعة ابناء للبيع .. الاستعلام بالداخل ” و هم أمامها جالسين و مرتبكين بينما تخفي وجهها عن المصور الصحفي .
التاريخ : اغسطس عام 1948 .
المصور : مصور جريدة ” فيديت ماسنجر ” الأمريكية .
التفاصيل : ترجع خلفية صورة الأم التى تعرض أبنائها للبيع إلى فترة الاربعينيات من القرن الماضى و التى تعد فترة صعبة من تاريخ “الولايات المتحدة” نظرا لخوضها غمار الحرب العالميه الثانيه و التى انتهت تاركة بصماتها على البلاد لعقود فخلال فترة الحرب تم تقنين الطعام و الإمدادات و ندرت فرص العمل و على الرغم من أن نهايتها كانت بمثابة طفرة اقتصادية في البلاد الا انه لم يجنى الكثيرين ثمارها بشكل فورى حيث استغرق الانتعاش في بعض الحالات لسنوات و سنوات الامر الذى كان له تأثيرا سلبيا على الأسر و التى كانت منها اسرة السيدة “لوسيل شاليفو” التى كانت تبلغ من العمر 24 عامًا و لديها اربعه اطفال و هم على الترتيب فى الصورة ” لانا 6 سنوات و رايان 5 سنوات و ميلتون 4 سنوات و سو ايلين سنتين “” بالاضافه الى حملها فى طفلا خامسا و معها زوجها “راي” البالغ من العمر 40 عامًا و الذين كانوا يواجهون التهديد بالطرد من منزلهم في ذلك الوقت حيث فقد “راي” وظيفته كسائق شاحنة للفحم و لم يعد باستطاعته إطعام الكثير من الأفواه و لم يكن لديهم اى حلول سوى بيع أطفالهم بالمزاد و وضع لافتة تشير الى ذلك كما هو موضح بالصورة .
و لعل البعض يظن أن صورة الام و هى تعرض أبنائها للبيع مزحه الا انها كانت حقيقيه بالفعل حيث تم بيعهم بالاضافه الذى حملته بعد عامين من التقاطها ليخوضوا المزيد من المشقة في منازلهم الجديدة حيث تم بيع الطفلة “رايان” مقابل دولارين و شراء اخيها “ميلتون” بمبلغ غير معروف لعائلة تعمل بالزراعه تسمى ” زويتمان ” فى اغسطس عام 1950 و تم تغيير اسمائهم الى “بيفرلى و كينيث” حيث واجهوا الكثير من الصعاب فى ذلك المنزل بعد أن كان اغلب اوقاتهم مقيدين بالسلاسل في حظيرة و يجبرون على العمل لساعات طويلة في الحقل و يتذكر ميلتون أن والده بالتبنى أطلق عليه اسم “العبد” وهي تسمية لم يفهم ما تعنيها فى ذلك الوقت .
اما شقيقهما “ديفيد” و الذى كان فى بطن امه خلال التقاط تلك الصورة فقد تم تبنيه بشكل قانوني من قبل “هاري ولويلا مكدانيل” و اللذان رغم صرامتهم الدينيه الا انها كانت اسرة محبه و داعمه له و يقول انه كان معتاد على ركوب دراجته لرؤية أشقائه ” رايان و ميلتون ” و فك قيودهم قبل العودة إلى المنزل و عند بلوغ اخته “رايان” سن 17 غادرت المكان التى كانت تعيش فيه بعد تعرضها لاعتدائات وحشيه حيث تعرضت خلال مراهقتها للاختطاف والاغتصاب مما أدى إلى حملها و إرسالها إلى منزل للفتيات الحوامل ثم تم تبنى طفلها بعد وضعه اما اخيها “ميلتون” فعندما كبر كان رد فعله نتيجة الضرب و التجويع و الانتهاكات الأخرى التى تعرض لها من تلك الاسرة غاضبه و عنيفه حيث تم القاء القبض عليه و اعتبره القاضي خطرًا على المجتمع و أمضى عدة سنوات في مصحة للأمراض العقلية بعد أن أجبر على الاختيار بينها وبين مركز احتجاز للأحداث اما “ديفيد” فقد هرب من اسرته و هو بعمر 16 عاما و التحق بالجيش .
اما بالنسبة للاختين ” لانا و سو ايلين ” فلم يعرف الاشقاء عنهم اى شئ بعد بيعهم و لكن بعد مرور سنوات طويله تمكنوا من إعادة التواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث توفيت “لانا” في عام 1998 اما “سو إيلين” فكانت لا تزال على قيد الحياة حيث كانت قد نشأت في مكان ليس بعيدًا عن منزلها الأصلي و كان رأيها في والدتها التى باعتها بانها يجب أن تكون في الجحيم أما بالنسبة لمصير الام التى ظهرت و هى تعرض أبنائها للبيع فقد انفصلت عن زوجها و تزوجت مرة اخرى و انجبت اربع فتيات و عندما كان يزورها أطفالها الذين باعتهم لرؤيتها وصفوها بأنها تفتقر تمامًا إلى أى مشاعر حب لهم أو تشعر بأي ندم على تركهم يذهبون منها حيث يقول ” ديفيد ” بمجرد أن رأتني أمي قالت أنت تشبه والدك تمامًا و لم تعتذر قط عن فعلتها في ذلك الوقت اما “ميلتون” فقد قال : “أمي الأصلية لم تحبني أبدًا و لم تعتذر عن بيعي لقد كرهتني كثيرًا لدرجة أنها لم تهتم بى “.