يعتبر الفيلم البريطاني 28 يوما لاحقًا أو 28 Days Later واحدا من أبرز أفلام الرعب بعد أن نال شهرة عالمية لا تقل عن الأعمال السينمائية الأمريكية التي ناقشت فكرة الصراع مع الموتي الأحياء أو كما يطلق عليهم الزومبي و ذلك علي الرغم من ميزانية إنتاجه البسيطة التي لم تتجاوز 8 ملايين دولار أمريكي و لعل أكثر المشاهد إبهارا للمشاهدين كانت الإفتتاحية التي ظهر فيها البطل كيليان مورفي أثناء تجواله في شوارع لندن و هي خاوية تماما علي عروشها في وقت من المعروف عنه أنه الأكثر إزدحاما بها علي مدار اليوم و ذلك عقب إفاقته من غيبوبة أستمرت لشهر إجتاح فيها فيروس للبلاد قام بتحويل سكانها إلي موتي أحياء و نظرا للواقعية الشديدة التي إتسمت بها تلك المشاهد من خلال تصويرها في أماكنها الحقيقية و إبتعاد مخرج العمل داني بويل عن الإعتماد علي تقنيات الـ CGI فقد حصل الفيلم علي إشادات كبيرة و تقييمات مرتفعة لأنه بالفعل بذلت فيه مجهودات ضخمة من قبل فريق العمل لإنتزاع تلك اللقطات في وقت كانت فيه لندن تعمل بكامل طاقتها و بأنشطتها اليومية المعتادة .
و من خلال فيلم 28 يوم لاحقًا 28 Days Later نري أن أحداثه جلبت نظرة مختلفة لفكرة الموتي الأحياء علي أساس أنهم لم يكونوا كذلك بالأصل بل كانوا بشر عاديين و تحولوا نتيجة إنتشار فيروس غامض خلال جائحة ضربت مدينة لندن و تبقى على إثرها عدد قليل فقط من الناجين على قيد الحياة و الذين يصارعون من أجل البقاء و يحاولون تجنب هؤلاء الموتي السائرين الذين يمزقون البشر بلا رحمة لذلك كان من المهم للمخرج “داني بويل” أن يجعل المدينة تبدو فارغة و هو أمر يبدو مستحيلًا في واحدة من أكبر المناطق الحضرية في العالم لذلك كان من المثير للإعجاب ظهور العديد من المشاهد التي تظهر مدينة لندن المعروفة بإزدحامها و هي بلا حياة .
و في حين أن إفتتاحية فيلم 28 يوم لاحقًا 28 Days Later تتشابه إلي حد كبير مع المسلسل الشهير الموتي السائرين The Walking Dead إلا أن تصويرهم تم بطرق مختلفة تماما حيث لم تستخدم المشاهد التي ظهرت فيها مدينة “لندن” و هي فارغة داخل الفيلم أي تقنيات للـ CGI و لكن تم تحقيق ذلك بإستخدام تقنية بسيطة و هي الإستيقاظ مبكرًا ففي خلال مقابلة أجريت عام 2019 كشف الممثل “كيليان مورفي ” عن كيفية تصوير تلك المشاهد الصعبة قائلا أن الطاقم أحتاج إلي بدء العمل في الساعات الأولي من الصباح و إنتظار الفجر لبدء التصوير قبل أن تنشغل المدينة كما تم إستخدام العديد من الكاميرات الصغيرة سهلة المناورة و هو ما سمح للطاقم بتجميع اللقطات بسرعة و بملمس واقعي خاصة مع إقتران تلك المشاهد بساعات الصباح الأولي التي يكتنفها الصمت المخيف و هو ما يجعل تلك المشاهد تقشعر لها الأبدان .
و ما يزيد من عظمة إلتقاط تلك المشاهد في فيلم 28 يوم لاحقًا 28 Days Later هو ظهور جسر وستمنستر برفقة المعالم التي تحيط به مثل ساعة بيج بن من جهة و عين لندن من جهة أخرى حيث تعتبر مشاهد التصوير الموجودة على جسر وستمنستر تحديدا و التي من المفترض أن تُظهر لندن مهجورة هو إنجاز مذهل لأن ذلك الجسر يقع في وسط المدينة مباشرةً و يعتبر أحد أكثر الطرق ازدحامًا بسبب قربه من مجلسي البرلمان و الضفة الجنوبية و هو ما جعل تلك المشاهد مروعة حقا للبريطانيين الذي لم يتوقعوا علي الإطلاق أن يكون ذلك المكان بهذا الشكل مما يثبت أن تقنيات التصوير غير التقليدية و المحدودة الميزانية التي إبتكرها “داني بويل” قد آتت أكلها بالتأكيد .
و بالإضافة إلي ما سبق كان الغرض من مشاهد الجسر في 28 يوم لاحقًا 28 Days Later هو تعريف الجمهور ببطل الفيلم “جيم” و كذلك تعريفه بواقعه الجديد و الصادم لأن تلك اللحظات قد حددت طبيعة العمل السينمائي و هيئت الجمهور لما هو قادم من الأحداث كما عملت أيضًا على إظهار مدي الخراب الذي تسبب فيه ذلك الفيروس و أوصل البلاد لتلك الصورة الغير معتادة لدي البريطانيين لأبرز شوارع “لندن” المختفية فيها أي حركة للمرور لذلك فهم يعتبروه واحد من أعظم أفلام الرعب البريطانية عبر كل العصور بسبب الفراغ المدهش للمدينة و لأداء ” كيليان ميرفي ” الرائع في هذه اللحظات بالإضافة إلي التصوير في أماكن أخري و التي إشتملت قصر ” ترافلجار بارك ” في ” سالسبيري ” و منزلا ريفيا في “إينيردال ” علي الرغم من أنها لم تكن بنفس صعوبة تصوير مشاهد وسط لندن و الطريق السريع M1 .
أقرأ أيضا : روح شريرة Poltergeist : فيلم الرعب الذى أصبح لعنة على أبطاله
و نتيجة نجاح إستراتيجية تصوير المخرج ” داني بويل ” بتنفيذ المشاهد المطلوبة في أماكنها الحقيقية في فيلم 28 يوم لاحقًا 28 Days Later فقد دفع ذلك العديد من منتجي هوليوود لحذو نفس الإتجاه خاصة أنها لم تكن مكلفة جدا مقارنة بالإعتماد علي تقنية الـ CGI بالإضافة إلي ظهور مواقع التصوير داخل الفيلم و هي أكثر واقعية عن التي يتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر و لعل أبرز الأمثلة التي إتبعت ذلك هو تصوير فيلم أنا أسطورة I Am Legend للنجم “ويل سميث” و الذي بدء هو الأخر إفتتاحيته داخل شوارع مدينة نيويورك الخالية من أشكال الحياة حيث تكلفت تلك المشاهد 40 مليون دولار و على الرغم من أنها لم توفر الكثير من المال حينها إلا أنها أضافت أصالة إلى اللقطات مع الإعتماد بشكل أقل علي تقنية الـ CGI و ذلك لمحو ظهور على أي شخص قد يتجول داخل تلك المشاهد .