ممثلا و كاتبا و مخرجا كوميديا بريطانيا و يعتبر واحدا من أعظم مبدعى القرن العشرين و و وصفه يوما الكاتب الساخر برنارد شو بأنه العبقرى الوحيد الذى خرج من صناعة السينما و الذى اشتهر بظهوره المميز فى معظم أفلامه بشخصية الرجل المتشرد الساذج ذات القلب الطيب المرتدى بدلة رثه و يمشى بشكل مضحك فى الشوارع و هو متكأ على عصاه ليواجه الكثير من المواقف المحرجة التى ينجو منها بأعجوبه و بشكل طريف , كما يعد من أهم الشخصيات التى كان لها تأثير كبيرا فى عالم السينما بعد تقديمه الكثير من الأفلام بأسلوب خاص لا يستطيع أحد أن يفعله سوى تشارلى تشابلن نفسه المعتمد على مزج اللون التراجيدي بالكوميديا و قدرته على انتزاع ضحكات الجمهور داخل قاعات السينما فى أشد لحظات الفيلم مأساويه و فقط بمجرد حركات او إيماءات من دون ان يقول كلمة واحدة و فى نفس الوقت لا تنتهى من مشاهدة ذلك الفيلم الا و ان يكون قد وصلك منه هدف و رسالة انسانية ساميه و رغم أن معظم أفلامه قد انتجت فى عصر السينما الصامته الا أنها و حتى اللحظة لا تزال مخلدة فى وجدان المشاهدين و يقبل عليها الجميع صغارا كانوا أو كبار .
نشأته
ولد “تشارلز سبنسر تشابلن” في 16 أبريل عام 1889 في لندن بإنجلترا و يعتبر صعود تشابلن إلى الشهرة هو قصة كفاح حقيقية للانتقال من الفقر إلى الثراء فوالده ” تشارلز تشابلن ” كان سئ السمعه و كثير الشرب و تخلى عنه هو و أمه ” هانا تشابلن ” و أخيه الأكبر غير الشقيق “سيدني ” بعد فترة وجيزة من ولادته و ترك الولدين فى رعاية والدتهم التى كانت تعمل مغنية فى قاعة الموسيقى تحت اسم فنى ” ليلي هارلي ” حيث تمكنت من إعالة أسرتها لبضع سنوات و فى احدى الايام و خلال صعودها على خشبة المسرح للغناء فقدت “هانا” صوتها لسبب غير مفهوم في منتصف العرض مما دفع مدير الإنتاج إلى دفع “تشابلن” البالغ من العمر خمس سنوات و الذي سمعه يغني قبل ذلك إلى المسرح ليحل محلها .
و ذهل الجمهور من جمال ادائه و حضوره الطبيعي و زاويته الكوميدية حتى انه كان يقلد والدته التى لم يعد اليها صوتها الغنائي أبدًا و نفد مالها في النهاية و تصاب بمشاكل عقلية حادة و يعانى معها اطفالها خلال مرضها و يواجهون حياة التشرد حيث اضطر “تشابلن” و اخيه “سيدني” إلى الاقامة فى مؤسسات للاطفال الفقراء .
حياته المهنيه
و نتيجة حبه لخشبة المسرح الذى عرفه من عمل والدته كان “تشارلى تشابلن” مصممًا على الدخول الى عالم الفن و في عام 1897 و باستخدام اتصالات والدته انضم الى احد الفرق الفنيه لفترة قصيرة الا أنها كانت تجربة غير مربحة ماديا و أجبرت الشاب على تغطية نفقاته بأي طريقة ممكنة أخرى حيث يقول بنفسه عن تلك المرحله “كنت اعمل بائعًا للصحف و فى المطبعه و مساعد طبيب وما إلى ذلك و لكن خلال هذه المهن لم أفقد أبدًا هدفي النهائي في أن أصبح ممثلاً لذلك فكنت معتادا دائما بين تلك الوظائف ان أقوم بتلميع حذائي و تنظيف ملابسي و إجراء مكالمات دورية بالفرق المسرحيه ” .
و جائت الفرصة أخيرا لـ ” تشارلى تشابلن ” عندما جاء اليه عمل مسرحى حيث ظهر لأول مرة كممثل فى مسرحية ” شيرلوك هولمز ” و نال اداءه فيها اعجاب الكثيرين من الجمهور و تجول مع فرقة مسرحية تُدعى ” سيرك كيسى ” و في عام 1908 تعاون مع فرقة ” فريد كارنو ” لفنون البانتومايم حيث أصبح “تشابلن” أحد نجومها و معها زار ” تشابلن ” “الولايات المتحدة” لأول مرة حيث لفتت موهبته انتباه المنتج السينمائي “ماك سينيت” الذي وقع عقدًا مع تشابلن مقابل 150 دولارًا في الأسبوع .
و في عام 1914 ، ظهر ” تشارلى تشابلن ” لأول مرة في فيلم بعنوان Make a Living و لتمييز نفسه عن الممثلين الآخرين في أفلام ذلك المنتج قرر أن يلعب بشخصية واحدة يمكن التعرف عليها فور رؤيتها و ولدت شخصية الصعلوك التى كانت بداية تعرف الجمهور بها فى فيلم Kid Auto Races at Venice (1914) و خلال العام التالي ظهر تشابلن في 35 فيلمًا و هي مجموعة تضمنت فيلم Tillie’s Punctured Romance الذى يعتبر أول فيلم كوميدي كامل الطول ثم ترك “تشابلن” المنتج “سينيت” لينضم إلى شركة “إيساناى ” التي وافقت على أن تدفع له 1250 دولارًا في الأسبوع و مع تلك الشركه بدء ذلك الممثل الشاب فى الصعود الى سلم النجوميه و عين في ذلك الوقت شقيقه “سيدني” ليكون هو مدير أعماله .
و خلال سنته الأولى مع الشركة أنتج “تشابلن” 14 فيلمًا منهم فيلم المتشرد The Tramp (1915) الذى يعتبر بداية تأسيس شخصية “تشابلن” حيث ظهر فيه كبطل يقوم بإنقاذ ابنة مزارع من يد اللصوص و في سن 26 كان “تشابلن” أصبح نجما و انتقل إلى شركة ” ميوتشوال ” التي كانت تدفع له مبلغًا ضخمًا قدره 670 ألف دولار سنويًا مما جعله ثريا و قدم مع تلك الشركه بعضًا من أفضل أعماله مثل One A.M. (1916) و The Rink (1916) و Vagabond (1916) و Easy Street (1917).
و من خلال عمله الفن عُرف عن ” تشارلى تشابلن ” بأنه منشد للكمال الذى يرهق من يتعاملون معه حيث كان حبه للتجربة تعنى عمليات لا حصر لها من أجل تنفيذ طلباته كما أنه لم يكن من غير المألوف بالنسبة له أن يبدأ التصوير مع ممثل و يدرك أنه قد أخطأ في اختياره و يبدأ من جديد مع ممثل أخر و رغم ذلك فى خلال عشرينيات القرن الماضي ازدهرت مسيرة “تشابلن” المهنية بشكل أكبر و قام ببعض الأفلام البارزة مثل The Kid (1921) و The Pilgrim (1923) و A Woman in Paris (1923) و The Gold Rush (1925) و The Circus (1928) و تم إصدار الثلاثة أفلام الأخيرة من قبل شركة ” يونايتد أرتيست ” التى أسسها “تشابلن” عام 1919 مع “دوجلاس فيربانكس ” و “ماري بيكفورد ” و “دي. جريفيث” .
و بفترة الثلاثينيات واصل ” تشارلى تشابلن” إنتاج أفلام شيقة و جذابة ففي عام 1931 أصدر فيلم City Lights الذى حقق نجاحا نقديا و تجاريا و تبعه المزيد من النجاح و الاشادة مع فيلم Modern Times (1936) الذى قدم فيه نقد لاذع لحالة البنى التحتية الاقتصادية و السياسية في العالم حيث قام ” تشابلن ” بصناعة ذلك الفيلم بعد جولة سياحيه قام بها لفترة استمرت لـ 18 شهرًا بين عامي 1931 و 1932 و هي رحلة شهد خلالها قلقًا اقتصاديًا و ارتفاعًا حادًا في النزعة القومية في أوروبا التى دفعته الى الانتقاد و السخرية من حكومتي “هتلر” و “موسوليني” فى فيلمه The Great Dictator (1940) حيث قال في وقت قريب من عرض الفيلم : “أنا مجرد إنسان يريد أن يرى فى تلك البلاد ديمقراطية حقيقية “.
أقرأ أيضا : الديكتاتور العظيم .. فيلم صنعه تشارلى شابلن للسخرية من هتلر و استفزازه عند مشاهدته فماذا كان رد فعله ؟
و رغم مواهب ” تشارلى تشابلن ” الفنيه الا انه واجه بعض من المشاكل خلال حياته حيث أدت علاقاته الرومانسية إلى توبيخه من قبل بعض الجماعات النسائية مما أدى إلى منعه من دخول بعض من الولايات الأمريكية و مع دخول العالم حقبة الحرب الباردة انتقد ما يحدث من مظالم داخل “الولايات المتحدة” تحت اسم محاربة الشيوعية في البلاد و هو امر جعله يصبح هدفًا للمحافظين اليمينيين حيث دعا النائب “جون إي رانكين” عن ولاية “ميسيسيبي” الى ترحيله من البلاد و في عام 1952 قرر المدعي العام للولايات المتحدة ان ” تشارلى تشابلن ” لن يسمح له بالعودة الى البلاد ما لم يثبت “قيمته الأخلاقية” حيث كان يبحر وقتها إلى “المملكة المتحدة” في إجازة ليرد ” تشابلن ” غاضبا وداعا للولايات المتحدة حيث أقام في مزرعة صغيرة بسويسرا.
سنواته الأخيرة و وفاته
مع اقتراب نهاية حياته قام “تشابلن” بزيارة أخيرة للولايات المتحدة عام 1972 للحصول على جائزة الأوسكار الفخرية و جاءت الرحلة بعد خمس سنوات فقط من فيلم “تشابلن” الأخير Countess from Hong Kong (1967) و هو الفيلم الملون الأول و الوحيد له و على الرغم من طاقم الممثلين الذي شمل “صوفيا لورين” و “مارلون براندو” إلا أن الفيلم كان سيئًا في شباك التذاكر و في عام 1975 حصل تشابلن على مزيد من التكريم عندما حصل على لقب “فارس” من قبل الملكة إليزابيث الثانية.
و في الساعات الأولى من صباح يوم 25 ديسمبر عام 1977 توفي ” تشارلى تشابلن ” في منزله بسويسرا حيث كانت زوجته “أونا أونيل ” و سبعة من أبنائه بجانبه وقت وفاته و بعد فترة وجيزة من دفنه سرق جثمانه من قبره بالقرب من بحيرة جنيف في “سويسرا” على يد رجلين الذين طالبا بمبلغ 400 ألف دولار لإعادته الا انه تم القبض عليهم و الوصول الى جثمانه بعد 11 أسبوعًا.
زوجاته و أبنائه
بجانب شهرة ” تشارلى تشابلن ” فى افلامه الا انه كان مشهورا بنفس القدر بسبب حياته الخاصه حيث تعددت علاقته مع الممثلات اللواتي كان لهن أدوار في أفلامه ففي عام 1918 تزوج من “ميلدريد هاريس” البالغة من العمر 16 عامًا و استمر الزواج لمدة عامين فقط و في عام 1924 تزوج مرة أخرى من الممثلة “ليتا جراي” البالغة من العمر 16 عامًا أيضا والتي مثلت معه في فيلم The Gold Rush حيث كان ذلك الزواج ناتجًا عن حمل غير مخطط له و نتج عن تلك الزيجه ولدين لشابلن “تشارلز جونيور و سيدني” و كان زواجًا غير سعيدا لكلا الشريكين انتهى بالانفصال عام 1927.
و في عام 1936 تزوج “تشابلن ” مرة أخرى من فتاة اشتهرت باسم “بوليت جودارد” و استمروا سويا حتى عام 1942 و تبع ذلك اقامة دعوى قضائيه ضده من ممثلة أخرى تدعي “جوان باري ” تتهمه بأنه والد ابنتها الا ان الاختبارات اثبتت أن “تشابلن” ليس الوالد و رغم ذلك الا ان هيئة المحلفين أمرته بدفع نفقة الطفل و اخيرا و فى عام 1943 تزوج ” تشارلى تشابلن” من “أونا أونيل” البالغة من العمر 18 عامًا ابنة الكاتب المسرحي “يوجين أونيل” حيث استمر الاثنان في زواج سعيد حتى وفاته أثمر عن ثمانية أطفال.