تخيل أنه لحظة دخولك إلى إحدى الحفلات تتفاجئ بأن الأطباق و القطع الخزفية تتطاير أمامك في الهواء ثم يتناثر الخزف المكسور في جميع أنحاء الأرض و يبدو المكان و كأنه تحول إلي ساحة حرب تقريبًا و الأدهى من ذلك أنه يحدث خلال الإعداد لحفل زفاف و هو مشهد بالتأكيد سيولد لديك شعور بأن العلاقة بين الزوجين قد إنتهت حتي من قبل أن تبدء و لكن ليس في ألمانيا لأن ما تراه أمامك و يبدو كأنه قتال محتدم بين الزوجين هو في الواقع عادة معروفة يطلق عليها إسم بولترابند و فيه يقوم الزوجان بتكسير الأطباق و الأواني قبل حفل الزفاف من أجل بدء حياة زوجية حسنة وفقًا للمقولة الألمانية القديمة التي تقول أن الشظايا تجلب الحظ السعيد .
و يشير المؤرخين إلي أن تقليد بولترابند تقام فعالياته منذ قرن من الزمن لكن الأصول الدقيقة له ليست واضحة تمامًا و مع ذلك تشير بعض المصادر إلي أن أصوله ترجع إلي أواخر العصور الوسطى ثم تطورت بوقت لاحق في القرن التاسع عشر و أن إسمه مشتق من كلمة ” بولتراجيستبيند ” الألمانية و التي تعني “مساء الروح الشريرة” و فيه كان الناس يقومون بطرد الأرواح الشريرة و الأشباح و الشياطين بإستخدام الضوضاء العالية و هكذا فإن تحطيم الخزف الصيني في تلك العادة يكون بغرض حماية الزوجين من الشر بطريقة رمزية .
و تقليديا من المفترض أن يقام حفل بولترابند قبل منتصف ليل الليلة التي تسبق حفل الزفاف حيث ينظر إليه الكثيرين علي أنه تقليد يمثل الإنتقال من حياة العزوبية إلي الزوجية و لكن في الوقت الحاضر أصبح من الشائع جدًا الإحتفال به قبل أسبوع من يوم الزفاف و يفترض أن يقام الحفل أمام منزل والدي العروس و لكن إذا لم تسمح الظروف بذلك فقد يقام في أماكن أخري بديلة شريطة أن يكون ذات مساحة كافية تسمح بعدم إعاقة الأطباق الطائرة .
و على الرغم من ضرورة وجود دعوات لحضور حفل الزفاف إلا أن الزوجين يعلنان صراحةً عن وقت و تاريخ حفل بولترابند و بالتالي ليست هناك حاجة إلى دعوة أحد و يمكن لأي شخص الحضور في هذا اليوم حيث تكون مناسبة رائعة للمعارف أو الجيران الذين لن يتسنى لهم حضور حفل الزفاف و عادة ما يجلب الضيوف هدايا صغيرة في هذه المناسبة و رغم بساطة الإحتفال بتقليد البولترابند مقارنة بالزفاف إلا أنه لا يخلو من الطعام و الشراب حيث يكون الطبق المفضل في تلك الفعالية هو حساء الدجاج القديم لمذاقها التقليدي اللذيذ و لرمزيتها أيضًا ففي الماضي كان الضيوف يسلمون الدجاج للعروسين كرغبة في الخصوبة و في الوقت الحالي يتم نفس الشيء مع الحساء .
و في حفل بولترابند يقوم الضيوف بشكل أساسي بإحضار جميع أنواع المشغولات الخزفية القديمة التي يريدون التخلص منها مثل الأكواب و الأطباق و القطع الفخارية و الأواني و بلاط السيراميك و يتم تجنب القطع المصنوعة من الزجاج لأنه ليست كل أنواع الشظايا ستجلب الحظ السعيد فوفقًا للخرافة الشائعة فإن الزجاج المكسور و خاصة المستمد من المرايا معناه سبع سنوات من الحظ السيئ و هذا بالتأكيد ليس ما يتمناه الحضور للزوجين في هذا اليوم , و إعتمادا علي التقاليد الفردية تقوم بعض العائلات بإلقاء الخزف الخاص بهم مباشرة عند وصولهم بينما يقوم البعض الأخر بالإنتظار حتى وصول الجميع ثم تحطيم الخزف الصيني بشكل جماعي في إنسجام تام و بعد قيام الضيوف بواجبهم يجب علي الزوجين مسح الأرضية معًا و التخلص من جميع الشظايا حيث يمثل هذا العمل الرمزي التحديات المستقبلية التي سيتعين على الإثنين إتقانها معًا أثناء زواجهما .
أقرأ أيضا : ساتي .. تقليد هندي غريب تحرق فيه الزوجة نفسها لمرافقة زوجها الراحل إلي العالم الأخر
و علي الرغم من تأنق العروس و العريس في حفل الزفاف بإرتدائهم لفستان و بدلة إلا أن ملابسهم في تقليد البولترابند تكون غير رسمية و يؤخذ في الإعتبار ألا تكون من ملابسهم المفضلة لأنه عندما تدق الساعة معلنة منتصف الليل تظهر عادة أخرى شائعة بشكل خاص في شمال ألمانيا يقوم فيها الضيوف بحرق سروال العريس و تثبيت حذاء العروس على لوح خشبي كرمز لضمان بقاء الزوجين مع بعضهم و عدم هروب أحدهم من الأخر و في بعض المناطق تكون أيضًا حمالة صدر العروس ضحية للنيران و أخيرًا يتم دفن رماد كل تلك الأشياء مع زجاجة من الكحول و بعد مرور عام يقوم الزوجان و الأصدقاء بإستخراج الزجاجة و شربها معًا .