توجد مقولة شهيرة في اللغة العربية تقول أن حياة ذلك الشخص قد أنقلبت رأسا علي عقب للتعبير عن مدي تبدل أحواله من نقيض إلي أخر و علي الرغم من أنها قد تظهر عبارة مجازية لكنها من الممكن أن تكون واقعية في عالم الطب الذي شهد حالة غريبة من نوعها لإمرأة صربية تدعي بوجانا دانيلوفيتش و التي تبلغ من العمر 38 عاما و تعاني من عدم قدرتها علي رؤية أي شئ أمام عينيها بشكل صحيح إلا إذا كان مقلوبا و كثيرا ما حاولت البحث عن علاج لمشكلتها لدي الأطباء الذين وقعوا بدورهم في حيرة كبيرة لعدم تعاملهم مع أي حالات مشابهة من قبل مما صعب عليهم التفسير كما أنه لا توجد أي مشكلة مرضية لدي تلك المرأة و هو ما زاد الأمر تعقيدا لعدم وجود أي شئ ما قد يؤدي علاجه إلي الوصول لحل .
بدأت تلك الحالة الغريبة مع ” بوجانا دانيلوفيتش ” منذ مولدها فحين بدأت فى الزحف كانت تتحرك إلي الخلف و أستمرت معها تلك الظاهره أثناء نموها خلال المشي و هو الأمر الذى إضطر والدتها الى طلب الحصول على إجازة من عملها لتكريس وقتها من أجل تعليم إبنتها المشي بشكل طبيعى و أستغرقت وقتا كبيرا لتعليمها و تدريبها و لحسن الحظ كللت فى النهاية بالنجاح و تمكنت من المشي بشكل صحيح مثل باقي الأطفال إلا أن تلك المشكلة ظلت ملازمة لها في باقي أنشطة حياتها فخلال مراحل عمرها الدراسية كانت كتابتها تبدء من أسفل الجهة اليمنى من الورقه إلي أعلي الجهة اليسرى و هو ما أثار دهشة زملائها و معلميها الذين حاولوا قدر المستطاع تعليمها أسس الكتابة الصحيحة و لكن دون جدوى نظرا لإصابتها بالإرتباك لذلك أضطروا إلي تركها و شأنها بذلك الوضع خاصة و أن كتابتها علي الرغم من أنها تتم بطريقة معكوسه إلا أنها صحيحة فى النهاية بالإضافة إلي أنها متفوقة دراسيا .
و بعد تخرج ” بوجانا دانيلوفيتش ” إلتحقت بالعمل فى وظيفة إدارية بالمجلس المحلي لمدينتها ” أوزيتشي ” و صارت حديث المكان نظرا إلي أنها قامت بقلب شاشة الكومبيوتر و لوحة مفاتيحه من أجل القيام بعملها على أكمل وجه و أستمرت تلك المعاناة فى منزلها أيضا حيث لا تستطيع مشاهدة التلفزيون إلا إذا كانت شاشته مقلوبة هى الأخرى الأمر الذي أجبر عائلتها علي إستخدام جهاز أخر بالإضافة إلي عدم تمكنها من رؤية هاتفها المحمول أو قرائتها للصحف إلا إذا كانوا مقلوبين أيضا و كثيرا ما واجهت مواقف محرجة من أفراد لا يعلمون أمر حالتها و الذين يقومون بالإقتراب منها و تنبيهها إلي أنها تقرأ بشكل خاطئ .
و مما لا شك فيه أن حالة ” بوجانا دانيلوفيتش ” كانت جديرة بالدراسة و جذبت إهتمام العلماء خاصة من أطباء الأعصاب الأمريكيين من جامعة “هارفارد” و معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذين قاموا بإخضاعها للعديد من الأختبارات و الفحوصات التي خلصت إلي أن الفتاة الصربيه ” بوجانا دانيلوفيتش ” إنسانة طبيعية و غير مصابة بأى مرض له دور فى ذلك إلا أنها لا تستطيع أن ترى بشكل طبيعى مثل سائر البشر بسبب معاناتها من “ظاهرة التوجه المكاني” و هى حالة نادرة جدا فعلي الرغم من أنها تستطيع رؤية الأشياء بشكل طبيعى لكن و لسبب غير مفهوم يقوم المخ بعكسها .
و يضيف العلماء أنه ربما قد يكون هناك بعض من الحالات المشابهه لـ ” بوجانا دانيلوفيتش ” إلا أنها تقتصر فقط علي القراءة و الكتابة الأمر الذي يجعل حالتها فريدة من نوعها لأنها تتسع و تشمل باقي أنشطة حياتها المختلفة لذلك أجريت بعض من المحاولات من أجل مساعدتها و تسهيل معيشتها حيث تم تخصيص برامج تعمل على قلب شاشتها و الكتابة عليها بالإضافة إلي تخصيص نماذج عمل رسمية خاصة يسهل عليها ملؤها بالمقلوب .
أقرأ أيضا : تعرف على الهندي مانى مانيثان الذي قرر المشي فى الشوارع بخطوات إلي الخلف إحتجاجا على العنف الذي يسود العالم
و رغم كل ذلك فتقول ” بوجانا دانيلوفيتش ” عن حياتها أنها بكل تأكيد قد تبدو غريبة بالنسبة إلي الأخرين إلا أنها بالنسبة إليها هى حياة طبيعية لأنها ولدت بها و عاشت عليها و هو أسلوبها لرؤية العالم و إذا كان هناك شئ بالفعل يستحق الضيق منه بسبب ذلك الموضوع فهو عدم إمكانيتها الحصول علي رخصة للقيادة فقط .