كيف سيكون الأمر إذا تمكنا من إيقاف الجرائم قبل حدوثها أو إذا تمكنا من خفض معدل الجريمة في المجتمع من دون أن نبذل أي مجهود ؟ ربما سينظر البعض علي أنه أمر خيالي و لا يحدث سوي في أفلام الخيال العلمي علي غرار فيلم تقرير الأقلية للمخرج ستيفن سبيلبرج إلا أن الواقع ربما يكون أقرب بكثير مما نتصور عقب ما شهده العالم من طفرة تكنولوجية في عالم الذكاء الصناعي و التي تم إستغلالها في عدد من التطبيقات بعضها مفيد لأجهزة الأمن و ذلك بعد قيام شركة تقنية بتطوير برنامج يعمل علي التنبؤ بالجرائم قبل وقوعها بغرض منع أعمال العنف المخالفة للقانون مثل الإغتصاب أو الإعتدائات أو عمليات السطو لضمان تحقيق نسبة أمان أكبر داخل المجتمعات .
و تتمحور فكرة برنامج التنبؤ بالجرائم عن طريق كاميرا تعمل بتقنية الذكاء الصناعي تثبت علي الجسم أو كاميرا أمنية مثبتة علي الطرقات أو علي طائرات بدون طيار أو حتي علي الأقمار الصناعية و تكون مهمتها مراقبة البشر الذين يسيرون في الشوارع ثم جمع المعلومات عنهم بناءً على سلوكياتهم التي يظهروها في وسائل التواصل الإجتماعي و سجلاتهم الجنائية كما أنه يراقب التعبيرات الدقيقة التي تظهر علي الوجه و لا يمكن الإنتباه إليها من قبل رجال الأمن إضافة إلي ملاحظة عدد من السلوكيات الخاصة التي يمكن أن تكشف عن أي نوايا مستقبلية للأفراد أو المجموعات عند وجود ميول لديهم لإرتكاب أي جريمة .
و تم تطوير برنامج التنبؤ بالجرائم بعد إجراء العديد من الأبحاث من خلال شرائح تم زرعها في أدمغة الفئران حيث تمت دراسة الإشارات الكهربائية الواردة من المخ و معرفة طبيعة التفاعل مع المحفزات الخارجية التي يتعرض لها الجسد و من خلال كلا العاملين يتعلم البرنامج بنفس الطريقة التي يتعلم بها البشر أي بواسطة الخبرة و ليس التعليمات كما في البرامج العادية و بالتالي يكون نظامه قادرًا على إلتقاط محفزات جديدة و توقع ردود الفعل المناسبة لها إعتمادا علي الخبرة التي إكتسبها .
و رغم إيجابيات برنامج التنبؤ بالجرائم إلا أن العديدين لم يخفوا قلقهم من إحتمالية وقوعه في أي أخطاء كما شاهدنا في فيلم تقرير الأقلية Minority Report و بالتالي سيتم الحكم بشكل مجحف علي العديد من الأبرياء و هو ما أجاب عنه المبرمجين بأنه إذا أرتكب النظام خطأ ما فسيكون القائمين عليه قادرين على تتبع الملف الفردي المسؤول عن الحكم الخاطئ و إصلاحه و بطبيعة الحال لا يعمل البرنامج من تلقاء نفسه و لا يزال التدخل البشري على الأقل في الوقت الحالي هو خط الدفاع الأول لضمان عدم حدوث أي أخطاء .
أقرأ أيضا : أسئلة و أجوبة حول برنامج ChatGPT من الألف إلي الياء
و ينظر إلي برنامج التنبؤ بالجرائم علي أنه تجربة رائدة و توسيع لتكنولوجيا يتم إستخدامها بالفعل حيث يستخدم الجيش الأمريكي برنامج التعرف على الوجه لإنتقاء الإرهابيين المشتبه بهم كما تستخدم مدن في الصين تقنية مراقبة الأفراد في الشوارع إضافة إلي إعتماد مدن متعددة لتلك التكنولوجيا في تتبع لوحات التراخيص علي السيارات و المعلومات الشخصية لأصحابها كما تم البدء في الإعتماد علي ذلك البرنامج بشكل تجريبي في الهند حاليا و يأمل مبرمجيه أن يعطي نتائج إيجابية .