الإعتراض .. برنامج روسي يقوم فيه المتسابق بسرقة سيارة و تطارده الشرطة في شوارع موسكو

في عالم الدراما التلفزيونية قدمت روسيا أواخر تسعينيات القرن الماضي برنامجًا فريدًا من نوعه حمل إسم بيريهفات أو الإعتراض و الذي نال إعجاب الكثير من المشاهدين في الداخل و الخارج بعد أن جمعت فكرته بين الإثارة و الكوميديا و الواقعية الإجتماعية من خلال عرضه لمطاردات حقيقية بين شرطة المرور و سيارات مسروقة يقودها متسابقين غالبًا ما يكونون من الممثلين أو السائقين المحترفين و لعل ما جعل ذلك البرنامج مميزًا و مثير للجدل هو أن الخط الفاصل بين الخير و الشر داخل محتواه ليس واضحًا نظرا لأن المشاهدين يتعاطفون مع السارق إذا تمكن من الهرب لأن ذلك يعني فوزه بتلك السيارة كجائزة نظير نجاحه في الإفلات .

الإعتراض .. برنامج روسي يقوم فيه المتسابق بسرقة سيارة و تطارده الشرطة في شوارع موسكو

و برنامج ” الإعتراض ” نظم بالتعاون مع شرطة مرور العاصمة بغرض مكافحة سرقة السيارات التي كانت متفشية خلال تلك الفترة و كان يعرض كل ليلة سبت علي قناة NTV في الفترة ما بين عامي 1997 و 1998 و يستمر لمدة 35 دقيقة تمتلئ بالإثارة و المطاردات عبر شوارع مدينة موسكو الجليدية حيث تتمحور فكرته الأساسية في أن يسرق المتسابق ( في الواقع يحصل علي المفاتيح ) سيارة محددة و المطلوب منه تجنب مطاردة شرطة المرور ( المعروفة بإسم GAI ) التي تقوم بتعقب موقع السيارة عبر جهاز إرسال لاسلكي داخلها و كانت المطاردات تتم في شوارع حقيقية و من قبل ظباط شرطة حقيقيين و إذا نجح في الإفلات منهم يفوز بالسيارة و يحصل علي تصفيق حار من الجمهور .

الإعتراض .. برنامج روسي يقوم فيه المتسابق بسرقة سيارة و تطارده الشرطة في شوارع موسكو

و مع بداية عرض برنامج ” الإعتراض ” لاقى شعبية كبيرة بين المشاهدين إلا أن أفراد من شرطة المرور لم تكن سعيدة تمامًا بالطريقة التي يتم تصويرهم بها حيث يعترض ” أندري شافيلف ” رئيس قسم المعلومات بإدارة المرور علي ما يراه معاملة غير لائقة للشرطة فيه و يري أنه من الأفضل عدم التعاون مع مثل تلك البرامج التي تظهرهم مثل المهرجين و هو عكس رأي المشاهدين الذين قالوا عنه بأنه يقدم سخرية مبطنة من شرطة المرور الروسية التي تعاني من سمعة سيئة بسبب إنتشار الفساد بين صفوفها حيث يُعرف عنهم طلب الرشاوي تحت ذرائع مختلفة حيث تقول ” فالنتينا زفيروفا ” و هي إحدي المعجبات بالبرنامج أنه لا يمكن أن يضر بسمعة شرطة المرور لأنها بالفعل في الحضيض .

أما منتج البرنامج “ديفيد جامبورج ” الذي عاش في هوليوود لسنوات فيقول أن الهدف من ” الإعتراض ” ليس إذلال الشرطة بل تحسين صورتهم حيث إستلهم الفكرة من البرامج الشرطية الأمريكية بهدف تقديم صورة أكثر إيجابية و إنسانية لشرطة المرور الروسية و يشير إلي أن رجالها المشاركين في البرنامج يحصلون من خلاله علي فرصة تدريبية قيمة كما أن المتسابقين يتم إختيارهم بعناية لضمان سلامتهم و كان ذلك هو رده علي الأراء التي تقول أن برنامج ” الإعتراض ” كان يعكس واقعًا إجتماعيًا معقدًا في ” روسيا ” لأن تلك الفترة تحديدا إفتقد فيها المواطنين الثقة في السلطات خاصة بعد إنهيار النظام السوفيتي الصارم .

إقرأ أيضا : برنامج المتبرعين العظيم .. عرض مثير للجدل تسبب في أصداء إيجابية لفكرة التبرع بالأعضاء

و علي الرغم من النجاح الكبير الذي حققه برنامج ” الإعتراض ” إلا أنه فشل في خفض معدلات سرقة السيارات لذلك تم إلغاؤه و لكن بشكل عام أصبح ذلك البرنامج ظاهرة تلفزيونية تجذب جميع الفئات العمرية من الشباب إلي كبار السن حيث وصل عدد متابعيه إلي 60 مليون مشاهد للحلقة الواحدة و هو ما يجعله واحدًا من أكثر البرامج شعبية في ” روسيا ” خلال تلك الفترة .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *