من أجل الحب قد يفعل الإنسان أشياء قد لا يصدقها العقل و لا المنطق و فى بعض من الروايات الرومانسية نقرأ أن بطل الرواية قد ترك مدينته و أنتقل الى مدينة أخرى قاطعا مسافة كبيرة و شاقة فقط للقاء حبيبته و رؤيتها و لكن يبدو أن الواقع من الممكن أن يكون أكثر مشقة و صعوبة من خيال كتاب تلك الروايات بعد أن قام الطبيب الهندي براديومنا ماهانانديا عام 1977 بالسفر من بلده الام الهند لملاقاة محبوبته التى تعيش فى السويد على متن دراجة مستعمله خاض عشرات الدول بين قارتي أسيا و أوروبا و محققا المقولة المأثورة التى تقول أن الحب يفعل المستحيل و ليس له حدود او يعترف بالمسافات فالحب كلمة عظيمة لأن لديه القدرة فى إبقاء العالم على قيد الحياة .
ولد الدكتور ” براديومنا ماهانانديا” في مقاطعة أنجول بالهند عام 1949 منحدرا من اسرة فقيرة و كان محبا للرسم منذ الصغر فأهلته تلك الهوايه للالتحاق بكلية الفنون في “نيودلهي” عام 1971 حيث كان مشهورًا جدًا بين الناس من خلال موهبته الفنية و رسم البورتريهات خاصة بعد رسمه رائدة الفضاء السوفيتيه ” فالنتينا تيريشكوفا ” اثناء زيارتها للهند و بعد أربع سنوات و فى عام 1975 قابلته فتاة سويديه اسمها “شارلوت فون شيدفين” تبلغ من العمر 19 عاما و تدرس بمدينة “لندن” فى “المملكة المتحدة” و طلبت منه ان يرسم بورتريه لها و اثناء رسمه وقع في حب “شارلوت” التى بادلته نفس المشاعر لطيبته و بساطته حيث يقول أنه عندما ظهرت امامه شعر كما لو لم يكن لديه أي وزن و ان الكلمات ليست دقيقة بما يكفي للتعبير عن مثل هذا الشعور حيث كانت عينيها زرقاء و جميله و شعر و كأنها لا تنظر إليه بل كانت تنظر بداخله مثل آلة الأشعة السينيه لدرجة ان يديه ارتعشت و لم يتمكن من رسمها فى المرة الاولى لذلك طلب من “شارلوت” العودة في يوم آخر حيث رسم لها ثلاث بورتريهات في 3 أيام .
و بعد قصة حب بينهما فى “الهند” تم زواجهم و أمضى الزوجان ما بين أسبوعين الى ثلاث معا ثم عادت “شارلوت” إلى “السويد” حيث كان عليها أن تكمل دراستها و التى لم تنسيها حبها حيث استمروا فى تبادل الرسائل الى ان تلقى طلبًا من “شارلوت” للقدوم لزيارتها بالسويد الا انه لم يكن معه المال الكافى لشراء التزكرة فقرر القيام بأغرب شئ لزيارتها بعد أن قام ببيع ممتلكاته و شراء دراجة مستعمله ليسافر بها الي “السويد” و بمستلزمات قليله للغاية و كان المحرك الرئيسى لتلك الرحلة هو الحب و ليس شئ اخر .
و بدء ” براديومنا ماهانانديا” رحلته من “نيودلهى” و عبر “أفغانستان و إيران و تركيا و بلغاريا و يوغوسلافيا و ألمانيا و النمسا و الدانمارك” بدون أي معرفة جغرافيه مسبقة حيث كان يتحرك فقط باتجاه الغرب حيث تغرب الشمس و طوال هذه الرحله لم يكن متأكدا عما اذا كان سيصل الى مبتغاه ام لا حيث كان يقول لنفسه سأفعل ذلك أو سأموت و إذا مت سنتقابل انا و هى في الحياة القادمة و كان يقطع بدراجته 70 كيلومترًا يوميا و يمر عليه ايام بدون طعام و ماء و ينام فى العراء و لحسن حظه كان يتلقى المساعدة احيانا من بعض الأشخاص الذين يقدمون له الطعام و الشراب و يرسم بعضهم مقابل مبلغ من المال و رغم التجربة الفريدة التى عاشها مع هؤلاء الأشخاص الا أنها لم تنسيه أبدًا كتابة رسائل لمحبوبته لابلاغها بمدى تقدم رحلته .
و وصل أخيرا ” براديومنا ماهانانديا” الى “السويد” و دهش ظباط الهجرة برؤيتهم شاب يركب دراجه و بدأوا فى اعطاءه نظرات متشككه الا انه كان عليه أن يشرح الغرض من الوصول و تقديم دليل على زواجه مع الفتاة السويدية حتى قابلها هى و عائلتها الذين باركوا تلك الزيجه بعد صعوبات فى البدايه بكل تأكيد لمحاولة اثارة اعجابهم و حتى اللحظة لا يزالان متزوجين و يعيشون فى سعادة و معهم ابنين هم كارل و ايميلى و هو مستمر فى عمله كرسام .
أقرأ أيضا : الزوجين موريس و مارلين بايلي و رحلتهم المثيرة نحو المجهول فى 117 يوما بقلب المحيط
و يقول ” براديومنا ماهانانديا” أنه من حسن حظه أن الظروف التى كان يمر فيها العالم فى ذلك الوقت سهلت له السفر حيث لم تكن التأشيرة ضروريه لزيارة اغلب تلك الدول و ان “افغانستان” بلد جميله و هادئه و اهلها محبين للفنون و هم يفهمون اللغة الهندية لكن التواصل أصبح مشكلة بمجرد دخوله “إيران” و بمجرد وصوله الى اوروبا و استقراره فى “السويد” لم يكن لديه أي فكرة عن الثقافة الأوروبية لأنها كانت جديدة بالنسبة اليه الا ان زوجته دعمته فى كل خطوه فهى انسانه مميزة و ما يزال يحبها حتى الان كما في عام 1975 .