يعتبر فيلم انها حياة رائعة It’s A Wonderful Life الذى أنتج عام 1946 واحدا من أعظم الأفلام الكلاسيكية الأمريكية و أفضل الأفلام متابعة فى موسم الكريسماس حيث يروى قصة المصرفي جورج بيلي الذى أسس بنكا لمساعدة الناس و نتيجة خوضه منافسة مع مصرفي أخر يعمل بأساليب ملتوية يخسر أعماله و أمواله و يصاب بالإكتئاب و يخطط للإنتحار عشية عيد الميلاد قبل أن يتدخل ملاكه الحارس و يظهر له إيجابيات حياته التي لمسها مما يجعله يتراجع عن قراره فى النهاية و يبدأ حياة جديدة و ناجحة مع أسرته المحبة و رغم روعة حبكة الفيلم الفنية و بينما كان يجلس الجمهور فى قاعات السينما لمشاهدته و الإستمتاع به كان الأمر على ما يبدو مختلفا لدى أجهزة الأمن الأمريكية و على رأسها مكتب المباحث الفيدرالية بعد أن كانت لديهم مخاوف إزاء التيار الشيوعي الخبيث الذى يحمله الفيلم فى طيات قصته و أحداثه و هو ما جعلهم يهتمون به و يضعوه تحت أعينهم و يبدأون فى تحليله و تقديم تقارير أمنية عنه .
و رغم أن فيلم “انها حياة رائعة” It’s A Wonderful Life يحظى بالإحترام على أنه فيلم كلاسيكي في جميع الأوقات بوقتنا الحالي إلا أن بدايته كانت مضطربة تمامًا حيث عاش الفيلم حياة شبيهة ببطله “جورج بيلي” فمع صدوره عام 1946 كان لدى صناعه طموح و أمال كبيرة بنجاحه إلا أنه تعرض لسلسلة من الإنتكاسات بإستسلامه للتهميش و عدم الإقبال الجماهيري الكثيف عليه فى قاعات السينما مما تسبب فى إفلاس شركة إنتاجه و إنهاء مسيرة مخرجه و منتجه الأسطورية بعد أن تسبب فى خروجه مديونا بمبلغ 25 ألف دولار و مع إعادة عرضه مجددا فى السبعينيات أى بعد مرور 30 عاما حقق نجاحا كبيرا للغاية و أصبح أيقونيا فى وجدان الناس لإرتباطه الدائم بأعياد الكريسماس و لكن على الرغم من مشاكله الفنية و التجارية إلا أنه واجه مشاكل أكثر إثارة للقلق من مجرد جني أموال كافية لإرضاء منتجيه ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية و إنتصار الإتحاد السوفيتي بجوار باقى الحلفاء أصبح لدى الولايات المتحدة و شركائها الغربيين هاجس من صعود الشيوعية عالميا و تغلغل أفكارها داخل الدول الغربية لذلك كان لدى ” إدجار هوفر ” مدير المباحث الفيدرالية مهمة الكشف عن الدعايا و الأنشطة الشيوعية التى كان من بينها عالم السينما و الأفلام بإعتبارها إحدى أدوات القوى الناعمة و صاحبة تأثير ضخم على أفكار الأمريكيين و كان فيلم “انها حياة رائعة” واحدا من بين تلك الأفلام .
و تشير المصادر الى أن أحد عملاء المباحث الفيدرالية FBI و الذى لم يذكر إسمه قد قام بمشاهدة فيلم انها حياة رائعة It’s A Wonderful Life كجزء من برنامج أمنى كبير يهدف إلى اكتشاف و تحييد تأثير الأفكار الشيوعية في هوليوود و ذكر فى تقريره أنه ممتعا للغاية و لكنه انزعج أيضًا من أنه ربما يحمل أفكار تخريبية حيث رأى أن الفيلم استخدم حيلتين شائعتين يستخدمهم الشيوعيين لضخ دعايتهم أولها تمحور حول تصوير القيم و المؤسسات الأمريكية في ضوء سلبي و يظهر هذا في شخصية السيد “بوتر” الرجل المصرفي الكريه و الشديد البخل الذى يحيل حياة البطل الى جحيم أما الحيلة الثانية فكانت محاولة إبراز القضايا المناهضة للولايات المتحدة و الموالية للشيوعية و وضعها في المقدمة حيث كانت قصة “جورج بيلي” و محاولة إقدامه على الإنتحار و مسائلته عما إذا كانت حياته تعني أي شيء كانت تلك قضية وصفها تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنها محاولة خفية لتضخيم مشاكل ما يسمى بالرجل العادي في المجتمع الذى تصيبه الحياة الرأسمالية بالإكتئاب كما يستند جزء كبير من رواية فيلم “انها حياة رائعة” على المنافسة بين مصرفيين اثنين و هم السيد “بوتر” ممثل الرأسمالية و البطل ” جورج بيلي ” مؤسس البنك الإجتماعي و عندما ينتصر واحد على الآخر و يُنظر إليه على أنه محق تكون هناك رسالة واضحة حول فكرتى الرأسمالية و الشيوعية و إنتصار أحدهم على الأخر و الذى سيكون بكل تأكيد هى وجهة نظر البطل .
أقرأ أيضا : مشاهير من هوليوود تم وضعهم فى القائمة السوداء بدعوى تعاطفهم مع الشيوعيه
و لكن على الرغم من كل تلك الشكوك الأمنية حول فيلم انها حياة رائعة It’s A Wonderful Life تسائل الكثيرين عن كيفية إفلات الفيلم من عواقب تلك التقارير و كيف صعد ليصبح رمزًا أيقونيا فى عالم السينما الأمريكية حيث تجيب المصادر أنه رغم ما كتب فى ذلك التقرير الأمني الا أنه لم يتخذ ضد الفيلم أى إجراء أو تحقيق أبعد من ذلك و يرجع البعض سبب ذلك إلى أنه ربما تكون الشعبية الكبيرة لنجم الفيلم “جيمس ستيوارت ” قد أنقذته من غضب لجنة الأنشطة غير الأمريكية في مجلس النواب و يبدو أن هذا كان من حسن حظ معجبيه لأنه حتى اللحظة لا يزال الفيلم يلهم الجماهير في جميع أنحاء العالم رغم إصداره منذ أكثر من سبعين عامًا و حتى على فرض صحة تقديرات ذلك التقرير الأمني فقد سقطت الشيوعية و بقى الفيلم فى مكانة كبيرة من ذاكرة السينما العالمية .