النيازك هي أجسام فضائية أصغر حجما من الكويكبات و تعرف بأنها صخور فضائية يتراوح حجمها ما بين حبيبات الغبار إلى الكويكب الصغير و يتكون معظمها من قطع لأجسام أخرى أكبر فى الحجم مثل المذنبات أو الكويكبات المنتشرة فى الفضاء و قد تم تكسيرها أو تفجيرها بينما يأتى البعض الأخر من القمر أو الكواكب الأخرى الموجودة داخل المجموعة الشمسية , و هى تتباين أنواعها بحسب مكوناتها فبعضها يتكون من الصخور و البعض الأخر من المعادن و أحيانا مزيج ما بين النوعين , و تطير النيازك فى الفضاء الا أنها بمجرد دخولها الى الغلاف الجوي لأحد الكواكب مثل الأرض أو المريخ بسرعة تتجاوز 20 كيلومترا فى الثانية الواحدة يحدث لها تسخين ديناميكى يؤدى الى احتراقها قبل وصولها الى السطح على ارتفاع 100 كيلومتر من سطح البحر حيث يشار إليها فى ذلك الوقت باسم الشهب و قد تنجو أجزاء منها و تصل الى الأرض , و فى بعض الأحيان من الممكن أن تظهر النيازك بشكل أكثر إشراقًا فى السماء من كوكب الزهرة و يطلق عليها اسم الكرات النارية و هى أجسام تدخل الى كوكب الأرض بشكل يومى حيث يقدر علماء الفلك ان نحو 48.5 طنًا من المواد النيزكية المختلفة الأحجام تسقط على كوكبنا كل يوم .
و شهدت الأرض المبكرة العديد من تأثيرات النيازك الكبيرة التي تسببت في دمار واسع النطاق ففي حين أن معظم الفوهات التي خلفتها التأثيرات القديمة على الأرض قد تم محوها بسبب التعرية و العمليات الجيولوجية الأخرى الا أن فوهات القمر لا تزال سليمة و مرئية إلى حد كبير و اليوم نعرف حوالي 190 حفرة أثرية على الأرض خلفتها النيازك و التى يعتقد أنها هى أو كويكب كبير جدا قد ساهم منذ 65 مليون سنة فى انقراض حوالي 75% من الكائنات الحية التى كانت موجودة على الأرض في ذلك الوقت أبرزهم الديناصورات و أنشأت فوهة “تشيككسولوب” التي يبلغ عرضها 300 كيلومتر في شبه جزيرة “يوكاتان” , كما توجد واحدة من أكثر الحفر تأثيرًا و هي حفرة “نيزك بارينجر” بولاية أريزونا فى الولايات المتحدة و يبلغ عرضها حوالي كيلومتر واحد و قد تشكلت بفعل تأثير قطعة من الحديد و النيكل يبلغ قطرها حوالي 50 مترًا و يبلغ عمرها 50 ألف عام فقط و يتم الحفاظ عليها جيدًا لدراستها من قبل علماء الجيولوجيا منذ تسعينيات القرن التاسع عشر و لكن لم يتم تأكيد وضعها كفوهة تصادم حتى عام 1960.
كيف تبدو ؟
قد تشبه النيازك صخور الأرض لكن عادةً ما يكون لها سطح خارجي محترق و الذى يمكن أن يبدو لامعًا حيث تتشكل قشرة الاندماج هذه عندما يذوب السطح الخارجي للنيزك أثناء مروره عبر الغلاف الجوي و من المعروف أن هناك ثلاثة أنواع رئيسية منها و هى معدنية مثل الحديد و صخرية مثل الحجارة و من كلا النوعين أى حديد صخري و على الرغم من أن غالبية النيازك التي تسقط على الأرض صخرية إلا أن معظم النيازك التي تم اكتشافها بعد فترة طويلة من سقوطها هي من الحديد و الذى يكون أثقل و أسهل في تمييزه عن صخور الأرض من النيازك الصخرية التى تتشابه معها .
من أين تأتي النيازك ؟
تأتي معظم النيازك الموجودة على الأرض من كويكبات محطمة و على الرغم من أن بعضها أيضا يأتي من المريخ أو القمر عمليا الا انه من الناحية النظرية يمكن أن تكون هناك قطع صغيرة من عطارد أو الزهرة و قد وصلت إلى الأرض أيضًا لكن لم يتم تحديد أي منها بشكل قاطع .
و يستطيع العلماء من معرفة مصدر النيازك بناءً على عدة أدلة من خلال استخدام الملاحظات الفوتوغرافية لسقوط النيزك و حساب المدارات و إبراز مساراتها من حزام الكويكبات و يمكنهم أيضًا مطابقة الخصائص التركيبية للنيازك مع فئات مختلفة من الكويكبات و يمكنهم دراسة عمر النيازك حتى 4.6 مليار سنة كما يمكن معرفة النيازك التى يندرج أصولها من كوكب المريخ لأنها تحتوي على جيوب من الغاز المحتبس الذي يتطابق مع ما وجدته الأقمار الصناعية و المركبات الجوالة في ذلك الكوكب و بالمثل تكوين النيازك القادمة من القمر و التى تم مطابقتها بالصخور التي أحضرها رواد الفضاء منه خلال مهمة أبولو كما توجد فئة من النيازك تسمى “هواردايت-يوكريت-ديوجينيت” (HED) جاءت من عالم شبيه بالكوكب “فيستا” الموجود في حزام الكويكبات بين المريخ و المشترى و ذلك بفضل مهمة ” الفجر ” التابعة لوكالة ناسا .
ما هي أنواع النيازك التي تم العثور عليها ؟
تم العثور على أكثر من 50 ألف نيزك على الأرض و ما يعادل 99.8٪ منهم تأتي من الكويكبات بينما الجزء الصغير المتبقي (0.2 ٪) من النيازك مقسم بالتساوي تقريبًا من المريخ و القمر حيث تعتبر نيازك المريخ صخور نارية تبلورت من الصهارة و تشبه إلى حد كبير صخور الأرض مع بعض التركيبات المميزة التي تشير إلى أصل المريخ اما بالنسبة الى النيازك القمرية فيبلغ عددها ما يقرب من 80 نيزكًا و هى متميزة بما يكفي لإظهار أنها أتت بأجزاء من القمر.
و تمثل النيازك التي تسقط على الأرض بعض المواد الأصلية المتنوعة التي شكلت الكواكب منذ مليارات السنين و من خلال دراسة النيازك يمكننا التعرف على الظروف و العمليات المبكرة في تاريخ النظام الشمسي و تشمل هذه العوامل عمر و تكوين كتل البناء الكوكبية المختلفة و درجات الحرارة التي تحققت على أسطح الكويكبات .
كيف يتم العثور عليها ؟
عند وصول أحد النيازك الى الغلاف الجوى للأرض يتفكك معظمه اذا كان حجمه أصغر من ملعب كرة القدم و يتحرك الجسم بسرعة عشرات الآلاف من الكيلومترات في الساعة و يحدث التفكك عندما يتجاوز الضغط قوة الجسم مما يؤدي إلى حدوث توهج ساطع و عادةً ما يصل أقل من 5% من الجسم الأصلي إلى الأرض و التى تتراوح أحجامها ما بين الحصاة و القبضة و يكون من الصعب تمييز النيازك الصخرية عن صخور الأرض من خلال المظهر وحده في معظم أنحاء العالم و لكن هناك بعض الأماكن الخاصة التي يسهل التعرف عليها مثل الصحاري ذات المساحات الرملية الكبيرة المفتوحة و عدد قليل من الصخور حيث تبرز بوضوح النيازك الداكنة و بالمثل يمكن أن يكون اكتشاف النيازك أسهل بكثير في الصحاري الباردة الجليدية مثل السهول المتجمدة في القارة القطبية الجنوبية .
و خلال حدوث زخات من الشهب لا تتوقع العثور على نيازك فى الأرض حيث تأتي معظمها من المذنبات التي تكون مادتها هشة للغاية و بشكل عام فتكون شظايا المذنب الصغيرة من الصعب أن تنجو عند دخول غلافنا الجوي و يمكن عادة رؤيتها في أي ليلة عندما يكون هناك الكثير من النيازك حيث تحدث بعض من تلك الزخات سنويًا أو على فترات منتظمة حين تمر الأرض عبر درب الحطام الترابي الذي يخلفه المذنب و في حالات قليلة الكويكبات و عادة ما يتم تسمية تلك الزخات على اسم نجم أو كوكب قريب من مكان ظهور النيازك في السماء و لعل أشهرها هي زخات Perseids التي تبلغ ذروتها في 12 من أغسطس تقريبًا من كل عام حيث يعتبر كل نيزك من زخات Perseid بمثابة قطعة صغيرة من مذنب ” سويفت تاتل ” الذي يتأرجح بواسطة الشمس مرة كل 135 عامًا كما توجد زخات شهب بارزة أيضا مثل “ليونيدز” المرتبط بالمذنب “تمبل-تاتل” و زخات Aquarids و Orionids المرتبطة بالمذنب ” هالى ” و Taurids المرتبطة بالمذنب ” إينكى ” حيث يتراوح معظم حطام المذنب هذا ما بين حجم حبة الرمل و حبة البازلاء و يحترق في الغلاف الجوي قبل أن يصل إلى الأرض و في بعض الأحيان يتم التقاط غبار النيزك بواسطة طائرات عالية الارتفاع و تحليلها في مختبرات ناسا .
حوادث النيازك
نادرًا ما تكون هناك قصص موثقة عن حدوث اصابات أو وفاة ناجمة عن النيازك و في أول حالة معروفة لاصابة انسان بسبب جسم قادم من خارج كوكب الأرض حدثت في الولايات المتحدة حين أصيبت “آن هودجز” من ولاية “ألاباما” بكدمات شديدة بسبب سقوط نيزك صخري وزنه 3.6 كيلوجرام تحطم فوق سطح منزلها في نوفمبر عام 1954.
كما يروى التاريخ الحديث أيضا دخول نيزك كبير إلى الغلاف الجوي للأرض فيما يعرف بإسم “حادث تونجوسكا” عام 1908 حين ضرب نيزك جزءًا من سيبيريا في روسيا لكنه لم يصل إلى الأرض تمامًا و بدلا من ذلك انفجر في الهواء على بعد كيلومترات قليلة و كانت قوة الانفجار قوية بما يكفي لاقتلاع الأشجار في منطقة يبلغ عرضها مئات الكيلومترات و يعتقد العلماء أن ذلك النيزك يبلغ عرضه 37 مترًا و وزنه 100 مليون كيلوجرام و قتل المئات من حيوانات الرنة لكن لم يكن هناك دليل مباشر على مقتل أي انسان في الانفجار .
و مؤخرا فى عام 2013 شاهد العالم كرة نارية انطلقت عبر السماء فوق “تشيليابينسك ” فى روسيا حين دخل نيزك بحجم المنزل الغلاف الجوي بسرعة تزيد عن 18 كيلومترًا في الثانية و فجر مسافة 23 كيلومترًا فوق سطح الأرض و أطلق الانفجار طاقة مكافئة لحوالي 440 ألف طن من مادة تي إن تي مولدة موجة انفجارية قامت بتدمير النوافذ على مساحة 518 كيلومترًا مربعًا و ألحقت أضرارًا بالمباني و أصيب أكثر من 1600 شخص في الانفجار معظمهم بسبب الزجاج المكسور .