يتبارى اللاعبين فى المنافسات الرياضية المختلفة التى تنظم تحت لواء بطولة الألعاب الأوليمبية بهدف تحقيق الفوز على خصومهم و صعود سلم التتويج و التكريم حيث يحصل الفائزين على العديد من المزايا فبجانب تدوين أسمائهم و دولهم فى السجلات الرياضية الأوليمبية كأبطال فى تلك المنافسات يحصلون على عدد من المكافئات بعضها مادى يتمثل فى مبالغ نقدية و الأخرى رمزية مثل الميداليات الأوليمبية التى تُمنح لأصحاب أول ثلاثة مراكز و الذين يتم تمييزهم عن بعضهم البعض بحسب نوع الميداليات حيث تخصص الذهبية للبطل و الفضية للوصيف و البرونزية لصاحب المركز الثالث كما يتم ترتيب الدول فى تلك البطولة بحسب عدد الميداليات التى يحرزها لاعبيها وفقا للوائح الأوليمبية .
و لم تكن فكرة تكريم الفائزين فى الألعاب الأوليمبية حديثة المنشأ و لكن منذ قدم تلك الألعاب حين كانت تمارس فى ” اليونان ” القديمة و يمنح للفائزين غصن من الزيتون الذى كان يجمع من أشجاره البرية النامية في أولمبيا و يتم تشكيله ليكون متشابكًا على شكل دائرة أو حدوة حصان و وفقًا للرحالة اليوناني “بوسانياس” فقد كان فى تصورهم أنه يتم تقديمه من قبل الإله ” هرقل ” كجائزة للفائز في سباق الجري و مع مرور السنوات و إنطلاق الألعاب الأوليمبية الحديثة عام 1896 أصبح هناك تطور فى أسلوب مكافاءة الفائزين بعد أن تم الإستعاضة عن غصن الزيتون بالميداليات الأوليمبية و مع ذلك لم تُمنح الميداليات الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية الافتتاحية عام 1896 في “أثينا” و لكن حصل الفائزين بدلاً من ذلك على ميدالية فضية و غصن من الزيتون بينما حصل الوصيف على غصن الغار و ميدالية نحاسية أو برونزية .
و مع إنطلاق بطولة الألعاب الأوليمبية التالية بمدينة ” باريس ” فى ” فرنسا ” عام 1900 كانت فريدة من نوعها نظرا لكونها البطولة الوحيدة التي تتميز بميداليات مستطيلة و تم منح الميداليات الفضية المذهبة للمركز الأول في ألعاب الرماية و الإنقاذ و سباق السيارات و الجمباز في حين تم منح الميداليات الفضية لأصحاب المركز الثاني في الرماية و التجديف و اليخوت و التنس و الجمباز و المبارزة و الفروسية و ألعاب القوى أما الميداليات البرونزية فقدمت لأصحاب المركز الثالث في ألعاب الجمباز و مكافحة الحرائق و الرماية كما لم يتم منح الميداليات في عدد من الألعاب الرياضية الأخرى حيث كانت تقدم كؤوس و جوائز مختلفة و مع إنطلاق بطولة الألعاب الأوليمبية عام 1904 بمدينة ” سانت لويس” فى “الولايات المتحدة” بدأ أسلوب تقديم الميداليات الأوليمبية يكون أكثر تنظيما و بدأ تسلسل الميداليات الذهبية و الفضية و البرونزية للمراكز الثلاثة الأولى في جميع الألعاب و منحت اللجنة الأولمبية الدولية بأثر رجعي تلك الميداليات للرياضيين الثلاثة الأفضل ترتيبًا في كل رياضة بالدورتين السابقتين و منحت بعض الرياضات القتالية مثل الملاكمة و الجودو و التايكوندو و المصارعة ميداليتين برونزيتين في كل مسابقة و هو ما يعنى أن الميداليات البرونزية هى الأكثر منحا للرياضيين .
و تحدد اللجنة الأوليمبية الدولية خصائص الميداليات الأوليمبية التى تمنح الى الرياضيين الفائزين و هى من يكون لها القول الفصل فى إختيار التصميمات المناسبة بناء على عدد من القواعد المحددة و هى أن تكون دائرية الشكل و مرفقة بشريط و الا يقل قطر الميدالية عن 6 سنتيمترات و سمك 3 ميليمترات و تكون الميدالية الذهبية التى تمنح الى الفائز مصنوعة بنسبة 92.5٪ على الأقل من الفضة المطلية بستة جرامات من الذهب ( تسعر الواحدة بـ 800 دولار بسعر اليوم ) اما الميدالية الفضية فتكون نسبتها 92.5٪ من الفضه ( تسعر الواحدة بـ 460 دولار بسعر اليوم ) اما الميدالية البرونزية فتتكون من 97٪ نحاس و 0.5٪ قصدير و 2.5٪ زنك ثم تغيرت تلك النسبة بدورة ألعاب طوكيو فى ” اليابان ” حيث كانت 95٪ نحاسًا و 5٪ زنك ( تسعر الواحدة بـ 5 دولارات بسعر اليوم ) كما أنه من الضرورى أن تكتب على الميدالية الرياضة التي تم منح تلك الميدالية على أساسها و من المعروف أنه حتى عام 1912 كانت الميداليات الذهبية تصنع من الذهب الخالص و فى أول بطولتين أعوام 1896 و 1900 كان يتم صناعة تلك الميداليات فى دار سك النقود بباريس فى ” فرنسا ” و بعدها أصبحت المدينة المنظمة هى من تتولى ذلك الأمر و مؤخرا أصبحت المدينة المضيفة هى من تقوم بتصميمها أيضا و تتخذ اللجنة الأولمبية الدولية القرار النهائي بشأن مواصفات كل تصميم لجميع الميداليات الأولمبية بما في ذلك الألعاب الصيفية و البارالمبية و الألعاب الأوليمبية الشتوية التى تكون ميدالياتها اكبر حجما و أثقل وزنا و اكثر سماكة .
و على مدار بطولات الأولمبياد الاولى تنوعت أساليب تقديم الميداليات و الجوائز الأوليمبية فيها حتى بطولة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1932 التى أقيمت في مدينة “لوس أنجلوس” و التى أصبحت معيارا يتم الإلتزام به حتى اللحظة فقبل عام 1932 كانت تمنح جميع الميداليات الأوليمبية في الحفل الختامي للبطولة و كان اللاعبين يرتدون ملابس السهرة و يتقدمون للحصول على ميدالياتهم من أحد المسئولين ثم بعد ذلك تم تقديم منصة النصر عام 1931 بناء على تعليمات شخصية من “هنري دي بيليت لاتور” الذي كان قد شاهد واحدة منها تستخدم في ألعاب الإمبراطورية البريطانية عام 1930 و كان الفائز يتمركز في منتصفها الذى يكون على أعلى ارتفاع بينما الوصيف إلى اليمين و البرونزية إلى اليسار و تم استخدام تلك المنظومة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 1932 و تم منح الميداليات في الحفل الختامي حيث صعد الرياضيين لكل حدث بدورهم على منصة التتويج الأولى على الإطلاق أما في الألعاب الأولمبية الصيفية فقد حصل المتسابقين على ميدالياتهم فور انتهاء كل رياضة حيث كانت فى المرة الأولى يأتى المتسابقين فى اليوم التالى الى مقر اللجنة المنظمة للحصول على ميدالياتهم و لاحقا أصبحت منصة التتويج في أماكن المسابقة نفسها .
و تعتبر دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1960 بمدينة “روما” فى “إيطاليا” هي الأولى التي توضع فيها الميداليات حول رقبة الرياضيين حيث كانت الميداليات تتدلى من سلسلة من أوراق الغار و حاليا هي معلقة بشريط ملون و عندما استضافت “أثينا” دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2004 حصل الفائزين بالميداليات على إكليل من الزيتون و في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2016 بمدينة “ريو دي جانيرو ” فى ” البرازيل ” حصل كل حائز لميدالية على تمثال خشبي صغير للشعار الأولمبي .