لطالما سعت البشرية لتحقيق حلم إستكشاف الفضاء بوسائل مبتكرة و سريعة و يبدو أن اليابان علي أعتاب تحقيق إنجاز مذهل في هذا المجال بعد أن بدأت شركة أوباياشي التي تعد واحدة من أبرز شركات البناء في العالم علي مشروع طموح لبناء مصعد فضائي يربط كوكب الأرض بالفضاء من خلال حبل طوله أكثر من 35 ألف كيلومتر ليكون بذلك أحد أكثر المشاريع المثيرة في عالم تكنولوجيا الفضاء لأنه حال تنفيذه من المتوقع أن يعمل علي تقليل زمن الرحلات الفضائية بشكل غير مسبوق و هو ما يفتح آفاقًا جديدة لإستكشاف النجوم و الكواكب و لكن هل يمكن أن يتحول هذا الحلم إلي حقيقة ؟ و كيف ستعمل أوباياشي علي مواجهة التحديات التي قد تقف عقبة أمام هذا المشروع ؟
بداية يعتمد مفهوم المصعد الفضائي علي فكرة إستخدام حبل مصنوع من أنابيب الكربون النانوية التي تعتبر مادة فائقة القوة و خفيفة الوزن تعمل علي ربط الأرض بقمر صناعي يتحرك في مدار ثابت حول كوكبنا و هو ما يتيح نقل البشر و المواد عن طريق وضعها داخل ما يعرف بإسم “المتسلقات” التي ستتحرك بشكل سلس علي ذلك الحبل و وفقًا لتقديرات العلماء فإن هذه التكنولوجيا ستتيح الوصول إلي محطة الفضاء الدولية ISS في غضون ساعتين و نصف فقط و تقليل زمن الرحلة إلي كوكب المريخ من أشهر إلي 40 يومًا لذلك تخطط “أوباياشي” لتصميم هذا النظام و الإنتهاء منه بحلول عام 2050 حيث سيتم تجميع المكونات علي مراحل بإستخدام الصواريخ لنقل المواد إلي المدار الأرضي المنخفض .
و تتضمن خطة بناء المصعد الفضائي سلسلة من العمليات الهندسية المعقدة تبدأ بإطلاق مواد البناء إلي الفضاء بواسطة صواريخ في المرحلة الأولي ثم إنشاء محطة فضائية علي إرتفاع منخفض و التي ستعمل كنقطة إنطلاق لنشر الحبل كما سيُستخدم دافع صاروخي لتثبيت طرف الحبل في الأرض بالتزامن مع تعزيز قوته بكابلات إضافية و خلال خطة زمنية تستغرق ثمانية أشهر تقريبًا سيكتمل إنشاء الحبل مما يتيح للمتسلقات البدء في العمل كما سيتضمن المشروع أيضًا بناء ميناء أرضي يكون نقطة الإنطلاق لذلك المصعد يتألف من قسمين أحدهما علي اليابسة عند خط الإستواء و الآخر في البحر و يتصلان سويا بنفق تحت الماء .
و يري الخبراء أنه في حالة تنفيذ مشروع المصعد الفضائي فستكون له فوائد هائلة أولها أنه سيقلل التكلفة المرتفعة لإطلاق المواد و البشر إلي الفضاء مقارنة بالصواريخ التقليدية و ثانيًا أنه سيتم تشغيل ذلك النظام بالطاقة الشمسية مما يجعله أكثر إستدامة و صديقًا للبيئة و ثالثًا سيكون النظام أكثر أمانًا لأنه يقلل من المخاطر المرتبطة بإنفجار الصواريخ و الإهتزازات التي تؤثر علي المعدات الحساسة و لكن رغم تلك الطموحات إلا أنه واقعيا يواجه عدد من التحديات التقنية و الإقتصادية فعلي سبيل المثال لا تزال أنابيب الكربون النانوية في مراحلها الأولي من التطوير و لم يتم تصنيع أي حبل بهذه المادة بطول يتجاوز بضعة مترات حتى الآن بالإضافة إلى أن ذلك المشروع يحتاج إلي تمويل هائل يُقدر بمئات المليارات من الدولارات فضلًا عن الحاجة للتغلب علي مخاطر الطقس و التأثيرات البشرية التي قد تهدد سلامته أثناء عمله .
أقرأ أيضا : الفندق الفضائي و بداية مرحلة التفكير فى الفضاء كوجهة سياحية
و رغم التحديات و الشكوك التي تحيط بإمكانية تنفيذ مشروع المصعد الفضائي إلا أن شركة “أوباياشي” تواصل العمل علي تطوير التقنيات اللازمة بالتعاون مع علماء و مهندسين من مختلف أنحاء العالم حيث يقول مسئوليها أنه قد يبدو الأمر اليوم و كأنه خيال علمي لكن مع التقدم المستمر في علوم المواد و التكنولوجيا قد يصبح المصعد الفضائي حقيقة في المستقبل القريب و سنشهد يومًا ما صعود البشر إلي الفضاء عبر مصعد بدلاً من الصواريخ التقليدية .