المحيط الهندي هو ثالث أكبر التقسيمات البحرية الموجودة على كوكب الأرض بعد المحيط الهادئ و المحيط الأطلسي حيث يغطي نحو 20 في المائة من مسطحاته المائية بمساحة إجمالية تصل الى 73.6 مليون كيلومتر مربع تشمل البحر الأحمر مع الخليج العربى و هو محيط يحده من الشمال قارة آسيا بما في ذلك شبه القارة الهندية التى سمى بإسمها بينما تلتحم حدوده الجنوبية مع المحيط الجنوبي بالقرب من القارة القطبية الجنوبية اما من ناحية الغرب فتوجد قارة أفريقيا و شرقا شبه جزيرة الملايو و جزر سوندا و أستراليا و يفصل حدوده عن مياه المحيط الأطلسي خط الطول 20 درجة شرقاً و عن مياه المحيط الهادئ خط الطول 147 درجة شرقاً و هو محيط ضخم حيث يبلغ حجمه 292.1 مليون كيلومتر مكعب و تنتشر به بعض من الجزر الصغيرة على الحواف القارية بعضها دول مستقلة معترف بها دوليا مثل مدغشقر التى تعتبر رابع أكبر جزيرة في العالم اضافة الى جزر القمر و سيشيل و المالديف و موريشيوس و سريلانكا و هو مسطح مائى استراتيجى حيث ترجع أهميته فى إتخاذه كطريق عبور بين قارتي آسيا و أفريقيا و هو الأمر الذى جعله مسرحًا للعديد من الصدامات الدولية بغرض السيطرة عليه و مع ذلك نظرًا لحجمه الكبير فلم تنجح أي دولة فى ذلك المسعي حتى أوائل القرن التاسع عشر عندما استحوذت المملكة المتحدة علي جزء كبير من الأراضي المحيطة به و لكن بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أستطاعت دول أخرى مثل الهند و أستراليا من فرض سيطرتها عليه أيضا .
المحيط الهندي تاريخيا
تطورت حضارات العالم الأولى في بلاد ما بين النهرين و مصر القديمة و شبه القارة الهندية الذين تمركزوا على طول وديان نهري دجلة والفرات و النيل و السند على التوالي و خلال حضارة “مصر” الأولى (حوالي 3000 قبل الميلاد) تم إرسال البحارة عبر مياه المحيط الهندي في رحلة إلى بلاد بونت التي يُعتقد أنها جزء من “الصومال” الحالية و عادت من هناك السفن محملة بالذهب و المرمر و تم إجراء أول تجارة بحرية معروفة بين بلاد ما بين النهرين و وادي السند منذ حوالي 2500 قبل الميلاد .
و نظرا لهدوء المحيط الهندي فقد أدى ذلك لفتحه أمام حركة التجارة في وقت أبكر من المحيط الأطلسي أو الهادئ كما أن رياحه الموسمية القوية تعني أن السفن يمكن أن تبحر غربًا بسهولة في وقت مبكر من الموسم ثم تنتظر بضعة أشهر و تعود شرقًا و هو الامر الذى سمح للشعوب الإندونيسية بعبور المحيط الهندي للاستقرار في جزيرة “مدغشقر” و خلال القرن الثاني أو الأول قبل الميلاد كان ” اودوكسوس ” أول يوناني يعبر المحيط الهندي و يقال أن ” هيبالوس ” اكتشف الطريق المباشر من شبه الجزيرة العربية إلى الهند في هذا الوقت تقريبًا و خلال القرنين الأول و الثاني تطورت العلاقات التجارية بين مصر الرومانية و ممالك التاميل و تشولاس و باندياس في جنوب الهند .
و منذ عام 1405 و حتى 1433 قام الأدميرال “تشنج خه” بقيادة أساطيل كبيرة تابعة لأسرة “مينج” الحاكمة فى “الصين” و القيام بعدة رحلات إلى المحيط الغربي (الاسم الصيني للمحيط الهندي) و استطاع الوصول إلى الدول الساحلية بشرق إفريقيا و في عام 1497 سافر البرتغالى “فاسكو دا جاما” عبر طريق رأس الرجاء الصالح و أصبح أول أوروبي يبحر إلى “الهند” و سرعان ما سيطرت السفن الأوروبية المسلحة بالمدافع الثقيلة على التجارة فى ذلك المكان و حاولت “البرتغال” في البداية تحقيق التفوق من خلال إنشاء الحصون في المضايق و الموانئ المهمة لكن الأمة الصغيرة لم تكن قادرة على دعم مثل هذا المشروع الضخم و تم استبدالها في منتصف القرن السابع عشر بقوى أوروبية أخرى ثم سعت شركة الهند الشرقية الهولندية (1602-1798) للسيطرة على التجارة مع الشرق عبر المحيط الهندي و أنشأت “فرنسا” و “بريطانيا” شركات تجارية في المنطقة و في النهاية أصبح للبريطانيين القوة الرئيسية و بحلول عام 1815 سيطرت على المنطقة بشكل كامل .
و فى عام 1869 أدى افتتاح “قناة السويس” إلى إحياء الاهتمام الأوروبي بالشرق و لكن لم تنجح أي دولة في ترسيخ الهيمنة التجارية على ذلك المكان و بعد الحرب العالمية الثانية انسحبت “المملكة المتحدة” من المنطقة لتحل محلها “الهند” و “الاتحاد السوفيتي” و “الولايات المتحدة” جزئيًا و حاول الاثنان الأخيران خلال الحرب الباردة فرض الهيمنة من خلال التفاوض على مواقع للقواعد البحرية و مع ذلك تسعى البلدان النامية المطلة على المحيط إلى جعلها “منطقة سلام” حتى تتمكن من استخدام ممرات الشحن بحرية على الرغم من احتفاظ “المملكة المتحدة” و “الولايات المتحدة” بقاعدة عسكرية في جزيرة “دييجو جارسيا” المرجانية في وسط المحيط الهندي .
المحيط الهندي جغرافيا
فى عام 2000 قررت المنظمة الهيدروغرافية الدولية تحديد محيطًا عالميًا خامسًا مما أدى إلى تجريد الأجزاء الجنوبية من المحيط الهندي حيث يمتد المحيط الجديد من ساحل القارة القطبية الجنوبية إلى خط عرض 60 درجة و رغم ذلك الا ان المحيط الهندي لا يزال ثالث أكبر محيطات العالم الخمسة و يحتوى على نقاط اختناق رئيسية و استراتيجية مثل مضيق باب المندب و مضيق هرمز و مضيق ملقا و المدخل الجنوبي لقناة السويس و مضيق لومبوك كما يشتمل المحيط الهندى أيضا على عدد من البحار و الخلجان أبرزهم بحر أندامان و بحر العرب و خليج البنغال و خليج أستراليا العظيم و خليج عدن و خليج عمان و بحر لاكاديف و قناة موزمبيق والخليج العربى و البحر الأحمر و غيرهم .
المحيط الهندي جيولوجيا
تتلاقى الصفائح القشرية الأفريقية و الهندية و القطبية الجنوبية في المحيط الهندي حيث تتميز أطرافها بفروع مكونة من سلسلة جبال فى منتصفه تشكل حرف Y مقلوبًا و تنقسم الأحواض الشرقية و الغربية و الجنوبية إلى أحواض أصغر بها تلال كما أن الأرفف القارية للمحيط ضيقة و يبلغ عرضها 200 كيلومتر في المتوسط باستثناء الساحل الغربي لأستراليا حيث يتجاوز عرض الرف 1000 كيلومتر و يبلغ متوسط عمق المحيط 3890 مترًا و تعتبر أعمق نقطة به تقع في “ديامانتينا ديب” بالقرب من ساحل جنوب غرب أستراليا و يعتبر 86٪ من حوضه الرئيسي مغطى بالرواسب البحرية أما النسبة المتبقية البالغة 14٪ فهي مغطاة بطبقات من الرواسب الأرضية كما يهيمن الانجراف الجليدي على أقصى خطوط العرض الجنوبية.
خصائص المحيط الهندي
يصب فى المحيط الهندي عدد من الأنهار الكبيرة أبرزها نهر زامبيزي و أرفاندرود و سندوس و الجانج و براهمابوترا و نهر أيياروادي و تتحكم الرياح الموسمية بشكل رئيسي في التيارات به حيث يتشكل فى المحيط تياران دائريان كبيران أحدهما في نصف الكرة الشمالي و يتدفق في اتجاه عقارب الساعة و الآخر جنوب خط الاستواء و يتحرك عكس اتجاه عقارب الساعة و يتم التحكم في دوران المياه العميقة بشكل أساسي عن طريق التدفقات الواردة من المحيط الأطلسي و البحر الأحمر و تيارات القطب الجنوبي.
الملوحة
تتراوح ملوحة المياه السطحية فى المحيط الهندي من 32 إلى 37 جزءًا لكل 1000 و تعتبر أعلى نسبة للملوحة تحدث في بحر العرب و في الحزام بين “جنوب إفريقيا” و جنوب غرب “أستراليا” كما تم العثور على حزمة الجليد و الجبال الجليدية على مدار العام جنوب خط عرض 65 درجة جنوبًا تقريبًا .
المناخ
بشكل عام يعتبر المحيط الهندي هو الأكثر دفئا فى العالم و يتأثر المناخ فى الجزء الواقع منه شمال خط الإستواء بنظام الرياح الموسمية حيث تهب رياح شمالية شرقية قوية فى الفترة من أكتوبر و حتى أبريل بينما فى الفترة الأخرى من مايو و حتى أكتوبر فتسود الرياح الجنوبية و الغربية و في بحر العرب تجلب الرياح الموسمية العنيفة الأمطار إلى شبه القارة الهندية اما في نصف الكرة الجنوبي للمحيط الهندي فتكون الرياح أكثر اعتدالًا بشكل عام لكن توجد عواصف صيفية بالقرب من “موريشيوس” و يمكن أن تكون شديدة و عندما تتغير اتجاهات الرياح الموسمية تضرب الأعاصير أحيانًا شواطئ بحر العرب و خليج البنغال .
و يعتبر تصاعد المياه الباردة في شرق المحيط الهندي جزءًا من ظاهرة مناخية تسمى المحيط الهندي ثنائي القطب حيث يصبح النصف الشرقي من المحيط أكثر برودة من النصف الغربي .
المحيط الهندي إقتصاديا
يوفر المحيط الهندي طرقًا بحرية رئيسية تربط الشرق الأوسط و أفريقيا و شرق آسيا بأوروبا و الأمريكتين و فيه حركة مرور كثيفة بشكل خاص للبترول والمنتجات البترولية المستخرجة من حقول النفط في الخليج العربي و “إندونيسيا” كما يتم استغلال احتياطيات كبيرة من الهيدروكربونات في المناطق البحرية للمملكة العربية السعودية و “إيران” و “الهند” و غرب “أستراليا” حيث يأتي من المحيط الهندي ما يقدر بنحو 40 ٪ من إنتاج النفط البحري في العالم كما يتم استغلال رمال الشاطئ الغنية بالمعادن الثقيلة بنشاط من قبل البلدان المجاورة لا سيما “الهند” و “جنوب إفريقيا” و “إندونيسيا” و “سريلانكا” و “تايلاند”.
و نتيجة دفء المحيط الهندي فيعمل ذلك على انخفاض إنتاج العوالق النباتية و بالتالي تعتبر الحياة البحرية في ذلك المحيط محدودة باستثناء طول الأطراف الشمالية و في عدد قليل من المناطق المتناثرة في أماكن أخرى حيث يتم فيها عمليات صيد الأسماك للاستهلاك المحلي و التصدير و تكون أساطيل الصيد فيه من “روسيا” و “اليابان” و “كوريا الجنوبية” و “تايوان” و تتركز عمليات الصيد على الجمبرى و اسماك التونة .
التهديدات الواقعة علي المحيط الهندي
يتسبب الإحتباس الحرارى فى موت الشعاب المرجانية الموجودة بالقرب من سطح المحيط بمعدل ينذر بالخطر حيث يحتوي المحيط الهندي على 16 في المائة من الشعاب المرجانية الموجودة فى العالم حيث وثق العلماء أن نحو 90٪ من الشعاب المرجانية الضحلة الممتدة من 10 إلى 40 مترًا تحت سطح المياه قد ماتت عام 1998 بسبب درجات حرارة المياه الدافئة و يتوقعون زيادة فى معدلات تلك المشكلة نتيجة توقعهم ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين إلى 2.5 درجة مئوية هذا القرن و يرجحون أن الاحتباس الحراري هو التهديد الأكبر للمحيط الهندي لأن موت الشعاب المرجانية سوف يؤدى بالتبعية الى موت الكائنات البحرية لأنها تمثل عنصر حيوي في السلسلة الغذائية للمخلوقات البحرية بالاضافة الى توفير حواجز أمواج طبيعية تحمي الشواطئ من التآكل .
و بجانب الإحتباس الحراري يواجه المحيط الهندى مشكلة أخرى تتعلق بالتلوث النفطى الموجود فى بحر العرب و الخليج العربى و البحر الاحمر و الذى يؤدى الى موت عدد من الكائنات البحرية حيث تشمل الأنواع البحرية المهددة بالانقراض فيه أبقار البحر و الفقمة و السلاحف و الحيتان .
