لا يمكن ممارسة بعض من الرياضات إلا بعد توفر أدوات صنعت خصيصا لها سواء كانت مضارب أو شبكات أو كرات مختلفة الأشكال و الأحجام و مع ذلك توجد رياضة أخري غريبة من نوعها تستخدم فيها أحد الأدوات المنزلية و هى المكواة و ملحقاتها و يطلق عليها إسم الكي المتطرف و يرجع سبب تلك التسمية فى أنها تمارس فى أماكن نائية و غير مألوفة تشمل الكي علي سفوح الجبال أو فى الغابات أو أثناء التزلج على الجليد أو الماء أو في وسط الشارع وعلى الطرق السريعة و هى رياضة يمكن ممارستها بشكل منفرد أو جماعي و نظرا لشدة غرابتها كان من الطبيعي أن تنال إهتمام وسائل الإعلام و تقوم بتسليط الضوء عليها و التساؤل عما إذا كانت أنشطة الكي المتطرف رياضة حقيقية و تستحق أن تدرج فى الألعاب الأولمبية أم مجرد ممارسة غير مألوفة يقوم بها عدد من الهواة و المغامرين .
و يقول المسئولين المنظمين لرياضة الكي المتطرف أنها رياضة حديثة و خطيرة تجمع بين الإثارة الناتجة عن نشاط شديد في الهواء الطلق مع إرضاء النفس فى كي قميص مضغوط جيدًا كما أنها لعبة تقوم بالجمع بين ثلاثة أشياء و هى القوة البدنية و العقلية و الفكاهة و يعتبر لها مؤسسان معتمدان أولهم هم “توني هيام ” من ” يوركشاير ” فى إنجلترا عام 1980 و الذي أستلهم تلك الممارسة من صهره الذى كان مواظبا علي إحضار مكواة بخارية و طاولة كي أينما ذهبوا فى أى مكان حتى و إن كان أثناء التخييم و للسخرية منه بدأ “هيام” في كي ملابسه في أوضاع سخيفة مما أدى نشوء رياضة ” الكي المتطرف ” أما الشخص الأخر الذي يرجع إليه الفضل فى تلك الممارسة و العمل على إنتشارها فهو ” فيل شو ” الذي يعيش فى ” ليستر ” بإنجلترا حين عاد إلي منزله عام 1997 بعد يوم شاق من العمل و كان لزاما عليه القيام بعدد من الأعمال المنزلية بما في ذلك كي ملابسه و نظرا لأنه كان يفضل فكرة قضاء أمسية بالهواء الطلق عن القيام بتلك الأعمال قرر أن يجمع بين الإثنين و أن يمارس كي ملابسه بالحديقة الخلفية فى منزله بالهواء الطلق و عند الإستفسار عن ما يفعله قال لهم أنه يقوم بالكي المتطرف ثم بدأ بعدها بإحضار لوح الكي الخاص به في كل مكان معه حتى أنه أحضر مجموعة الكي في كل مرة يذهب فيها لتسلق الصخور و نظرًا لأنه وجد متعة في ردود أفعال الناس كلما أجرى كيا متطرفا بدأ في الترويج للفكرة و بحلول يونيو عام 1999 شرع في القيام بجولة دولية شملت “الولايات المتحدة” و “فيجي” و “نيوزيلندا” و “أستراليا” و “جنوب إفريقيا” و خلال جولته فى “نيوزلاندا” أدى لقاءه مع عدد من السائحين الألمان إلى تشكيل ” مجموعة الكي المتطرف الدولية ” .
و لممارسة رياضة ” الكي المتطرف ” فأنت لا تحتاج سوي مكواة و طاولة للكي عليها و لكن إذا أردت أن تشترك فى مسابقاتها الرسمية و الإنتقال من مرحلة الهواية إلي الإحتراف فيجب عليك التقيد بعدد من القواعد أبرزها هى أنه يجب أن يكون للوح الكي أرجل بطول متر واحد و عرض 30 سم على الأقل و يجب أن تكون المكواة نفسها مصنعة من الحديد الفعلي و ذلك لأن مكتب الكي المتطرف المسئول عن تنظيم تلك اللعبة قام بحظر المكواة البلاستيكية خلال المسابقات الرسمية كما أعطى قياسات صارمة فيما يتعلق بأحجام الملابس حيث يمكنك كي أي نوع طالما أن حجم القماش ليس أصغر من منشفة الشاي كما أنه يجب عليك الإلتزام بعدد من معايير السلامة نظرا لإحتواء تلك اللعبة على بعض الممارسات الخطيرة أهمها ضرورة دراسة المكان التى سيتم فيه ممارسة الكي المتطرف لمنع وقوع أى أضرار محتملة فعلى سبيل المثال إذا كنت تخطط للكي داخل نفق عملاق فتذكر الأماكن التي يمكنك الخروج منها و المخاطر التي يمكن أن تحدث و الحلول المقترحة فى حال التعرض لأى عوائق فى ذلك المكان كما أنه يشترط ضرورة إرتداء الخوذة أثناء الكي لأن الرأس هى أهم جزء فى الجسم و نظرا لأن تلك الممارسة تحدث فى الأماكن التى تنطوي على مخاطر مرتفعة فيجب الإهتمام بوسائل الحماية الشخصية خاصة عند الرأس و بجانب الخوذة يتم التشديد على إصطحاب حزام أمان فبغض النظر عن المكان الذي تنوي القيام بالكي المتطرف فيه فيجب أن يكون معك حزام الأمان في جميع الأوقات لأنه مفيد في حمل لوح الكي أثناء ربط نفسك في وضع آمن لكيّ ملابسك و هذا ينطبق بشكل خاص على أوضاع الكي المتطرف التى لا يمكنك الوقوف فيها مثل الجوانب على منحدر مسطح كما يتم التشديد على ضرورة أن يكون معك وسيلة إتصال أو أن أحد يعرف مكانك تحسبا لأى ظرف قد يحدث لك و بالتالي سوف يأتي إليك و معه النجدة و قبل كل ذلك يجب أن تتمتع بالخبرة اللازمة لممارسة ذلك النشاط فمن الطبيعى أنك لن تستطيع الكي قفزا فى الهواء الا إذا كان لديك خبرة كافية فى القفز من الطائرات و التعامل مع المظلات أو حتى تسلق الجبال و نفس الشئ بالنسبة للغطس فى أعماق البحار .
و يشرف علي رياضة الكي المتطرف سلسلة من المديرين التنفيذيين الذين يحكموا على الحدث بأكمله و يكون المشارك الحاصل على أعلى الدرجات هو من يفوز بالمنافسة في نهاية المطاف حيث يتم الحكم على المشاركين بناءً على مهاراتهم الإبداعية في الكي و أيضًا على التجاعيد في الملابس و تقسم بطولة العالم فى ” الكي المتطرف ” إلي خمسة أقسام الأولي هي القسم الحضري و فيها يتم إستخدام إعدادات الضواحي أو المدينة لعرض تلك الممارسة يليها قسم المياه الذي يتضمن الكي خلال ألواح تزلج على الماء أو زوارق أو أي نشاط نهري سريع التدفق و الثالث هو قسم الغابة حيث يجلب الرياضيين ألواح الكي الخاصة بهم إلى أعماق الغابة و يتسلقون المنحدرات الحادة أو الأشجار الطويلة و القسم الرابع هو قسم اللاودا الذي يعتبر هو أشهر تحدٍ للكي المتطرف و يحتوي على المشاركين الذين يتسلقون الأسطح العالية ثم يكوون قمصانهم على إرتفاعات خطيرة أما القسم الأخير فهو قسم السباحة الحرة حيث يمكن للمشاركين في البطولة كي ملابسهم في أي مكان يرغبون فيه .
و نظمت أول بطولة عالم فى الكي المتطرف عام 2002 بمشاركة 12 فريقًا من ألمانيا و كرواتيا و تشيلي و أستراليا و النمسا و بريطانيا العظمى و تم عقده في شهر سبتمبر بمقاطعة بافاريا فى “ألمانيا ” و كانت القواعد تجعل المشاركين يؤدون الكي في الخمسة تحديات السابق ذكرهم حيث كان الأول فى سيارة مكسورة و سمح الحكام للمتنافسين بأداء الكي داخلها أو حولها أو فوقها أما التحدي الثاني فتضمن الكي في منتصف نهر سريع التدفق و بعد ذلك كان على المشاركين خوض تحدي الغابة من خلال تسلق شجرة لكي يكووا ملابسهم اما التحدي الرابع فكان تسلق الجدار ثم الكي أما التحدي الأخير فكان السباحة الحرة و في هذا التحدي كان عمال الكي أحرارًا في الكي في أي مكان يريدون فيه و في النهاية جاء البطل الأول في التاريخ من “ألمانيا” و فى العام التالي و لزيادة ترويج تلك الرياضة نشر “فيل شو” كتاب عنها و أرفق فيه سجلات المشاركين و تجاربهم و في نفس العام تقريبًا أطلقت القناة الرابعة البريطانية فيلم وثائقي عن تلك الرياضة حمل عنوان “الكي المفرط : الضغط من أجل النصر ” .
و مع إنتشار ممارسة ” الكي المتطرف ” بدأت الرياضة فى تطوير أنشطتها و إضافة مزيد من الممارسات الخطيرة سواء كانت خلال تسلق الجبال أو القفز منها بالأحبال أو الغطس و ممارسة الكي أسفل المياه أو حتى أثناء القفز بالمظلات و بدء العديد منهم فى محاولة تحطيم أرقام قياسية ففى عام 2003 قام ثلاثة بريطانيين بإجراء أنشطة الكي المتطرف فى معسكر عند قاعدة جبل إيفرست مباشرة و يُعتقد أن هذا هو الرقم القياسي العالمي للإرتفاعات فى هذه الرياضة حيث كان الإرتفاع المعلن عنه 5440 مترًا فوق مستوى سطح البحر و في نفس العام فازت مجموعة من “جنوب إفريقيا” بكأس روينتا عن طريق ممارسة الكي المتطرف عبر ممر ضيق و بعد مرور عام سافر الإتحاد المنظم إلي “الولايات المتحدة” في جولة ترويجية لإجتذاب المزيد من الأشخاص لممارستها و إجراء عدد من الفعاليات على جبل ” راشمور ” و فى مدينة “نيويورك” و “بوسطن” .
و من البر إلي البحر فمع حلول مارس عام 2008 قام فريق مكون من 72 غواصًا بممارسة الكي المتطرف تحت الماء و تسجيل رقم قياسي عالمي جديد لعدد الأشخاص الذين قاموا بشكل جماعي بالكي تحت الماء في وقت واحد و في يناير عام 2009 حاول 128 غواصًا تحطيم الرقم القياسي العالمي السابق و تمكنوا من كسره بالفعل بعد أن قام 86 غواصًا منهم بالكي في غضون 10 دقائق و أقيم هذا الحدث في المركز الوطني للغوص و الأنشطة (NDAC) فى “مونماوثشاير” و نظمه أعضاء من منتدى غواصي يوركشاير على الإنترنت حيث تمكن ذلك الحدث من جمع أكثر من 15000 جنيه إسترليني للمؤسسة الملكية الوطنية لقوارب النجاة و بعد عامين تم تحطيم ذلك الرقم بعد أن سجل نادي الغوص الهولندي رقم قياسي عالمي جديد فى الكي المتطرف تحت الماء بعد أن سجلت مجموعة مكونة من 173 غواصًا رقما فى أعماق حمام سباحة داخلي في “أوس” و كان ذلك الحدث بمناسبة الذكري الأربعين لتأسيس ذلك النادي .
و بعيدا عن ممارسة الكي المتطرف الجماعي توجد أيضا حالات فردية بارزة ففي أبريل عام 2011 تم تصوير ” تينور جيسون بلير” و هو يقوم بالكي المتطرف على الطريق السريع بمدينة “لندن” فى “المملكة المتحدة ” و الذي تم إغلاق جزء منه بعد اندلاع حريق و فى يونيو عام 2018 قام ” رولاند بيكولي ” بكي قميص على عمق 42 مترًا في أعمق حوض سباحة في العالم و المتواجد فى إيطاليا .
أقرأ أيضا : نادي أكسفورد للرياضات الخطرة الراعي الرسمي للألعاب المثيرة و الخطيرة
في الوقت الحاض هناك جامعات تعترف بها كرياضة رسمية حيث وافقت جامعة “دي مونتفورت” في ليستر بإنجلترا بإنشاء ناديا خاص بالكي المتطرف و يمكن العثور على صور لطلابهم و هم يتجولون بالمكواة و ملحقاتها و أيضا خلال ممارستهم للكي فى أوضاع مختلفة سواء أثناء ركوب الخيل أو حتى الطيران الشراعي و فى عام 2019 أنتجت “نيوزيلندا” رياضيًا واعدًا في “الكي المتطرف” اسمه “ماثيو باتلي” حيث اكتشف الشاب تلك الممارسة عن طريق الصدفة بعد أن أصدقاؤه من جامعة “أوكلاند” ما يمكن أن يكون أكثر الأشياء سخافة يمكن حمله إلى أعلى الجبل ثم شرع في حمل ادوات الكي إلي جبل “روابيهو ” و بفضل شهرتها أصبح الكي المتطرف موضوعًا شائعًا لعشاق الرياضة حتى أنها ألهمت تأسيس فروعًا من الرياضات الأخرى الغريبة مثلها كلعب التشيلو المتطرف و نسج السلة تحت الماء.