لدى بعض من القضاة فلسفة خاصة تؤمن بأن تطبيق العدالة علي المدانين من خلال إتباع نصوص قوانين العقوبات فقط هو أمر غير كافي بل من الضروري أن يكون هناك أسلوب أخر يعرف بإسم العدالة الإبداعية التى غالبًا ما تتضمن وضع المتهم في نفس الظروف التى وضع فيها ضحيته أثناء إرتكابه تلك المخالفة و ذلك لضمان عدم تكرارها مجددا و يعتبر القاضي مايكل سكونتي الذي يعيش بولاية أوهايو فى الولايات المتحدة أحد أبرز رواد تلك المدرسة بعد أن أصدر طوال مسيرته فى سلك القضاء عدد من الأحكام الغريبة و الطريفة فى نفس الوقت على العديد من المدانين الذين أرتكبوا بعض من المخالفات و الغريب أنها لاقت صدي إيجابيا لدي الجميع سواء كانوا أفراد ذات صلة بتلك القضايا أو متابعين لها .
ولد القاضي ” مايكل سكونتي ” عام 1951 فى ولاية أوهايو و هو أب لخمسة أبناء و كان يعمل خلال شبابه فى مجال الصيد لمساعدة نفسه على الدراسة ثم أصبح بعد ذلك كاتبًا للمحكمة البلدية في مدينة “باينسفيل” بينما كان يدرس في كلية الحقوق بجامعة كليفلاند الحكومية ليلًا و بعد تخرجه و إجتيازه عدد من الدورات أصبح قاضيا للمدينة فى منتصف التسعينيات و على مدار حياته المهنية أصدر مجموعة من الأحكام الغريبة على المدانين و الأغرب أنها كانت فعالة للغاية حيث تشير الإحصائيات أن معدل تكرار الجرائم على المستوى الوطني بلغ نسبة أكثر من 75٪ و لكن فى محكمة القاضي ” مايكل سكونتي ” كان معدل تكرار الجرائم لا يتجاوز 10٪ فقط و هو أمر يفسره قائلا ” عندما تشرك الناس و تثني على سلوكهم الجيد فهذا يساعدهم على تقديرهم لذاتهم و فلسفتي القضائية لا تختلف كثيرًا عن الفلسفة الأبوية فأنا لدي خمسة أبناء و بإمكاني صفعهم و لكن ماذا سأجنى من ذلك ؟ .. معظم الناس يريدون أن يكونوا جيدين و لكن يوجد أمامهم القليل من العقبات لذلك علينا إزالتها و هذا هو عملنا ” .
و بدأت رحلة القاضي ” مايكل سكونتي ” فى الأحكام الغريبة بمنتصف التسعينيات فى قضية تضمنت انتهاكًا يتعلق بحافلة مدرسية متوقفة كما أنه أشتهر بأنه عرض على ربة منزل تبلغ من العمر 26 عامًا و تدعي “ميشيل موراي” خيار قضاء ليلة في الغابة وسط الأجواء الباردة أو مواجهة عقوبة سجن مخففة و ذلك بعد إقرارها بالذنب بتخليها عن 35 قطة صغيرة بالغابة في فصل الشتاء و في أحد القضايا الأخرى أمر جيران صاخبين داوموا على إزعاج جيرانهم بقضاء يوم من الصمت في الغابة أو الإستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية بدلاً من موسيقى الروك و كان من الملاحظ أن معظم القضايا التى عرضت عليه حاول قدر الإمكان أن يربط بين الجريمة المرتكبة و عقوبتها .
و أصبح القاضي ” مايكل سكونتي ” له شعبية كبيرة بين الناس و صارت له العديد من الجمل التى أصبحت متداولة بساحات المحاكم فى باقي الولايات كما كان لعقوباته أثرا جيدا على المدانين أنفسهم أبرزهم ” أليسا مورو ” التى أعترفت بالذنب في إهمال الحيوانات و معاملتهم بقسوة حيث خيرها ما بين قضاء 90 يومًا في السجن أو ثماني ساعات في مكب نفايات لجمع القمامة حيث قالت “بالتأكيد لم أكن أعتقد أنني سأكون في مكب نفايات لكنه أفضل من أن أكون بالسجن لذلك لا يمكنني الشكوى ” كما خير الشاب ” جوردان والش ” الذى أقر بذنبه فى سرقة أحد الدراجات ما بين قضاء 60 يومًا في السجن أو عشرة أيام من خدمة المجتمع عن طريق ركوب دراجة و الدعاية بها عن جمعية خيرية محلية حيث يقول جوردان “أعتقد أن ما أفعله أفضل من الذهاب إلى السجن لأنني أستطيع أن أظهر للناس أنه يمكنني القيام بعمل أفضل في مجتمعي و أظهر لهم أنني لست مجرد شخص سيرتكب خطأ غبيًا أو يتخذ قرارات غبية فأنا أريد أن أظهر لمجتمعي أنه يمكنني أن أفعل الأفضل و أشكر القاضي لأنه منحنى فرصة أخري ” .
و من أبرز القضايا التى حكم فيها القاضي مايكل سكونتي هي :
- تم إرسال رجل أرتكب إساءة معاملة طفل إلى مدرسة في زي كلب وكان عليه التحدث عن سلامة الأطفال .
- خلال عواصف ثلجية شديدة ضربت المدينة أمر عدد من المتهمين بإزالة الثلوج أمام دار للمسنين.
- تم إرسال رجل تم القبض عليه و معه مسدس محشو بالرصاص إلى المشرحة ليرى الجثث.
- حُكم على رجل أطلق النار على كلب بالتبرع بـ 18 كيلوجرام من طعام الكلاب في كل عطلة لملجأ حيوانات المقاطعة.
- تم الحكم على عدد من المراهقين الذين قاموا بتفريغ إطارات حافلة مدرسية بالإشراف علي نزهة لأطفال المدارس الابتدائية الذين تم إلغاء نزهتهم بسبب تلك المزحة .
- تم إجبار رجل ارتكب مخالفة مرورية و سب رجال الشرطة بأنهم “خنازير” على الوقوف في زاوية الشارع و معه خنزير و لافتة كتب عليها “هذا ليس ضابط شرطة”.
- أمر امرأة أدينت بسرقة كنيسة بتهجئة جملة “سرقت عملات معدنية من هذه الكنيسة” و الإعتذار لكل مصلي عند دخوله الكنيسة.
- أمر امرأة رفضت دفع أجرة سيارة أجرة بالسير لمسافة 48 كيلومتر في 48 ساعة .
- خير امرأة اعترفت بالذنب لإعتدائها على رجل باستخدام رذاذ الفلفل ما بين قضاء 30 يومًا في السجن أو قضاء ثلاثة أيام في خدمة المجتمع أو إطلاق رذاذ الفلفل على نفسها و بعد موافقتها على الخيار الأخير تم رشها و وجدت أنه ماء فقط.
- أُجبرت مربية متهمة بضرب صبي بحزام على قراءة مقالات عن عواقب إساءة معاملة الأطفال ثم مناقشتها في قاعة المحكمة أمام القاضي و والدة الضحية و الجمهور .
أقرأ أيضا : حفل زفاف وهمى أقامته الشرطة ينتهى بإلقاء القبض على 86 تاجر للمخدرات كانوا مدعوين فى الحفل
و يقول ” مايكل سكونتي ” معظم الناس لا يبدأون بقضية جنائية فهي تبدأ بقضية صغيرة ثم تزداد اتساعًا لذا فإن تسلسل تفكيري كله هنا هو أنه يتعين علينا إيقافهم أو منع سلوكهم من المضي قدمًا في المراحل الأولى لأنهم حين يدخلون السجن يصبحون أكثر ذكاءً من الناحية الإجرامية و كلما أصبحوا أكثر ذكاءً تصبح الجرائم أكبر “.