إذا كنت تعيش فى فرنسا و قررت تملك أحد العقارات فسوف تذهب إلي سمسار لتسهيل ذلك الأمر و الذى يقوم بعرض العديد من الخيارات لك قد يكون منها نظاما يدعى الفياجير و هو أحد أغرب الانظمة لتملك العقارات فى العالم و ذلك لأنه عند إختيارك له فسوف تذهب إلي العقار المنشود لمقابلة البائع الذي سيكون شخصا كبيرا فى السن و يستقبلك بترحاب و يعرض عليك مميزات ذلك العقار من حجرات و مرافق و ستلاحظ أنه فى كل مكان تتناثر الأدوية و العقاقير و أن ذلك الشخص يحاول قدر الإمكان إظهار أنه مريضا و علي أعتاب أيامه الأخيرة من أجل إغرائك علي شراء المنزل حيث يقضى نظام الفياجير بتسليمك العقار بعد وفاة المالك الذى يقطن فيه و الأغرب من ذلك أن يقوم الشاري بعد التعاقد بدفع مبلغا مقدما يسمى البوكيه ثم يستمر بدفع رسوما شهرية للمالك طوال ما تبقى من حياته سواء كانت شهورا أو سنوات خاصة و أن القانون يحظر السؤال عن طبيعة حالته الصحية لذلك فيعتبرها البعض مقامرة فى المقام الأول قبل أن تكون عملية شراء لعقار لأنها تعتمد على مدى طول عمر المالك .
و يمثل البيع بنظام ” الفياجير ” نسبة 1% من سوق العقارات الفرنسي و يتراوح أعمار البائعين ما بين 70 الى 80 عاما و يكون أغلبهم من النساء و هى طريقة بيع قديمة و موثقة فى القانون الفرنسى منذ عام 876 ميلادية و رغم غرابتها إلا أن البعض يقبل عليها نظرا لإرتفاع أسعار العقارات بشكل جنونى فى “فرنسا” و خاصة في العاصمة “باريس” لذلك يقبل البعض على الشراء بتلك الطريقة خاصة و أنه نظريا سوف يدفع مبالغ قليلة للغاية من قيمة العقار الفعلي و على الجانب الأخر فإن مالك العقار و هو البائع قد وصل الى سن كبير من العمر و أغلبهم ليس لديهم أبناء لذلك فلن يستفيد أحد من ذلك العقار بعد وفاته و في نفس الوقت هو بحاجة إلي مصدر دخل يكفل ما تبقى من حياته خاصة بعد إنخفاض قيمة المعاش مقابل إرتفاع تكلفة المعيشة لذلك فنستطيع أن نقول أن المنفعة متبادلة بين الطرفين حيث يرى البعض أن الشراء بطريقة ” الفياجير ” تعد أكثر إنسانية من طرق أخرى خاصة و أنها تراعي كبر سن البائع و تسمح له بالبقاء فى منزله حتى وفاته تجنبا للإنتقال إلي أحد منازل المسنين .
و رغم غرابة نظام ” الفياجير ” الا أنه لا يمنع من وجود بعض من المميزات الإجتماعية به ففى بعض من الحالات و نتيجة الشراكة فى العقار بين المالك القديم و الجديد فقد تنشأ بينهم علاقة ود متبادل حيث يجتمعون سويا بشكل منتظم لمناقشة أمور العقار و مع ذلك يوجد به بعض من العيوب أيضا حيث توجد العديد من الحالات التى فشلت المقامرة على عقاراتها بعد تجاوز أعمار مالكيها المئة عام و هو أمر أستنفذ الكثير من الأموال من قبل الشاري بشكل أكبر من قيمة العقار الفعلي بالإضافة إلي أن طبيعة ذلك النظام و التى تقضي بإنتظار طرف لوفاة الأخر قد يؤدى إلي تدخل الشرطة للتحقيق من أجل التأكد من عدم وجود شبهة جنائية بغرض الحصول على المنزل من قبل الشاري حيث أتهم مؤخرا أحد الاشخاص بتسميم مالكة عقار قام بشراءه منها بطريقة ” الفياجير ” من خلال وضع دوائها فى زجاجة المياه الا أنه تم تبرأته بعد ذلك لعدم كفاية الأدلة .
أقرأ أيضا : دون ريتشي .. الملاك الإسترالي الذي نجح في إنقاذ أكثر من 160 شخصا من الإنتحار
و تعد أشهر الحوادث المتعلقة بنظام ” الفياجير ” هو ما حدث عام 1965 عندما قامت المسنة ” جين كالمينت ” البالغة من العمر 90 عاما ببيع عقارها إلي محاميها ” أندريه فرانسوا رافراي ” و الذى كان فى منتصف الأربعينيات حينها حيث نص العقد بأن يلتزم المحامى بدفع ما يعادل 500 دولار أمريكي كرسوما شهرية و رغم كبر سن ” جين ” و توقع إقتراب وفاتها من وقت إلي أخر إلا أنها أصبحت واحدة من أكبر المعمرين في العالم و توفيت بعد ذلك التعاقد بـ 32 عاما عن عمر ناهز 122 سنة و الطريف أن المحامي قد توفي قبلها بعامين بعد أن قام طوال السنوات السابقة بدفع مبلغا يفوق ثمن الوحدة السكنية ذاتها و لم يتوقف الأمر بوفاته بل تعين على أرملته الإستمرار فى إرسال الرسوم و إذا توفيت هي الأخري فيقوم الأبناء بذلك و إلا ضاعت عليهم الوحدة السكنية حيث ينص نظام ” الفياجير ” على أنه إذا توفي المشتري قبل البائع فعلي ورثته الإستمرار فى إحترام ذلك التعاقد و دفع الرسوم الشهرية المتفق عليها لأنه حال التوقف فيعتبر العقد لاغيا و تعود ملكية المكان الى البائع الأصلي ليتصرف فيها كيفما يشاء و أن كل تلك الأموال التى صرفت كأنها لم تكن و هو ما دفع المعمرة ” جين كالمينت ” للتعليق حول ذلك الأمر بأن البعض فى تلك الحياه قد يقومون بعقد صفقات خاسرة .