الغبار الكوني و يطلق عليه أحيانا النيازك الدقيقة هي جسيمات أو حبات صغيرة يقل حجمها عمومًا عن بضع مئات من الميكرومترات و تتكون من معادن السيليكات و العقيدات الزجاجية و تحتوي في بعض الأحيان على الكبريتيدات و معادن أخرى و مواد كربونية و تتواجد دائما في مدارات حول الشمس و تم إستنتاج وجودها في الفضاء لأول مرة من خلال ملاحظات الضوء البروجي و هو شريط متوهج يمكن رؤيته في سماء الليل يشتمل على ضوء الشمس المبعثر بواسطة ذلك الغبار الكوني و قد أكتشفت المركبات الفضائية هذه الجسيمات بعيدًا في الفضاء حتي إلي ما بعد حافة الغلاف الشمسي مما يشير إلى أن المجموعة الشمسية بأكلمها مغمورة بالكامل في قرص من الغبار المتمركز على مستوى مسار الشمس .
و يمكن لكل جسم موجود في المجموعة الشمسية أن ينتج الغبار الكوني عن طريق إطلاقه الغازات من الحفر أو البراكين أو غيرها من العمليات و يُعتقد أن معظم النيازك الدقيقة تأتي نتيجة التآكل السطحي و إصطدام الكويكبات ببعضها و من المذنبات التي تنبعث منها الغازات و الغبار عندما تتحرك بالقرب من الشمس كما يمكن تغيير مدارات الغبار الكوني بسهولة عن طريق تفاعلها مع الضوء و الجسيمات المشحونة مثل الرياح الشمسية المنبعثة من الشمس التي تعمل علي دفع أصغر الجسيمات التي يقل حجمها عن 0.5 ميكرومتر إلي خارج النظام الشمسي كما تتسبب تأثيرات السحب الناتجة عن ضوء الشمس و الرياح الشمسية في تحرك الجزيئات الأكبر بشكل حلزوني نحو الشمس و بعضها قد تكون على مسارات تعترض الكواكب أو أقمارها .
و نظرا لسرعة حركة الغبار الكوني الذي يصل إلي عشرات الكيلومترات في الثانية الواحدة فإن حبيباته التي يصل حجمها إلى بضع مئات من الميكرومترات قد تشكل خطرًا كبيرًا على المركبات الفضائية و حمولاتها حيث يمكن أن يؤدي الإصطدام بها على سبيل المثال إلي إحداث ثقوب في هيكلها أو إنشاء سحابة عابرة من الأيونات التي من الممكن أن تؤدي إلى وجود قصور في نظامها الإليكتروني و الكهربائي و بالتالي أصبحت الحماية من تأثيرات الغبار الكوني عنصرًا ضروريًا في تصميم الأجهزة الفضائية حيث تستخدم مكونات محطة الفضاء الدولية ISS التي تدور حول الأرض “مصد الغبار” أو ما يعرف بإسم درع ويبل نسبة إلي إسم مخترعه عالم الفلك الأمريكي “فريد ويبل” للحماية من الأضرار الناجمة عن الغبار الكوني و الحطام المداري كما تتضمن بدلات الفضاء المخصصة للأنشطة خارج المركبة أيضًا حماية من النيازك الدقيقة في طبقاتها الخارجية .
و تشير تحليلات النيازك الدقيقة الموجودة في جليد جزيرة جرينلاند إلى أن حوالي 6 أطنان من الغبار الموجود بين الكواكب و التي يتراوح حجمها ما بين 50 ميكرومتر و 700 ميكرومتر تضرب كوكب الأرض يوميًا و عندما توجد النيازك الدقيقة في الغلاف الجوي للأرض أو على سطحها غالبًا ما يشار إليها بإسم النيازك الدقيقة أو جزيئات الغبار الكوني بينما يتم تسخين الجسيمات القادمة من الفضاء التي يزيد حجمها عن بضع مئات من الميكرومترات أي النيازك في الغلاف الجوي و يعمل ذلك علي تبخرها مما ينتج عنه مسار نيزك متوهج بينما تتعرض الجسيمات الأصغر لتسخين أقل شدة و تظل موجودة في الغلاف إلي أن تستقر في النهاية على سطح الأرض .
و من خلال طائرات الأبحاث على إرتفاعات كبيرة قامت وكالة ناسا بجمع جزيئات الغبار الكوني مباشرة من طبقة الستراتوسفير للأرض بسبب أن تركيزه علي الأرض منخفضًا و مع ذلك فإن الجسيمات الأكبر من 50 ميكرومترًا غير شائعة نسبيًا في تلك الطبقة مما يجعل جمعها بالطائرات غير عملي لذلك يتم جمع هذه الجسيمات الأكبر حجمًا في الرواسب التي يتم ترشيحها من كميات كبيرة من الجليد القطبي الذائب و في بعض الأحيان يتم جمع الغبار الكوني من أسطح المنازل في المناطق الحضرية كما تم تطوير بعض مهمات المركبات الفضائية لإستعادة جزيئات الغبار مباشرة من الفضاء و قد حلقت المركبة الفضائية الأمريكية ستاردست التي أُطلقت عام 1999 بالقرب من المذنب وايلد 2 في أوائل عام 2004 و تمكنت من جمع الجزيئات من ذيولها ثم عادت إلى الأرض و في عام 2003 أطلقت وكالة الفضاء اليابانية مركبتها الفضائية “هايابوسا” التي حصلت أيضاً علي كميات صغيرة من المواد السطحية بما في ذلك الشظايا و الغبار من الكويكب “إيتوكاوا” القريب من الأرض لتحليلها مختبرياً .
و ترجع أهمية دراسة و تحليل الغبار الكوني إلي أن بعض العينات التي تم جمعها من طبقة الستراتوسفير هي الأقل تغيرًا في غبار النظام الشمسي المبكر لذلك فهي تقوم بتوفير أدلة علي درجة حرارة و ضغط و طبيعة التركيب الكيميائي للسحابة السديمية التي تكثف منها النظام الشمسي قبل 4.6 مليار سنة حيث يرجح العلماء إلي أنه ربما يكون التراكم المستمر للغبار الكوني على الأرض المبكرة قد ساهم في تكوين مركبات عضوية كانت مهمة لتطور الحياة كما يُعتقد أن عددًا قليلًا من الغبار الكوني يحتوي على حبيبات بين نجمية و هي عينات من مواد تكون مكوناتها من خارج النظام الشمسي و لحسن الحظ أتاحت مهمات المركبات الفضائية الخاصة بالمذنبات و الكويكبات للعلماء على الأرض الفرصة لدراسة المواد المحفوظة بشكل أفضل منذ ولادة النظام الشمسي.