تحتل الحرب العالمية الثانية مكانة بارزة في التاريخ الإنساني لأنها ساهمت بشكل كبير في وضع العالم في صورته الحالية و علي مدار سنوات عدة شهدت تلك الحرب لحظات مميزة كان لها بالغ الأثر في إحداث الفارق بمجرياتها لذلك كان من الضروري علي أي مصور عدم إهمال توثيقها و من أرشيف صور تلك الحرب لا يمكن تجاهل صورة قيام الجنود السوفييت برفع علم الإتحاد السوفيتي فوق مبني الرايخستاج عقب سيطرتهم علي العاصمة الألمانية برلين لرمزيتها الكبيرة كدلالة علي نهاية الحرب و سقوط نظام الزعيم النازي أدولف هتلر .
التاريخ : 2 مايو عام 1945 .
المصور : السوفيتي يفجيني خالدي – مصور حربي .
التفاصيل : خلال الحرب العالمية الثانية برزت في وسائل الإعلام الغربية صورة مميزة قام من خلالها المصور الأمريكي ” جو روزنتال ” بتوثيق لحظات رفع العلم الأمريكي علي جزيرة ” إيو جيما ” اليابانية لذلك ظهرت بعدها تلك الصورة التي تعتبر مكافئة لها لتوثيق لحظات رفع الجنود السوفييت لعلمهم فوق مبنى الرايخستاج في “برلين” الذي كان يعد جزء من تاريخ ألمانيا و يعتبره الجيش الأحمر رمز لعدوهم و لكن على عكس صورة “إيو جيما” فإن صورة “خالدي” تم تنظيمها و التلاعب بها .
و تبدء قصة الصورة عقب ظهور صورة ” إيو جيما ” و الدعاية التي صاحبتها لذلك أمر المسؤولين السوفييت و ربما من بينهم الزعيم ” جوزيف ستالين ” المصور ” يفجيني خالدي ” بالسفر من “موسكو” إلي “برلين” لإلتقاط صورة مماثلة ترمز إلى إنتصار السوفييت على “ألمانيا” و خلال سفره حمل المصور معه علمًا سوفيتيا كبيرًا كان عمه قد قام بخياطته من ثلاثة مفارش مائدة خصيصا لهذا الغرض بالذات و عندما وصل إلي “برلين” بدء في وضع عدد من التصورات لكيف و أين تكون تلك الصورة و هل تلتقط علي بوابة براندنبورج أم مطار تمبلهوف لكنه اختار في النهاية مبني الرايخستاج على الرغم من أن الجنود السوفييت نجحوا بالفعل في رفع العلم فوق هذا المبنى قبل بضعة أيام و لكن قام “خالدي ” بتجنيد مجموعة صغيرة من الجنود للقيام بإعادة ذلك المشهد و في 2 مايو عام 1945 شرع في توثيقه بعدسته .
و عقب عودة ” يفجيني خالدي ” إلي “موسكو” بالصور لاحظ الرقباء السوفييت الذين فحصوا الصورة أن أحد الجنود كان يحمل ساعة يد على كل ذراع مما يشير إلى أنه ربما كان قد سرقها من إحدي جثث القتلي لذلك لم يرغبوا في فرض تلك الصورة على بلادهم و طلبوا من ” يفجيني خالدي ” إزالة إحدى الساعات و أمتثل لذلك و قام بإضافة تعديل أخر تمثل في إظلام الدخان في الخلفية ثم نُشرت الصورة النهائية بعد فترة وجيزة في مجلة ” أوجونجوك ” و أصبحت هي النسخة التي حققت شهرة عالمية .
بعد ذلك و في وقت لاحق زعمت بعض المصادر السوفيتية أن ساعات اليد الإضافية كانت في الواقع بوصلات تسمي “أدريانوف” و أن الجيش السوفيتي لم يريد إظهار تلك الصورة لأنهم كانوا يعلمون أنها قد يتم الخلط بينها و بين أنها ساعة قد تم الحصول عليها عن طريق نهب الجثث بدلاً من كونها قطعة من المعدات القياسية و هي بوصلة صممها عالم الطوبوغرافيا بالجيش الإمبراطوري الروسي “فلاديمير أدريانوف” في عام 1907 ثم تم إعتماد نوعيات منها يتم إرتداؤها على المعصم و إستخدامها على نطاق واسع من قبل الجيش الأحمر .
أقرأ أيضا : صورة الزعماء الثلاثة الكبار أثناء إنعقاد مؤتمر يالطا
و خلال سنوات من نشر الصورة أستمر وضع تعديلات بها حيث صُنع العلم ليبدو و كأنه يرفرف بشكل أكثر دراماتيكية في مهب الريح كما أصبحت الصورة ملونة أيضا و طوال حياته ظل المصور ” يفجيني خالدي ” غير نادم على التلاعب بصورته الأكثر شهرة و عندما سئل عنها في أحد اللقائات أجاب: “إنها صورة جيدة و ذات أهمية تاريخية و ما هو السؤال التالي من فضلك” و دافعت عنه مجلة دير شبيجل الألمانية قائلة : «رأى خالدي نفسه داعية لقضية عادلة و هي الحرب ضد هتلر و الغزاة الألمان لوطنه ” و طوال السنوات التي سبقت وفاته في أكتوبر عام 1997 كان يقول أنه يسامح الألمان لكنه لا يمكنه أن ينسي تسببهم في قتل والده و ثلاثة من أخواته الأربع .