الشرق الأوسط هي منطقة جيوسياسية تشمل شبه الجزيرة العربية و الشام و تركيا و مصر و إيران و العراق و أصبح هذا المصطلح مستخدمًا على نطاق واسع أوائل القرن العشرين كبديل لمصطلح الشرق الأدني و يرجع تاريخ تلك المنطقة إلي العصور القديمة حيث نشأت علي أراضيه العديد من الحضارات كما كانت يوما مهد للعديد من الديانات الرئيسية مثل اليهودية و المسيحية و الإسلام و يشكل العالم العربي معظم دول الشرق الأوسط لذلك فيعتبر العرب هم المجموعة العرقية الرئيسية في المنطقة يليهم عرقيات أخري أبرزها الأتراك و الفرس و الأكراد و دائما ما تعتبر تلك المنطقة ساخنة سياسيا حيث شهدت و لا تزال العديد من الصراعات لتميزها بموقع جغرافي إستراتيجي و إمتلاكها لموارد طبيعية هائلة لاسيما النفط بشكل يجعلها مطمعا للدول الكبري إضافة إلي إحتوائها علي العديد من الإشكاليات العرقية و المذهبية .
و يعتقد أن مصطلح الشرق الأوسط قد نشأ في خمسينيات القرن التاسع عشر و مع ذلك أصبح معروفًا على نطاق أوسع حين أستخدمه الإستراتيجي البحري الأمريكي ” ألفريد ثاير ماهان ” عام 1902 لتعيين المنطقة الواقعة بين شبه الجزيرة العربية و ” الهند ” حيث كان في ذلك الوقت الإمبراطوريتان البريطانية و الروسية تتنافسان على النفوذ في آسيا الوسطى و هو التنافس الذي أصبح يُعرف بإسم اللعبة الكبرى حيث أدرك “ماهان ” مقدار الأهمية الإستراتيجية لتلك المنطقة و معها الخليج العربي حيث قام بوصف المنطقة المحيطة به بأنها الشرق الأوسط و قال أنه بعد قناة السويس المصرية من الضروري علي البريطانيين السيطرة علي تلك المنطقة بالكامل من أجل منع “روسيا” من التقدم نحو الهند البريطانية .
و مع دخول العالم إلي القرن العشرين كان من المعروف أن المناطق المتمركزة حول “تركيا” و الشاطئ الشرقي من البحر الأبيض المتوسط يطلق عليها إسم “الشرق الأدنى” بينما يتواجد “الشرق الأقصى” في ” الصين ” لذلك كان الشرق الأوسط آنذاك يعني المنطقة الواقعة من بلاد ما بين النهرين إلى بورما أي الموجودة بين الشرق الأدنى و الشرق الأقصى و مع إنهيار الإمبراطورية العثمانية عام 1918 عقب الحرب العالمية الأولي توقف إستخدام مصطلح “الشرق الأدنى” في اللغة الإنجليزية مقابل تطبيق مصطلح “الشرق الأوسط” على البلدان الناشئة في العالم الإسلامي و مع ذلك تم المحافظة علي إستخدام مصطلح “الشرق الأدنى” من قبل مجموعة متنوعة من التخصصات الأكاديمية بما في ذلك علم الآثار و التاريخ القديم و في أواخر الثلاثينيات أنشأ البريطانيين قيادة الشرق الأوسط و كان مقرها في ” القاهرة ” و بعد ذلك الوقت أكتسب مصطلح “الشرق الأوسط” إستخدامًا أوسع في دول قارة أوروبا و ” الولايات المتحدة ” مع تأسيس معهد الشرق الأوسط في العاصمة الامريكية واشنطن عام 1946 .
و تاريخيا كان أول إستخدام رسمي لمصطلح “الشرق الأوسط” من قبل حكومة ” الولايات المتحدة ” في مبدأ أيزنهاور عام 1957 الذي تعلق بأزمة السويس و قد عرّف وزير الخارجية الأمريكي حينها ” جون فوستر دالاس ” الشرق الأوسط بأنه المنطقة الواقعة بين ليبيا من الغرب و باكستان من الشرق و سوريا و العراق من الشمال و شبه الجزيرة العربية من الجنوب بالإضافة إلى السودان و إثيوبيا و في عام 1958 أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أن مصطلحي “الشرق الأدنى” و”الشرق الأوسط” قابلان للتبادل و حددت المنطقة بأنها تشمل فقط مصر و سوريا و فلسطين و لبنان و الأردن و العراق و المملكة العربية السعودية و الكويت و البحرين و قطر .
و في الوقت الراهن يتم الإشارة إلي الشرق الأوسط بأنه الدول الموجودة في شبه الجزيرة العربية و آسيا الصغرى و تراقيا الشرقية و مصر و إيران و الشام و بلاد ما بين النهرين و أرخبيل سقطرى و تضم 17 دولة معترف بها من قبل الأمم المتحدة و إقليم بريطاني واحد فيما وراء البحار و هم كالتالي :
- إقليم أكروتيري وديكيليا .
- البحرين .
- مصر .
- قبرص .
- إيران .
- العراق .
- فلسطين .
- الأردن .
- الكويت .
- لبنان .
- إسرائيل .
- قطر .
- السعودية .
- سوريا .
- الإمارات العربية المتحدة .
- اليمن .
- عمان .
- تركيا .
و في بعض من الأحيان قد يتم إدراج بلدان أخري إلي تلك المنطقة مثل دول جنوب القوقاز كأرمينيا و أذربيجان و جورجيا كما يوجد هناك مصطلح “الشرق الأوسط الكبير” و هو مصطلح سياسي صاغته إدارة الرئيس الامريكي ” جورج بوش الإبن ” في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين للدلالة على دول أخري تتعلق بالعالم الإسلامي و تحديدًا أفغانستان و باكستان كما يتم أيضًا تضمين العديد من دول آسيا الوسطى .
و يقع الشرق الأوسط عند ملتقى قارات أفريقيا و أسيا و أوروبا و المحيط الهندي و البحر الأبيض المتوسط و يعد مسقط رأس الديانات السماوية مثل المسيحية و الإسلام و اليهودية إضافة إلي ديانات أخري مثل المانوية و اليزيدية و الدرزية في الشام و في “إيران” الميثراسية و الزرادشتية و العقيدة البهائية كما كان الشرق الأوسط علي مدار تاريخه مركزاً رئيسياً للشؤون العالمية و منطقة حساسة إستراتيجياً و إقتصادياً و سياسياً و ثقافياً و دينياً فخلال العصر الحجري ما قبل تكوين الحضارات تشكلت العديد من الثقافات المتقدمة في جميع أنحاء الشرق الأوسط .
و يُعرف الشرق الأوسط على نطاق واسع بأنه مهد الحضارات حيث نشأت علي أراضيه أقدم الحضارات في العالم مثل حضارة بلاد ما بين النهرين (سومر و آشور و بابل) و حضارة مصر القديمة و حضارة كيش في بلاد الشام و قد تأسسوا جميعهم في مناطق الهلال الخصيب و وادي النيل ثم تبعتهم الحضارات الحيثية و اليونانية و الحورية و الأورارتية في آسيا الصغرى و حضارات عيلام وفارس و الميدية في ” إيران ” بالإضافة إلى حضارات الشام مثل كنعان وآراميا و فينيقيا و حضارة شبه الجزيرة العربية مثل ماجان و سبأ و أوبر و من وقت إلي أخر كان يتم توحيد تلك المنطقة حيث كانت البداية تحت حكم الإمبراطورية الآشورية الجديدة ثم الإمبراطورية الأخمينية ثم الإمبراطورية المقدونية و بعد ذلك من قبل الإمبراطوريات الإيرانية مثل البارثية و الساسانية ثم الإمبراطورية الرومانية و البيزنطية حيث كانت المنطقة بمثابة المركز الفكري و الإقتصادي للإمبراطورية الرومانية و التي تمركزت فيها للدفاع عنها من الغارات و الغزوات الساسانية و البدوية .
و منذ القرن الرابع الميلادي أصبح الشرق الأوسط مركزًا للقوتين الرئيسيتين في ذلك الوقت و هم الإمبراطورية البيزنطية و الإمبراطورية الساسانية ومع ذلك فإن الخلافة الإسلامية اللاحقة في العصور الوسطى أو العصر الذهبي الإسلامي الذي بدأ مع الفتح الإسلامي للمنطقة في القرن السابع الميلادي كان من شأنه توحيد المنطقة و جعل الإسلام هو المهيمن فيها حيث سيطرت الخلافة علي منطقة الشرق الأوسط لأكثر من 600 عام تداول الحكم فيها الخلافات الأموية و العباسية و الفاطمية و منذ القرن السادس عشر فصاعدًا أصبح الشرق الأوسط خاضعًا لهيمنة قوتين رئيسيتين مرة أخرى و هم الإمبراطورية العثمانية و الصفوية .
بعد ذلك بدأ الشرق الأوسط الحديث عقب الحرب العالمية الأولي حين هُزمت الإمبراطورية العثمانية التي كانت متحالفة مع القوى المركزية على يد الإمبراطورية البريطانية و حلفائها و تم تقسيمها إلى عدد من الدول المنفصلة التي كانت في البداية تحت الإنتداب البريطاني و الفرنسي ثم رحلت تلك القوى بحلول نهاية الستينيات و قد حل محلهم جزئياً النفوذ المتزايد الأمريكي و خلال الحرب الباردة كان الشرق الأوسط مسرحا للصراع الإيديولوجي بين القوتين العظميين و حلفائهم سواء من جهة حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) و ” الولايات المتحدة ” و من جهة أخري ” الإتحاد السوفيتي ” و حلف وارسو من جهة أخرى حيث تنافستا على التأثير على الحلفاء الإقليميين و طوال القرن العشرين أعطت المخزونات الكبيرة من النفط الخام في المنطقة أهمية إستراتيجية و إقتصادية جديدة حيث بدأ الإنتاج الضخم للنفط حوالي عام 1945 و أمتلكت المملكة العربية السعودية و إيران و الكويت و العراق و الإمارات العربية المتحدة كميات كبيرة من النفط و تعد إحتياطيات النفط المقدرة خاصة في المملكة العربية السعودية و إيران من أعلى الإحتياطيات في العالم كما تهيمن دول الشرق الأوسط على منظمة أوبك النفطية الدولية.
و يشكل العرب أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط تليها الشعوب الإيرانية المختلفة ثم الشعوب التركية (الأتراك و الأذريون و تركمان سوريا و تركمان العراق) و تتميز المنطقة بالتنوع الكبير عندما يتعلق الأمر بالديانات حيث نشأ الكثير منها هناك و يعتبر الإسلام هو أكبر ديانة في الشرق الأوسط أما اليهودية و المسيحية فهي ممثلة بنسب جيدة أما بالنسبة إلي اللغة فتعد اللغات الست الأعلى من حيث عدد المتحدثين هي العربية و الفارسية و التركية و الكردية و العبرية و اليونانية و تعد اللغة العربية بكل لهجاتها هي الأكثر إنتشارًا حيث تعد اللغة رسمية في جميع دول شمال أفريقيا و في معظم دول غرب آسيا ثم تأتي اللغة الفارسية التي يتم التحدث بها بشكل أساسي في إيران و بعض المناطق الحدودية في البلدان المجاورة ثم اللغة التركية التي يقتصر الحديث بها في تركيا .