تتنوع السفن و تختلف تصميماتها بحسب الغرض المرجو منها ما بين المخصص للصيد و نقل الركاب او المستخدم فى الأغراض العسكرية و البحثيه حيث تمتلك الولايات المتحدة العديد من سفن الأبحاث لجمع البيانات عن المحيطات و المناخ و الحياة البحريه و رغم اختلاف أحجامهم الا أنهم يتشابهون جميعا فى أسلوب التصنيع و التنقل على مسارات أفقيه عبر المسطحات المائيه و رغم ذلك الا انه توجد من بينهم سفينة بحثية فريدة من نوعها يطلق عليها اسم فليب شيب Flip Ship و التى تتميز بامتلاكها القدرة و المرونه على الوقوف عموديًا بزاوية تبلغ 90 درجه على سطح المياه بالمقارنة بأوضاع السفن التقليدية الأخرى حيث يتم غمر ما يصل 90 مترا من جسمها أسفل المياه و ترك اكثر من 16 مترا أعلاه لتقف كما و لو أنها تبدو كمنصة هادئه و مستقرة لاجراء قياسات علمية دقيقه على سطح البحر .
بدأ تصنيع تلك السفينة الوحيدة من نوعها عام 1962 من قبل البحرية الأمريكيه بالتعاون مع المختبر الفيزيائي البحري ثم خضعت لاحقا لعملية تجديد و صيانه عام 1995 و من الطريف أن مصممي السفينة لم يتوقعوا فى بدايتها أن تحظى بشعبية كبيرة حيث وضعت التصميمات الأصلية لها على افتراض أن العلماء سيصعدون إلى المنصة كل يوم لإجراء الأبحاث ثم يعودون إلى السفينة الأم ليلاً للنوم الا انهم وجدوا ان العاملين فيها أصبحوا لا يريدون تركها نظرا للراحه الكبيرة عليها لذلك تم اجراء العديد من التعديلات لاقامة الأفراد بها لفترات قد تصل الى أسابيع .
أقرأ أيضا : لم يستطيع أحد الوصول اليها سوى ثلاثة أفراد .. تعرف على خندق ماريانا أعمق نقطة موجودة على الأرض
يبلغ طول سفينة فليب شيب Flip Ship ما يقارب 108 متر و تمتاز بقدرتها على الانتقال من الوضع الأفقى المعروف للسفن الى الوضع الرأسى و ذلك عبر السماح للمياه بالتسرب إلى خزانات الصابورة الخاصة بها خلال فترة زمنية تستغرق 30 دقيقة تقريبا و ذلك من أجل الأغراض البحثيه كما تم تصميم أدوات البحث بها بشكل معين يعمل على تحويل الادوات تلقائيا الى وضع قابل للاستخدام يتمكن منه الباحثين من تشغيله بشكل طبيعى و أيضًا تصميم المقصورة الداخلية و الطوابق الخاصة بطاقم السفينة لتراعى تلك التحولات حيث يوجد بابان لكل غرفة على السفينة لتسهيل الدخول و الخروج عندما تكون السفينة أفقية و عمودية مع تصميم الأسرّة و مواقد الغاز و المراحيض بطريقة تجعلها دوارة بحيث يمكن استخدامها بشكل مناسب اى كان وضعها و عند الانتهاء من الابحاث يتم اعادة السفينة مرة أخرى الى الوضع الأفقى من خلال استخدام الهواء المضغوط لطرد الماء من خزانات الصابورة .
و يعتبر الدافع الرئيسي لتصميم فليب شيب Flip Ship هو أنه بشكل عام لا يسمح الوضع الأفقي للسفن بقراءات دقيقة للأمواج و البيانات المحيطية الأخرى ذات الصلة بسبب حركتها على سطح المياه و التى تقلل من فاعلية أجهزة القياس لذلك فقد تم تصنيعها لحل تلك المشكله من خلال توفير المرونة اللازمة للوقوف بشكل عمودي و مستقل عن الأمواج في الماء للحصول على تثبيت أكبر كما يمكنها المناورة في كل من المياه الضحلة و العميقة و نظرًا لأن الغرض الرئيسي منها هو البحث فى المحيطات فهى ليس لديها أي محركات للحركه حيث تُستخدم القاطرات لجرها و تتراوح سرعتها القصوى عند سحبها في المياه ما بين 7-10 عقدة و بمجرد أن تكون عمودية التموضع فإنها لا تتطلب أي دعم إضافي لإبقائها سليمة رأسياً و عند بدء غمرها يتحرك طاقمها الى الجزء الامامى للسفينه الذى سيكون العلوى بعد ذلك و هم يرتدون سترات النجاة و يتأكدون جيدا من وضع أغراضهم بشكل سليم على الأرفف تجنبا لسقوطها عند الانتقال من وضع الى اخر حيث تبدء المياه فى غمر خزانات الصابورة لفترة زمنيه تصل الى نصف ساعه لا تشعر فيها بأول عشرين دقيقة بأى شئ لأن خزانات الصابورة تمتلئ ببطء شديد لكن الدقائق الخمس الأخيرة مثيرة للغاية لأن السفينة تبدء فى التحول بشكل عمودي و يتحول عالمك المحيط من الاتجاه الأفقى الى الرأسى و يبدء العلماء فى تشغيل أجهزتهم و البدء في جمع البيانات من أجهزة الاستشعار الموضوعة في كل مكان .
و تدار حاليا سفينة فليب شيب Flip Ship من قبل معهد سكريبس لعلوم المحيطات حيث تستخدم فى العديد من الابحاث المتنوعه بعضها متعلق بمشاريع عسكرية و أمنيه من خلال اجراء العديد من التجارب ذات الصلة بالاضافة الى الأبحاث العلمية المتعلقة بصوتيات المحيطات و دراسات الثدييات و النباتات البحرية و الجيوفيزياء و الأرصاد الجوية و علوم المحيطات الفيزيائية و زيادة فهم الأمواج التي تعبر المحيط حيث تمكنت من التنبؤ بالعديد من النقاط و التغيرات المهمة التي تحدث للمحيطات و الحياة البحرية بشكل عام كما انها تعد مشروع تعليمى كأداة تدريبية لطلاب الجامعات و الاكاديميات من اجل اعدادهم ليكونوا جيل قادم من العلماء .