دائما ما أرتبطت السفن ببعض من أشهر الحوادث التاريخية و التى قد يكون بعضها مأساوى مثلما حدث مع السفينة تيتانيك و بعضها بطولى يتجسد فى العديد من السفن الحربية التى خاضت العديد من المعارك و انتصرت فيها و الأخر مقترن بالغموض حول سفن أختفت فجأة من دون أن تترك ورائها أى أثر كما يحدث عند منطقة مثلث برمودا و لكن ربما يكون الأشد غموضا من الإختفاء هو الظهور و ذلك بعد العثور على سفن و هى خالية تماما من مرتاديها و دون أن يتركوا ورائهم أى أثر أو دليل يشير الى ما حدث لهم و هى ظاهرة حدثت للعديد من السفن لكن أشهرها هى السفينة التجارية الأمريكية ماري سليست التى تم العثور عليها بحالتها الطبيعية و لكنها خاوية تماما من أفراد طاقمها دون أى تفسير تاركة ورائها واحدة من أكثر الألغاز البحرية المحيرة حتى وقتنا الحالى .
بدأت قصة السفينة “ماري سليست” في 5 ديسمبر عام 1872 حين شاهد القبطان البريطاني للسفينة ” دى جراتيا ” أثناء إبحاره في الطقس القاسي سفينة تسير على غير هدى و يبدو أنها مهجورة و تنجرف عبر المحيط الأطلسي بالقرب من جزر الأزور على بعد 1600 كيلومتر غرب “البرتغال” و حين توجه طاقم من سفينة ” دى جراتيا ” و صعد على متنها وجدوا كل شيء في حالة ممتازة حتى ملابس الطاقم كانت معبأة بأناقة الى جانب توفر الطعام و الماء لمدة ستة أشهر و مع ذلك لم يتم العثور على أي شخص حى في أي مكان و كانت الدلائل الوحيدة على حدوث شئ ما فى السفينة كانت مضخة مفككة في المخزن و قارب نجاة مفقود و هكذا بدأ أحد أكثر ألغاز البحر ديمومة .
و بالتحرى عن مسار السفينة ” ماري سليست ” فهى بدأت رحلتها في 7 نوفمبر عام 1872 حين غادر القبطان “بنجامين بريجز” مع زوجته و إبنته و معه طاقمه المكون من سبعة أفراد بتلك السفينة التجارية لنقل شحنة من الكحوليات من ميناء “نيويورك” فى “الولايات المتحدة” إلى ميناء جنوة فى “إيطاليا” و لكنهم لم يصلوا أبدا الى وجهتهم فبعد مغادرة “نيويورك” شقت السفينة “ماري سيليست” طريقها عبر البحار الغادرة و الرياح العاصفة لمدة أسبوعين ثم في 25 نوفمبر أدخل القبطان ما سيكون آخر إدخال في سجلها و الذى أشار الى أن كل شئ على ما يرام و لكن عند العثور على على السفينة يوم 5 ديسمبر لم يكن بها أي شخص و عندما صعد طاقم ” دى جراتيا ” على متنها وجدوا الشحنة سليمة رغم أن بعض البراميل فارغة و لحسن الحظ كانت سفينة الأشباح تلك لا تزال صالحة للإبحار لذلك تم تعيين جزء من طاقم ” دى جراتيا ” لادارتها و أبحرت السفينتان معًا إلى جبل طارق حيث كان بإمكانهما المطالبة بحقوق الإنقاذ بموجب القانون البحري .
و ظل ذلك اللغز من دون أى حلول لفترة امتدت الى قرن و نصف حيث بدء البعض فى وضع نظريات و فرضيات حول ما حدث على متن السفينة ” ماري سليست ” منها فرضية أن بعض من أفراد الطاقم قد شرب الكحول و بدء فى حالة من التمرد الا أنه لم تكن هناك أي علامة على العنف كما أفترض أخرين أن قراصنة قد داهموا السفينة و لكن لوحظ أنها لا تزال تحتفظ بشحنتها كما لم تُفقد أية أشياء ثمينة أخرى على متنها حتى أن البعض قد بدء فى وضع فرضيات غريبة حول وجود وحوش فى المحيط قد قامت بمهاجمتهم و إفتراسهم و لكن رغم كل تلك النظريات الا أن الأدلة الموجودة قد قامت بتفيندها كما وضعت نظرية أخرى أكثر منطقية و هي أن أبخرة الكحول قد فجرت احدى أغطية البراميل و خوفا من حدوث أى حرائق ترك الطاقم السفينة و لكن حتى تلك النظرية لم تلقى قبولا كبيرا لأنه تم ملاحظة أن فتحات البراميل مغلقة بإحكام حتى أن البعض قد شك فى طاقم سفينة ” دى جراتيا ” قد قام بمهاجمة طاقم سفينة ” ماري سليست ” للحصول على أموالها فعندما وصلت السفينتان إلى “جبل طارق” طالبوا بحقهم فى إنقاذها و أشتبهت بهم المحكمة الأميرالية في البداية و لكن بعد تحقيق استمر ثلاثة أشهر لم يتمكنوا من العثور على أي دليل يدينهم و حصلوا على ما قيمته سدس إجمالى ثمن السفينة .
و فى عام 1884 ألهمت سفينة ” مارى سليست ” الكاتب ” آرثر كونان دويل ” مبتكر شخصية ” شيرلوك هولمز ” بكتابة قصة قصيرة بعنوان “بيان ج. هاباكوك جيفسون ” و نالت شعبية كبيرة دفعت السلطات الى فتح تحقيق جديد في السفينة و لكن لم يتم العثور على أى اكتشافات جديدة و أخيرًا في عام 2002 بدأت المخرجة الوثائقية “آن ماكجريجور” في التحقيق باستخدام أساليب حديثة حيث أعادت بناء مسار سفينة الأشباح و استنتجت أن القبطان قد أخطأ بالإبحار حيث كان على بعد 190 كيلومترا إلى الغرب من المكان الذي كان ينبغي أن يكون فيه لذلك عند اكتشافه لذلك الأمر غير مساره نحو جزيرة “سانتا ماريا” في “جزر الأزور” ربما للبحث عن مأوى من الطقس القاسي و لكن قال البعض أن ذلك غير كافى لجعل القبطان و طاقمه يهجرون السفينة و لكن واصلت المخرجة شرحها بأنه وقع تحت يدها معلومة تفيد بأن السفينة قد تم تجديدها مؤخرًا و أن غبار الفحم و الحطام الناجم عن التجديد قد تسبب في انسداد المضخات التي تزيل المياه من قاع السفينة و نتيجة ذلك الإنسداد فقد شعر الطاقم بأن السفينة سوف تغرق لذلك قرروا ترك السفينة .
أقرأ أيضا : هل تسبب مومياء فرعونية ملعونة فى غرق السفينة الشهيرة تيتانيك ؟
و ربما لا تكون نظرية ماكجريجور مقبولة عالميًا أو يمكن إثباتها بشكل قاطع لكنها على الأقل تتوافق مع الأدلة التى تم العثور عليها مثل المضخة المفككة على سبيل المثال و بطريقة لا تفعلها النظريات الأخرى و لكن ربما قد تكون هى الحل المنطقى و المقبول للغز السفينة “ماري سيليست” رغم ان تاريخها كان غير مريح حيث توفى والد مالك السفينة و هو على متنها و نتيجة شعور ابنه ان تلك السفينة منحوسة قرر بيعها و كان من الملاحظ أن كل ما أشتراها لازمه الحظ السيئ الى أن قرر أخر مالك لها إغراقها للحصول على تأمينها فوضع عليها حمولة زائدة الا انها لم تغرق فقرر حرقها الا ان شركة التأمين اكتشفت التلاعب و حوكم و مات مفلسا و أصبحت ” ماري سليست ” سيئة السمعة و تم اهمالها الى ان تكفل بها الزمن فى قاع المحيط .