الزلازل ظاهرة طبيعية تعد تجربة المرور بها بالنسبة للكثيرين مخيفة للغاية فبمجرد شعورك بأن الأرض تهتز أسفلك تكون رغبتك الوحيدة هي أن تتوقف بأسرع وقت ممكن لأن كارثة مثلها ينتج عنها تدمير الكثير من الممتلكات و حصد ألاف الأرواح بجانب أثارها اللاحقة فى المسطحات المائية و المؤدية الى حدوث موجات التسونامي التى من الممكن أن تجعل الأمور أسوء من ذلك و كثيرا ما نسمع قصصًا مروعة عن الزلازل و قدرتها على تدمير مكان ما في لمح البصر و رغم التطور التكنولوجى الحادث فى الوقت الراهن الا أنه حتى اللحظة من الصعب التحكم فى تلك الظاهرة حيث تشير الإحصائيات أنه يوميا يحدث ما بين 50 إلى 80 زلزالًا بواقع 2000 كل عام بالاضافة الى أنها تحدث بشكل مفاجئ و لسوء الحظ لا تحمل أى علامات تحذيرية بعكس البراكين و هو السبب فى ارتفاع معدلات الخسائر لعدم تأهب الناس للتعامل معها و على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومات لتوعية الجماهير بخطورة الزلازل و كيفية الأستعداد لها الا أنها لا تعد كافية حتى اللحظة .
ما هى أسباب وقوع الزلازل ؟
يتكون كوكب الأرض من طبقات تبدء من الداخل بنواة صلبة يليها طبقة الوشاح المكونة من الصهارة المنصهرة ثم القشرة التى تتكون من صفائح تكتونية و المعروف عنها بأنها تتحرك باستمرار بسبب التيارات الحرارية التي تسببها الحمم البركانية المنصهرة حيث تسمى الصفائح التكتونية الموجودة في المحيط بالصفائح المحيطية بينما الصفائح التكتونية الموجودة في القارات بصفائح قارية و نتيجة حركة تلك الصفائح ينشأ عنها الجبال و الوديان و قد تتفاعل مع بعضها البعض إما بالإبتعاد أو الأقتراب الذى يؤدى الى حدوث إنزلاق لصفيحة تحت الأخرى حيث تكون نقطة تلاقيهم خط الصدع و هو مكان يحدث فيه كسر بالقشرة الأرضية و يكون ناتج ذلك إنطلاق طاقة ضخمة تم تجميعها و تخزينها خلال حركة تلك الصفائح و هى التى ينتج عنها ظاهرة الزلازل التى تشعر بها الكائنات الحية بما في ذلك البشر حيث تتوقف شدتها على مقدار الطاقة المنبعثة من الأسفل .
و في مناسبات قليلة قد تسبق الزلازل هزات تحذيرية و تكون بشدة أصغر من الزلازل الرئيسية التي سوف تحدث في نفس المنطقة و التى تسمى بالصدمة الرئيسية و حتى الآن لم يتمكن العلماء من معرفة عما إذا كانت الزلازل الصغيرة التى قد تضرب مناطق ما من الممكن ان تكون تحذيرية لشئ أكبر ام لا و لكن على أى حال تتبع الهزات الرئيسية فى المعتاد هزات ارتدادية و هي مجموعة من الزلازل الصغيرة التي تحدث بعد الزلزال الرئيسي و اعتمادًا على حجم “الصدمة الرئيسية” فقد تستمر تلك الهزات الارتدادية في الحدوث لأسابيع أو شهور أو حتى سنوات و لحدوث الزلازل يتم إطلاق الطاقة الكامنة داخل الصفائح التكتونية من نقطة محورية تسمى “مركز الزلزال” و عادة ما توجد في الأعماق الضحلة من سطح الأرض حيث منها يتم إنتاج الموجات الزلزالية و إرسالها في جميع الاتجاهات و التى تنتقل بسرعات متفاوتة اعتمادًا على نوع المادة التي تمر بها سواء كانت يابسة أو مياه .
ما هى أنواع الزلازل ؟
تنقسم الزلازل الى عدد من الأنواع و هى كالاتى :
الزلازل التكتونية
تنشأ الزلازل التكتونية و كما أشرنا سابقا نتيجة احتواء قشرة الأرض على الصفائح التكتونية و هذه الصفائح قادرة على التحرك ببطء و بشكل تدريجي و تكون تلك الحركة بأشكال مختلفة اما بعيدا أو تجاه بعضها أو الانزلاق أو الاصطدام ببعضهما البعض و التى ينتج عنها هزة شديدة فعندما تنزلق صفيحتان متحركتان فوق بعضهما البعض يتكون الزلزال التكتوني و هو أكثر أنواع الزلازل انتشارًا في العالم و قد تكون شدتها صغيرة أو كبيرة و تتسبب تلك الزلازل التكتونية في معظم الدمار الشامل للكوكب و عادة ما تكون الهزات التي تسببها الزلازل التكتونية شديدة و إذا كانت قوتها عالية بشكل كافى فهي قادرة على تدمير مدينة بأكملها في ثوانٍ .
الزلازل البركانية
بالمقارنة مع الزلازل التكتونية فإن الزلازل البركانية أقل انتشارًا و تحدث عادة قبل أو بعد ثوران البراكين و تأتي في شكلين اولها الزلازل البركانية التكتونية و التى تحدث عادة بعد ثوران بركاني و أثناء ذلك الزلزال تنفجر الصهارة من داخل قشرة الأرض تاركة وراءها مساحات فارغة و في مناسبات عديدة قد تسد الصهارة تلك الفتحات أثناء النشاط البركاني و هذا يعني أن الضغط العالي لا يتم تحريره و يصبح تراكم الضغط لا يطاق و يطلق نفسه بانفجار هائل مؤديا إلى وقوع زلزال عنيف اما النوع الثانى من الزلازل البركانية فهو الزلازل البركانية طويلة الأمد و التى تحدث بعد ثوران بركاني فقبل بضعة أيام من الانفجار الهائل تتعرض الصهارة الموجودة داخل القشرة الأرضية لتغيرات سريعة في الحرارة و يؤدي ذلك التغير إلى حدوث موجات زلزالية مما يؤدي إلى حدوث تلك الظاهرة .
الزلازل الإنفجارية
و هى زلازل ناجمة عن الانفجارات النووية أى أنها نتيجة تدخل بشري و تمثل أكبر تأثير للحروب النووية الحديثة فخلال التجارب النووية التي أجرتها “الولايات المتحدة” في الثلاثينيات من القرن الماضي حدث تدمير للعديد من البلدات و القرى الصغيرة نتيجة لهذا العمل الجسيم .
الزلازل الإنهيارية
هذه الأنواع من الزلازل تكون أصغر بشكل عام و تحدث بشكل شائع بالقرب من المناجم تحت الأرض و يشار إليها أحيانًا باسم الرشقات النارية و هى ناتجة عن الضغط المتولد داخل الصخور حيث يؤدي ذلك النوع إلى انهيار سقف المنجم بشكل يؤدي إلى مزيد من الهزات و هى تنتشر بشكل كثيف في البلدات الصغيرة حيث توجد مناجم تحت الأرض .
الأثار المدمرة للزلازل
للزلازل العديد من الأثار المدمرة فى الممتلكات و الأرواح كما تتسبب فى خسائر اقتصادية تصل الى مليارات الدولارات و يمكن تلخيصها على النحو التالى :
تدمير المبانى
من الممكن أن تؤدى الزلازل الشديدة إلى انهيار كامل للمباني حيث يكون الحطام الناجم عن انهيارها هو الخطر الرئيسي لأن الآثار المتساقطة للأجسام الضخمة و الثقيلة يمكن أن تكون مميتة للإنسان كما تؤدي تلك الكارثة أيضا إلى تحطيم المرايا و النوافذ و هو ما يمثل أيضًا خطرًا على البشر .
الإضرار بالبنية التحتية
يمكن أن تتسبب الزلازل في سقوط خطوط الكهرباء و هذا أمر خطير لأن الأسلاك الحية و المكشوفة يمكن أن تصعق البشر أو تسبب الحرائق كما يمكن أن تقوم تلك الظاهرة الطبيعية في تدمير الطرق و انابيب المياه و خطوط الغاز و التى إذا كسرت فقد يحدث تسريب قد يؤدى الى حدوث إنفجارات و حرائق يصعب احتواؤها.
الانهيارات الأرضية و الصخرية
عندما تحدث الزلازل فمن الممكن أن يتم إزاحة الصخور الكبيرة و أجزاء من الأرض فى المرتفعات و بالتالي تتدحرج بسرعة منحدرة الى اسفل حيث يمكن أن يتسبب فى ذلك فى احداث دمار و موت للأشخاص الذين يعيشون أسفل فى الوديان .
تؤدى الى حدوث فيضانات
يمكن أن تؤدي الزلازل القوية إلى تكسير جدران السدود و التسبب فى حدوث إنهيارات به إما بشكل لحظى أو على المدى الطويل و هذا من شأنه أن يرسل المياه الهائجة إلى المناطق المجاورة بشكل يؤدي إلى حدوث فيضانات هائلة .
حدوث موجات تسونامي
التسونامي هو عبارة عن سلسلة من الهزات الأرضية الطويلة في أعالي البحار الناجمة عن حدوث زلزال أو ثوران بركاني تحت سطح البحر و يمكن أن يقضي التسونامي على سكان المناطق الساحلية المحيطة بأكملها و من الأمثلة على ذلك ما حدث في 11 مارس عام 2011 عندما ضرب تسونامى ساحل اليابان و خلف أكثر من 18000 قتيل في أعقابه .
يؤدي إلى حدوث تسييل
الإسالة هي ظاهرة تصبح فيها التربة مشبعة و تفقد قوتها و تماسكها و تبدأ في التصرف مثل السوائل و عليه فيكون جميع المباني و الهياكل الأخرى المبنية على قمة هذه التربة تنقلب أو تغرق في الأرض حيث تكون الزلازل هي المسؤولة عن معظم عمليات التسييل التي تحدث في جميع أنحاء العالم و من الأمثلة لظاهرة التسييل الزلزالى هو الذي وقع عام 1692 في “جامايكا” و الذي أدى إلى دمار مدينة “بورت رويال” .
كيف تقاس الزلازل ؟
تقاس الزلازل بكمية القوة أو الطاقة التي تنتجها و يتم ذلك من خلال مقياس ريختر و هو جهاز تم تطويره على يد العالم ” تشارلز ريختر ” من معهد كالفورنيا للتكنولوجيا و ربما قد تكون سمعت أو قرأت عن هذه الأداة في الأخبار أو الإنترنت حيث يستخدم ذلك المقياس المعلومات الناتجة من قياس الطاقة المنبعثه لحساب شدة الزلزال حيث تمنحك الشدة فكرة عن مدى التأثير و من المعروف أن الزلازل التي تحدث فوق 7 درجات على مقياس ريختر يكون لها تأثير مدمر و يمكن أن تتسبب فى أضرارًا جسيمة للأرواح و الممتلكات كما يوجد جهاز أخر اسمه ” السيزموجراف ” و هو المسئول عن قياس و تسجيل اهتزازات الزلازل و قياس الحركات المتعلقة بالأرض مثل الموجات الزلزالية .
و بشكل عام لا يمكن الشعور بالزلازل التي تحدث عند درجة أقل من 3 درجات على مقياس ريختر و يقال إن الزلازل التي تحدث بين 3 و 6 هي من النوع الخفيف و تعتبر دولة مثل “اليابان” عرضة لها بشكل دائم لأنها تأتي في منطقة نشطة زلزاليا و عندما يحدث زلزال في البحر فإنه يمهد الطريق لحدوث موجات تسونامي حيث وقعت إحدى أعنف موجاتها في المحيط الهندي في 26 ديسمبر عام 2004 .
هل يمكن التنبوء بالزلازل ؟
حتى الآن لم يتمكن العلماء من التنبؤ بالزلازل فرغم التقدم التكنولوجى و استخدام العديد من التقنيات الحديثة الا أنه و للأسف لم ينجح أي منها الا أنه لا تزال المحاولات جارية نظرا لأنه إذا تم التوصل الى وسائل للتنبؤ بها فيمكن إنقاذ العديد من الأرواح في المستقبل و لكن ما هو متاح حاليا و يمكن القيام به هو تثقيف نفسك حول كيفية التعامل معها حين حدوثها لكى تساعدك فى اتخاذ قرارات سليمة فى أوقات الخطر مع اتخاذ تدابير احترازية عن طريق شراء عقارات لا تقع في مناطق معروفة بالنشاط الزلزالى أو خطوط الصدع .