الزجاج هو مادة صلبة غير عضوية يكون عادةً شفاف أو نصف شفاف و هو غير منفذ للعناصر الطبيعية و قد تم تصنيعه إلي أشياء عملية و زخرفية منذ العصور القديمة و لا يزال حتي اللحظة عنصرا مهمًا جدًا في التطبيقات المختلفة مثل تشييد المباني و الأدوات المنزلية و الإتصالات السلكية و اللاسلكية و يتم تصنيعه عن طريق تبريد المكونات المنصهرة مثل رمل السيليكا بسرعات كافية لمنع تكوين بلورات مرئية و رغم إختلاف أنواعه بشكل كبير في التركيب الكيميائي و في الصفات الفيزيائية إلا أن معظمها يشترك في صفات معينة و هو يكتسب ألوانه المختلفة حال دمجه مع أكاسيد معدنية معينة و يتميز بأنه موصل ضعيف للكهرباء و الحرارة كما أن تأثره قليل بالمذيبات العادية لكنه يتعرض للهجوم بسهولة بواسطة حمض الهيدروفلوريك.
و يمكن تقسيم الزجاج التجاري إلي زجاج ” الصودا و الجير و السيليكا ” و هو يصنع من ثلاث مواد رئيسية و هي الرمل (ثاني أكسيد السيليكون أو SiO2) و الحجر الجيري ( كربونات الكالسيوم أو CaCO3 ) و كربونات الصوديوم أو Na2CO3 حيث تعتبر السيليكا المنصهرة أو الرمال بحد ذاتها زجاج ممتاز و لكن نظرًا لأن نقطة إنصهارها أعلي من 1700 درجة مئوية و بما أن الوصول إلى درجات الحرارة العالية هذه مكلف جدا فيتم تقليل درجة إنصهار السيليكا من خلال إضافة تدفق ما و هو كربونات الصوديوم (رماد الصودا) فمع إضافة 25% من أكسيد الصوديوم إلى السيليكا يتم تقليل درجة الإنصهار من 1723 إلى 850 درجة مئوية لكن مثل هذه الأنواع تكون قابلة للذوبان في الماء بسهولة و تسمي محاليلها زجاج الماء لذلك فيعد إضافة الجير (أكسيد الكالسيوم أو CaO) الذي يوفره الحجر الجيري أمر ضروريا لأنه يجعله غير قابل للذوبان مرة أخرى مع ضرورة أن تكون نسبة الإضافة منه قليلة لأن الكثير منه يجعل الزجاج عرضة لإزالة التزجيج أي ترسيب المراحل البلورية في نطاقات معينة من درجات الحرارة لذلك يعتبر التركيب الأمثل للزجاج التجاري هو حوالي 75% من السيليكا و 10% من الجير و 15% من الصودا .
و في صناعة قوالب الزجاج من المعتاد إستخدام 6% من الجير و 4% من المغنيسيا (أكسيد المغنيسيوم أو MgO) و في زجاج النظارات يوجد حوالي 2% من الألومينا (أكسيد الألومنيوم أو Al2O3) كما تتم أيضًا إضافة مواد للمساعدة في صقل الزجاج (أي إزالة الفقاعات التي خلفتها عملية الصهر) و مواد لتحسين لونه فعلي سبيل المثال يحتوي الرمل دائمًا على الحديد كشوائب و على الرغم من أن المادة المستخدمة في صنع الزجاج يتم إختيارها خصيصًا لمحتواها المنخفض من الحديد إلا أن الآثار الصغيرة للشوائب لا تزال تضفي لونًا أخضر غير مرغوب فيه لذلك من خلال إستخدام السيلينيوم و أكسيد الكوبالت مع آثار من ثالث أكسيد الزرنيخ و نترات الصوديوم من الممكن تحييد اللون الأخضر و إنتاج ما يسمى بالزجاج الأبيض (منزوع اللون) .
أما بالنسبة إلي النظارات فيتم تصنيعها بتركيبات مختلفة و غالبًا ما تكون أكثر تكلفة عند الحاجة إلي خصائص فيزيائية و كيميائية خاصة فعلى سبيل المثال في النظارات البصرية يلزم وجود مجموعة واسعة من التركيبات للحصول على مجموعة متنوعة من معامل الإنكسار و التشتت اللازم إذا كان مصمم العدسات يريد إنتاج عدسات متعددة المكونات خالية من العيوب المختلفة المرتبطة بعدسة واحدة مثل الإنحراف اللوني كما تم تطوير أنواع من الزجاج عالية النقاء و فائقة الشفافية لإستخدامها في أنظمة إتصالات الألياف الضوئية حيث يتم نقل الرسائل على شكل نبضات ضوئية عبر الألياف الزجاجية .
و عندما يتعرض الزجاج العادي لتغير مفاجئ في درجة الحرارة ينتج فيه ضغوط تجعله عرضة للكسر و مع ذلك فمن خلال تقليل معامل التمدد الحراري من الممكن جعله أقل عرضة للصدمة الحرارية و يعتبر الزجاج ذو معامل التمدد الأدنى هو منصهر السيليكا و أبرز مثال تطبيقي علي ذلك النوع هو البورسليكات المستخدم في صنع أدوات الطهي المنزلية و الذي يبلغ معامل تمدده ثلث معامل تمدد زجاج الصودا و الجير و السيليكا و من أجل تحقيق هذا التخفيض يتم إستبدال الكثير من أكسيد الصوديوم المضاف كتدفق بأكسيد البوريك (B2O3) و بعض من الجير بالألومينا كما يوجد نوع خاص آخر مألوف و هو الزجاج البلوري الرصاصي المستخدم في صناعة أدوات المائدة المتميزة و فيه يتم إستخدام أول أكسيد الرصاص (PbO) كتدفق و من الممكن الحصول على نوع ذات معامل انكسار مرتفع و بالتالي الحصول علي التألق و البريق المطلوب .
و من أجل تلوين الزجاج تستخدم بشكل عام الأكاسيد المعدنية و قد ينتج نفس الأكسيد ألوانًا مختلفة مع مخاليط زجاجية مختلفة و قد تنتج أيضا أكاسيد مختلفة من نفس المعدن ألوانًا مختلفة حيث ينتج الكوبالت اللون الأرجواني و الأزرق و الكروم الأخضر أو الأصفر و اليورانيوم اللون الكناري مزدوج اللون و البنفسجي للمنجنيز و ينتج أكسيد الحديدوز لونًا أخضر زيتونيًا أو أزرقًا شاحبًا حسب الزجاج الذي يخلط به و يعطي أكسيد الحديديك اللون الأصفر و لكنه يتطلب عامل مؤكسد لمنع الإختزال إلى الحالة الحديدية و الرصاص يعطي لون أصفر شاحب بينما يعطي أكسيد الفضة صبغة صفراء دائمة و يُضاف الفحم النباتي المقسم جيدًا إلى كوب الصودا و الجير ليعطي لونًا أصفر و تعطي السيلينيتات و السيلينات لونًا ورديًا شاحبًا أو أصفر ورديًا و يبدو أن التيلوريوم يعطي لونًا ورديًا شاحبًا و النيكل مع زجاج البوتاس و الرصاص يعطي اللون البنفسجي و اللون البني مع زجاج الصودا و الجير و يعطي النحاس لون الطاووس الأزرق كما يصبح أخضر إذا زادت نسبة أكسيد النحاس .
و تاريخيا تم صنع الزجاج لأول مرة في العالم القديم لكن أصوله المبكرة ما زالت غامضة و لكن يعتبر الخرز الزجاجي المصري هو أقدم الأشياء المعروفة و يعود تاريخه إلي حوالي 2500 قبل الميلاد و في وقت لاحق في الحضارة المصرية تم صنع نوع يتميز بأنماط ريشية أو متعرجة من الخيوط الملونة على سطح الوعاء الزجاجي أما الأصول الحقيقية للزجاج الحديث فتعود إلي الإسكندرية خلال العصر البطلمي ثم في روما القديمة لاحقًا و أتقن الحرفيين السكندريين تقنية تُعرف بإسم زجاج الفسيفساء حيث يتم قطع شرائح من قصب الزجاج بألوان مختلفة بشكل متقاطع لعمل أنماط زخرفية مختلفة بالإضافة إلي زجاج ميلفيوري الذي يتم قطع العصي فيه بطريقة تنتج تصميمات تذكرنا بأشكال الزهور و هو نوع من زجاج الفسيفساء كما تم تطوير النوع المقولب في وقت مبكر حيث يتم ضغطه في قالب لتشكيل شكل معين و أمكن أيضًا إستخدام أنواع مختلفة من الزخارف التي تتضمن النقش و اللون .
و من المحتمل أن يكون نفخ الزجاج قد تم تطويره خلال القرن الأول قبل الميلاد على يد صانعيه في ” سوريا ” و بإستخدام هذه التقنية كانت إمكانيات تشكيله إلي الأشكال المرغوبة لا حصر لها حيث يمكن نفخه في قالب أو تشكيله بشكل حر تمامًا كما أتقن الرومان زجاج النقش حيث تم إنتاج التصميم عن طريق قطع طبقة من الزجاج لترك التصميم بارزًا ثم جاءت التطورات الرئيسية التالية في تاريخه خلال وقت مبكر من القرن الثالث عشر و القرن الخامس عشر في البندقية حيث أصبحت جزيرة مورانو مركزًا لصناعة الزجاج حيث إستخدم الصانعين في البداية العديد من التقنيات الزخرفية القديمة لإنتاج قطع غنية بالألوان ذات زخارف مميزة لعصر النهضة الإيطالية.
و في وقت لاحق تم تطوير نوعا شفافًا مشابهًا للكريستال و أطلقوا عليه إسم كريستالو و الذي كان من المفترض أن يشكل الأساس لتجارة التصدير المزدهرة حيث إنتشر ذلك النوع في جميع أنحاء أوروبا و كان هذا الزجاج المنفوخ البسيط مطلوبًا بشدة في القرن السادس عشر و يستخدم في الزخرفة من خلال نقش التصاميم الدقيقة ثم تم ممارسة النقش بالنقطة الماسية بشكل خاص في ” هولندا ” و ” ألمانيا ” .