شاهدنا كثيرا أفلاما و مسلسلات تتناول قصة أحد القتلة المسلسلين الذين يقومون بترويع الناس و يكون دور البطل هو خوض المغامرات المثيرة للوصول إليه و إعتقاله و لكن يبدو أن الوضع مختلف تماما فى الصين بعد أن تفاجئ عشاق السينما فى تلك البلد خلال فترة التسعينيات بمنع عرض أحد الأفلام الشهيرة الذى حمل عنوان الرجل العجوز و الكلب The Old Man and the Dog دون إبداء أى أسباب و نتيجة فضول الناس لمحاولة معرفة دوافع ذلك القرار أكتشفوا أنه لم يرجع لقلة جودة الفيلم او لمحتوى مبتذل فيه أو لاحتوائه على إسقاطات سياسية و لكن بسبب وجود كلب أصفر صغير فيه كان من أكلي لحوم البشر بالإضافة الى أن مدربه الذى كان من ضمن طاقمه هو تشينج بينج أشهر قاتل متسلسل فى تاريخ البلاد و الذى روع الأمه لفترة طويلة امتدت لسنوات و هو الأمر الذى أصاب الجميع بصدمة كبيرة ليس لعشاق السينما فى الصين وحدها و لكن فى العالم كله بعد أن أنتقل الحديث عن الفيلم من صفحات الفن الى الحوادث .
بدأت قصة فيلم ” الرجل العجوز و الكلب ” عام 1993 حين ذهب المخرج الصيني الشهير ” تشي جين ” إلى مدينة ” نينجكسيا ” لإخراجه و يروى قصة درامية لرجل عجوز يعيش مع امرأة و كلب و في البداية كان اختيار طاقم التمثيل قويا و بدأت الإستعدادت للتصوير لكن المخرج أكتشف أنه ينقصه عنصر هام و أساسي فى الفيلم و هو الجرو الذى سيظهر فى معظم الأحداث لذلك بدأت عمليات بحث مكثفة تم خلالها العثور على الكثير من الجراء لكن القليل منهم فقط هم من كانوا مطيعين و مع ذلك لم يتمكنوا من تحقيق التأثير المطلوب أثناء التصوير و هو ما دفع المخرج ” تشي جين ” الى المطالبة بضرورة توفير احد الكلاب المدربة و بعد إجراء مقابلات مع العديد من الجراء تم في النهاية اختيار واحد منهم أحضره شاب يرتدي ملابس بسيطة و كان الجرو مطيعًا للغاية و يمكنه تنفيذ الكثير من متطلبات العمل و من أجل التأكد من ظهوره فى تصوير المشاهد على أفضل صورة طُلب من مالكه الذى كان يدعي ” تشينج بينج ” البقاء مع الطاقم من أجل المساعدة في التصوير حتى أنه قام أيضًا ببعض الأدوار الرائعة فيه كدوبلير للبطل و أخيرا تم الإنتهاء من تصوير الفيلم بنجاح .
و صدر فيلم ” الرجل العجوز و الكلب ” و حقق نجاحا كبيرا بين الجمهور و نال اشادات كثيرة من النقاد كما أنه فاز أيضًا بالعديد من الجوائز و سرعان ما أثار الكلب الأصفر الصغير حب الناس بالإضافة الى إعجابهم بقدرة مالكه على تدريبه بذلك الشكل و هو ما دفع ” تشينج بينج ” الذى كان يدرب عدد من الكلاب الأخرين أيضا للإستفادة من تلك الموجة الشعبية و أنشأ مركزًا لتدريب الكلاب الأليفة و يأتى اليه الكثير من الناس للتعامل معه و يصبح واحد من مشاهير منطقته المحلية و لكن كما هى الحياة حين يقترن النجاح بشئ لابد و ان يرتبط به جزء من المشاكل لأنه فى أحد الأيام تم إلقاء القبض على ” تشينج بينج ” بشكل مفاجئ من قبل الشرطة مع توجيه اتهامات اليه بإرتكابه عدد من جرائم القتل الوحشية على مدار سنوات و هو الأمر الذى مثل صدمة كبيرة للجمهور و بدأوا فى التساؤل بكيف يمكن لشخص لطيف أن يصبح قاتلاً ؟
و بدأ الجميع فى متابعة قصة الرجل الذى أبهر الجميع فى فيلم ” الرجل العجوز و الكلب ” حيث ولد ” تشينج بينج ” عام 1962 بمدينة ” جانسو ” فى ظروف أسرية جيدة جدًا و نشأ مع الآلاف من الحيوانات الأليفة و رغم الحياة المريحة التى نشأ فيها الا أنها لم تساهد فى الحصول على إستقرار نفسي له بل على العكس جعلته قاتلا منحرفا حيث بدأت سلوكياته الغريبة فى الظهور حين كان طفلا و بدأت بكرهه للقراءة و إرتكابه لأخطاء فى المدرسة لدرجة الإعتداء على معلميه و زملائه بالضرب و هو ما أصاب والديه بخيبة أمل كبيرة فيه و يأسوا من إصلاح سلوكه و تركوه لحاله ليبدء حياته فى عالم الجريمة و التى بدأت فى سن العشرين بعد أن سجن لعامين بتهمة ارتكابه جريمة سرقة لجهاز تلفزيون و بعد إطلاق سراحه لم يتعلم مما حدث أو يعمل على تقويم سلوكه بل شعر أن ما يفعله غير كافي و أراد المزيد ليكون رجل عصابات يخشاه المجتمع و هو ما دفعه للتمادى لأبعد من ذلك .
و قتل “تشينج بينج” الرجل الذى أعجب به الكثيرين فى فيلم ” الرجل العجوز و الكلب ” لأول مرة عام 1988 و كانت ضحيته إمرأة تدعى ” هو ” ألتقى بها أثناء ركوب القطار و أقام علاقة عابرة معها و هو عكس ما أرادته تلك المرأة التى وقعت فى حبه و حين أراد أن ينفصل عنها بدأت بمطاردته فى كل مكان و هو ما أثار ضيقه و أغضبه بشده لأنه لم يعد يستطيع التخلص منها و بدأ بالتفكير فى محاولة معالجة تلك المشكلة و فى أحد الليالى و بينما كانوا سويا و خلال نومها التقط أداة حادة و ضربها على رأسها مباشرة مما أدى إلى مقتلها على الفور و من أجل التخلص من الجثة قام بإزالة ملابسها ثم وضع الجثة في حوض الاستحمام و قطعها بساطور ثم دفن البقايا في الفناء الخلفي و حرق الملابس حيث كانت تلك الجريمة هى مقدمة لسلسلة من الجرائم الأخرى و البشعة التى روعت البلاد .
و بعد مقتل “هو” أظهر ” تشينج بينج ” اهتمامًا بتربية الكلاب و اشترى سياجًا كبيرًا احاط به منزله و بدء فى بناء مزرعة كلاب مرتجلة حيث كان يحتفظ بما بين 20 و 30 كلبًا مختلفًا و بسبب الطبيعة الباهظة لهذه الهواية توصل إلى استنتاج مفاده أن أسرع طريقة لكسب المال هي تنظيم عصابة صغيرة و البدء في سرقة المؤسسات المختلفة و من أجل ذلك جند ابن عمه “شاو شياودان ” ليقوموا معا بعدد من جرائم السرقة و القتل بدأت عام 1990 بسرقة عدة بنادق و أكثر من ألف طلقة من إحدى شركات منتجات الغابات التى كان يعمل فيها و فى عام 1990 قتل سائقين أولهم يدعى ” يانج ” و الأخر ” تشانج ” من أجل سرقة سياراتهم حيث قام بتقطيع جثث الإثنان و إطعامهم للكلاب و أصبحت جرائم القتل بالنسبة إليه ممتعة و في عام 1992 التقى مجددا بامرأة اسمها ” ليو ” و طور الاثنان علاقة معا حيث كانت غالبًا ما تقضى الليل معه فى منزله و لكنها تختفى من حين الى اخر الى ان اكتشف بالصدفة ان صديقته التى يحبها لديها صديق أخر و قد أخذ الكثير من أمواله مما جعله يستشيط غضبا لذلك و خلال نومها أطلق عليها النار و سحب جسدها الى كلابه التى بدأت فى التغذى عليها و بعد ثلاثة أيام لم يتبقى من جسدها سوى الرأس فقط و مجموعة من العظام التى قام بإخفائها ثم عاد ليضرب مجددا حين التقى بامرأة تدعى السيدة “يو” و هي امرأة متزوجة كانت أكبر منه بسبع سنوات و كانت جزءًا من طاقم فيلم ” الرجل العجوز و الكلب ” و أقاموا علاقة سويا و بعدها قالت له أنها حاملا و أن الطفل من المحتمل أن يكون طفله ليقوم بالتخلص منها أيضا و لكن على عكس ضحاياه السابقين لم يمزق رفاتها و بدلاً من ذلك دفن جسدها بالكامل في الفناء الخلفي لمنزله و كانت أخر جرائمه لزميل له من الأثرياء يدعى ” تشانج ” قام بقتله بغرض سرقته و لكن لسوء حظه شكت زوجة الضحيه فيه و قامت بإبلاغ الشرطة التى داهمت منزل ” تشينج ” و وجدت الكثير من الأدلة الى تدينه و رغم هروبه لفترة الا انهم تمكنوا فى النهاية من القاء القبض عليه .
أقرأ أيضا : فيلم الرعب Freaks الذى تسبب خلال عرضه فى هروب المشاهدين من قاعات السينما و إصابة احداهن بالاجهاض
وبمجرد الكشف عن الحادثة و تاريخ ذلك القاتل المتسلسل شعر الناس بالحرج في جميع أنحاء البلاد و كان على رأسهم ” تشي جين ” مخرج فيلم ” الرجل العجوز و الكلب ” الذى لم يتخيل أن فيلمه الناجح كان متورطًا في قضية قتل متسلسلة و أن ذلك الكلب كان من أكلي لحوم البشر لذلك تم حظر الفيلم فى النهاية و بدأت التحقيقات مع ” تشينج بينج ” الذى لم يقر على الإطلاق بندمه على ارتكابه تلك الجرائم بل على العكس قال انه كان يستمتع بها و هو ما أثار مشاعر و غضب الرأى العام و بعد انتهاء التحقيقات تم تقديمه الى المحاكمة التى أدانته هو و شريكه ” شاو ” و حكمت عليهما بالإعدام ليس بمفردهم فقط و لكن برفقة كلابه أيضا الذى كان من بينهم الكلب الذى شارك فى الفيلم و تم تنفيذ الحكم عام 1995 و تنتهى قصة القاتل المتسلسل الذى عمل يوما هو و كلبه فى أحد الأفلام السينمائية الشهيرة و تسبب فى حظره رغم نجاحه لعقدين من الزمان حتى رفع عنه الحظر مؤخرا عام 2010 .