ظهرت الدبابات لأول مرة في ساحات المعارك كحل لحروب الخنادق حيث كانت مركبات كبيرة و ثقيلة و بطيئة الحركة و لكنها قادرة علي الوصول إلي خنادق العدو و الدخول معهم في مناوشات و بالتالي لم يعد هناك حاجة إلي إرسال جنود لتلك الأماكن الخطيرة لمواجهة الموت و يعد الجيش البريطاني أول من إستخدم تلك المركبات و صنعها سراً و لمنع العدو من إكتشاف هذا الإبتكار الجديد كان يتم إبلاغ الجمهور بأنها ناقلات مياه كبيرة أو صهاريج لذلك سميت في اللغة الإنجليزية بإسم تانك Tank أي الخزانات و أثبتت معارك الحرب العالمية الأولي مدي أهمية تلك المركبات و هو ما دفع العديد من الدول إلي محاولة إمتلاكها لكن القليل منهم فقط هم من كان لديهم الموارد الصناعية لبنائها و كانت بريطانيا و فرنسا أثناء الحرب و بعدها الرائدتين في مجال تصميم الدبابات ثم تحولت الأفضلية تدريجيًا خلال الثلاثينيات لصالح الإتحاد السوفيتي الذي بدأ مع ألمانيا في تصميم و بناء دباباته الخاصة و خلال الحرب العالمية الثانية أصبحت الدبابة قوة مهيمنة في ساحة المعركة حيث كان لدى الجيوش المتحاربة أساليب مختلفة في التعامل مع حروب الدبابات و كان لكل منها نصيبها العادل من النجاحات و الإخفاقات و بطبيعة الحال كانت تصميمات الدبابة من الداخل ضيقة المساحة و كانت بالكاد تتسع لطاقمها المكون من عدة أفراد لذلك حاول المصنعين قدر الإمكان تيسير التواجد في ذلك المكان الضيق بإضافة عدد من العناصر التي تكفل الراحة للطاقم داخلها حتي أنه تم تداول معلومة علي شبكة الإنترنت تشير إلي أن الدبابات البريطانية تحديدا كانت و لا تزال مجهزة بمرافق لصنع الشاي للأطقم الموجودة بالداخل و هو ما أثار الكثير من الجدل و دفعنا نحو التأكد من تلك المعلومة .
التقييم
الأدلة
لسنوات زعمت منشورات علي وسائل التواصل الاجتماعي أنه منذ عام 1945 كان الجنود البريطانيين يتمكنون من صنع الشاي داخل الدبابات التي يشغلونها و وسط تلك المنشورات صورة لإثنين من أفراد الخدمة البريطانية و هم يسكبان الشاي داخل دبابة .
و بالبحث عن أصل تلك المعلومة ثبت صحتها حيث يرجع سبب تجهيز الدبابات البريطانية من الداخل بأوعية الغليان من أجل صناعة الشاي إلي أن الجنود البريطانيين قبل ذلك كانوا عرضة للخطر وقت تجهيزه و تناوله خارج دباباتهم و هذا ما فهمه القادة الألمان خلال الحرب العالمية الثانية حيث كان البريطانيين لا يقضون يومًا دون شرب الشاي الساخن و لتحضيره كانوا لزاما عليهم الخروج من الدبابات التي يقومون بتشغيلها ثم يجهزونه بتسخين المياه في سخانات مؤقتة تعتمد علي الوقود و كانت تعرف تلك السخانات حينها بإسم “موقد بنغازي” و كانت إستراحات الشاي تلك تعني أن الدبابات كانت بدون طاقم و أن القوات المشتتة كانت أهدافًا سهلة و هو ما حدث بعد أسبوع من إنزال نورماندي في 13 يونيو عام 1944 حيث توقف الحرس المتقدم للواء المدرع الثاني و العشرين البريطاني في قرية فرنسية تدعى ” فيليرز بوكاج ” و خرجت القوات من دباباتها لتحضير الشاي و هو ما أدي إلي تعرضها لكمين نصبته وحدة مدرعة ألمانية أسفر عن خسارة البريطانيين لـ 14 دبابة في 15 دقيقة فقط .
و نتيجة ذلك الحادث مع حوادث أخري قام الجيش البريطاني عام 1945 بتجهيز دباباته الجديدة بـ “أوعية الغليان” و هي غلايات مياه خاصة تسمح بإستراحات شاي و طعام بشكل أكثر أمانًا دون المساس براحة و معنويات الجنود البريطانيين و تبين أن هذا كان قرارًا إستراتيجيًا حيث أظهرت دراسة أجراها الجيش البريطاني نشرت عام 1946 أن 37% من الضحايا في الوحدات المدرعة بين مارس 1945 و نهاية الحرب حدثت عندما كان الجنود خارج المركبات وقت تناول الشاي و نتيجة لذلك أصبحت ” أوعية الغليان ” جزءًا لا يتجزأ من الدبابات البريطانية و مع ذلك فهي ليست غلايات شاي كلاسيكية فوفقًا للشركة المصنعة لها فهي عبارة عن سخانات مياه تم تصميمها لتلبية متطلبات القوات و هي تعرف بإسم RAK15 و RAK30 ثم تمت إعادة تسميتها و تسويقها على أنها “أوعية الطبخ” و لإستخدامها يقوم الجنود بملء الحجرة الرئيسية بالماء لتسخينها أو وضع الوجبات الجاهزة للأكل داخلها .
و بينما كان الجيش البريطاني أول من قام بذلك بدأت الفكرة في الإنتشار حيث قالت الشركة المصنعة أنها تقوم حاليا بالمثل في المركبات المدرعة التابعة للجيش الأمريكي بالإضافة إلي أن جميع شاحنات الجيش البريطاني في أسطول مركبات الدعم مجهزة بتلك الوحدات التي أثبتت فائدتها بشكل خاص في حرب أفغانستان و التي أتاحت بقاء المركبات في حالة تحرك و بالتالي تكون أقل عرضة لهجمات الجماعات المتمردة .