وفقًا لإحصائيات اتحاد النقل الجوي الدولي فإنه يسافر يوميا ما يقارب من 8 مليون شخص و يحلق أكثر من 3 مليارات في السماء كل عام لذلك نستطيع القول أن أكثر وسائل المواصلات أمنا و راحة هى الرحلات الجوية بإستخدام طائرات النقل المدني لتميزها بأنها تنطلق دون عوائق كما أن حوادث تحطمها تكاد تكون ضئيلة للغاية و هو ما يجعل الخوف من ركوب الطائرات أمرا لا مبرر له و لكن نتيجة حادث نادر فى مطلع تسعينيات القرن الماضى لواحدة من رحلات الطيران و هى رحلة الخطوط الجوية البريطانية رقم 5390 فقد يبدو الخوف من الطيران أمر منطقى بعد أن كاد قائدها يفقد حياته حين تم طرده خارج كابينة القيادة فى الهواء أثناء تحليقها على إرتفاع شاهق مما مثل خطورة كبيرة على حياة ركاب تلك الطائرة .
بدأت القصة في 10 يونيو عام 1990 حين أقلعت رحلة الخطوط الجوية البريطانية رقم 5390 من مدينة “برمنجهام” بإنجلترا فى “المملكة المتحدة ” متوجهة نحو مدينة ” ملقا ” فى ” إسبانيا ” و هى تحمل على متنها 81 راكبا و أربعة من أفراد الطاقم حيث أقلعت دون أى مشاكل و تسير فى السماء بشكل معتاد لمدة 20 دقيقة و فجأه سمع الركاب دوي انفجار و الذى كان ناتج من انفصال الزجاج الأمامي الأيسر لكابينة القيادة عن الطائرة و لتوضيح الصورة بشكل أكبر فإن الوضع كما لو كان شخص يقود سيارته و الزجاج الأمامي الخاص به قد طار بشكل مفاجئ مع الفارق أنه فى حالة تلك الطائرة كانت القيادة على سرعة 805 كيلومتر فى الساعه و على إرتفاع سبعة كيلومترات عن الأرض و نتيجة لذلك تم انتزاع قائدها الكابتن “تيموثي لانكستر” من مقعده و شفطه الى الخارج من نافذة الكابينة المفقودة .
و لم يكن حادث طائرة الخطوط الجوية البريطانية يقتصر على كابينة القيادة فقط بل تم فتح بابها بشكل مفاجئ مما أعطى الركاب رؤية خالية من العوائق لكل ما كان يحدث داخلها و بدأت الأوراق و الحطام فى التطاير و تتحرك باتجاه مقدمة الطائرة و لحسن حظ قائدها الذى كان يتدلي خارجا فقد تم إنقاذه من خلال التفكير السريع لعضو طاقم الرحلة “نايجل أوجدن” الذى كان موجودا بالصدفة داخل الكابينة لتقديم الشاي للطيارين حيث أمسك بساقي “لانكستر” الذى كان يرفرف فى الخارج مثل الدميه نتيجة لشدة الهواء الناجم من سرعة الطائرة و تشبث بالكرسي ليثبتهما فى الوقت الذى اندفع الى الكابينة أحد أفراد الطاقم الأخرين و هو ” سايمون روجرز ” ليربط نفسه فى مقعد الطيار ثم أمسك الطيار بقوة بشكل سمح لـ ” نايجل أوجدن ” بالانتقال الى الخلف لمعالجة يده التى أصيبت نتيجة ما فعله و الذى كان يظن ان قائد الطائرة قد مات نتيجة ما حدث له حيث تقول ” مارجريت سيموندس ” التى كانت شاهدة عيان على الموقف بأنها رأت شئ كما و لو انه يشبه جثة معلقة من النافذة و أفراد من الطاقم متشبثين بساقه فى الوقت الذى كان مساعده ” أليستير أتشسون ” قد سارع بإرتداء قناع الأكسجين و اعادة تشغيل الطيار الألى الذى سيطر على مسار الطائرة مجددا و أخبر الركاب بما حدث و أعلمهم بضرورة الاستعداد لعملية هبوط إضطرارى حيث كان محظوظا حين وقعت تلك الكارثة لأنه كان لا يزال يرتدى حزام الأمان بعد اقلاع الطائرة و الا كان قد لحق بقائده .
و هبطت طائرة الخطوط الجوية البريطانية بشكل إضطرارى فى مدينة ” ساوثهامبتون ” و ساعد موظفى الطوارئ في إنزال الكابتن “لانكستر” بأمان و نقلوه إلى المستشفى كما ذهب جميع أفراد الطاقم و أربعة ركاب إلى المستشفى لتلقي العلاج من الصدمة و خرجوا لاحقا بعد الإطمئنان عليهم فى نفس اليوم و عانى “لانكستر” من كسر في الكوع و الرسغ و الإبهام و اصابة بقضمة الصقيع فى يد واحدة بينما اصيب ” نايجل اوجدن ” بخلع في الكتف و قضمة الصقيع ايضا وبعض الأضرار التي لحقت بعينه اليسرى و لكن بخلاف ذلك لم يصب بأذى و تم إرسال طائرة أخرى إلى مطار “ساوثهامبتون” و استقلها جميع الركاب باستثناء سبعة لإكمال رحلتهم إلى “ملقة” .
أقرأ أيضا : طفل يغافل والدته و يتوجه الى المطار ليستقل طائرة متجهة من انجلترا الى روما بدون جواز سفر أو تذكرة
و لحسن الحظ فإن حادث الخطوط الجوية البريطانية لم يسفر عن وفيات على الإطلاق و هذه الحقيقة وحدها تعتبر مدهشة و لكن يرجع الفضل فى ذلك الى سرعة رد فعل الطاقم و حسن تدبيره لمواجهة تلك المشكلة حيث قال المتحدث الرسمي للشركة “أنتوني كوكلين” بأن الطاقم كان ممتازا فى التعامل مع ذلك و لا يملكون سوى الثناء عليهم لأنهم كانوا مثال رائعا لليقظة و هم فخورون جدا بما فعلوه و في غضون خمسة أشهر عاد الطيار ” نيموثى لانكستر ” لعمله و يطير مرة أخرى و عاد أيضا “أوجدن” إلى العمل وتقاعد في عام 2001 و صدر تقرير فنى يوضح ان سبب الحادث يرجع نتيجة تركيب حاجز النافذة و تثبيتها بمسامير صغيرة جدًا و غير مناسبه مما ادى الى انفصالها خلال الرحلة و حدوث الانفجار بقذف النافذه و هو ما تسبب فى ذلك الحادث .