يعتبر الحمل هى الفترة التى يتطور فيها جنين واحد أو أكثر داخل رحم المرأة و هى عملية تحدث فى الغالب عن طريق الاتصال الجنسي و لكن فى وقتنا الحالى من الممكن أيضًا من خلال إجراءات تقنية الإنجاب المساعدة و هى حالة تستمر لفترة تتراوح 40 أسبوعا و تقسم الى ثلاثة مراحل تستغرق كل واحدة منها ثلاثة أشهر تقريبًا حيث يكون الثلث الأول من الحمل هو الوقت الذي يخصب فيه الحيوان المنوي للبويضة التى تنتقل إلى أسفل قناة فالوب ثم تلتصق بداخل الرحم حيث تبدأ في تكوين الجنين و المشيمة و خلال تلك الأشهر تكون احتمالية حدوث الإجهاض كبيرة جدا لذلك فهى تعتبر من أهم الفترات التى تحتاج الى رعاية و متابعة أما فى الثلث الثاني فيمكن الشعور بحركة الجنين و معرفة نوعه و في الأسبوع الثامن والعشرين يمكن لأكثر من 90٪ من الأطفال البقاء على قيد الحياة خارج الرحم إذا تم تزويدهم برعاية طبية عالية الجودة , و تعتبر رعاية ما قبل الولادة امر بالغ الأهمية لأنه يعمل على تحسين نتائج الحمل مثل تناول المزيد من حمض الفوليك و الابتعاد عن التدخين أو شرب الكحوليات اضافة الى ممارسة التمارين الرياضية بانتظام و إجراء اختبارات الدم و الفحوصات البدنية المنتظمة لأن عدم الاهتمام بصحة الأم و الجنين قد يؤدى الى الكثير من المضاعفات التى تشمل ارتفاع فى ضغط الدم و سكر الحمل و فقر الدم الناجم عن نقص الحديد و الغثيان و القيء الشديد , و نظرا الى أن عملية الحمل تعتبر معقدة و لا يزال الباحثين مستمرين فى دراستها فقد خرجت احدى المعلومات التى تفيد بأن الجنين داخل رحم أمه بإستطاعته إرسال خلايا جذعية خاصة به لإصلاح أعضاء أمه التالفة بحيث يبدو كما و لو أن الأمر علاقة نفعية تبادليه فمن ناحية توهب الأم لجنينها الحياة و هو فى المقابل يساهم فى علاجها و تدعيمها و لكن هل تلك المعلومة المتداولة صحيحة هذا هو ما سنبحث عنه .
التقييم
الأدلة
نشر مؤخرا عبر الانترنت و على صفحات شبكات التواصل الاجتماعى معلومة تفيد بأن جنين الأم الحامل يمكنه إرسال الخلايا الجذعية الخاصة به إلى والدته لإصلاح الأعضاء التالفة فيها و هو أمر أثار حالة من الجدل بين فريقين احدهما يؤكد تلك المعلومة و الأخر يرفضها الا أن ما يقوله العلم بالفعل تمثل فى ورقة بحثية نشرت عام 2016 فى احدى مجلات الأبحاث و التى قالت نصا :
يعرف مصطلح الخيمرية الدقيقة لخلايا الجنين بأنها استمرار وجود خلاياه الجنينية في الأم لعقود بعد الحمل دون أي رفض واضح لها حيث تغرس تلك الخلايا الخيمرية الدقيقة فى نخاع عظم الأم و تكون قادرة على الهجرة من خلال الدورة الدموية و الوصول إلى الأنسجة المعطوبة .
و للتوضيح أكثر فالخلايا الجذعية هي في الأساس خلايا مثل الألواح الفارغة التى لديها القدرة على التحول إلى مجموعة متنوعة من الأنسجة المختلفة و هى تلعب دورًا كبيرًا في نمو الجنين و عليه فإن فكرة الخيمرية الجنينية هي أنه يمكن نقل هذه الخلايا خارج نظام الجنين و تصبح مندمجة بالكامل في نظام الأم على الرغم من اختلاف الجينات المميزة للخلايا بينهم و هو أمر لم يكتشف حديثا بل كان معروف للعلماء منذ فترة طويله حيث وجدت دراسة أجريت عام 1996 في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences أن الخلايا المتميزة وراثيًا من جنين ذكر قد استمرت في جسم الأم لمدة 27 عامًا بعد الولادة .
أقرأ أيضا : هل تلك صور لأجنة فى أرحام أمهاتهم ملتقطة بجهاز الرنين المغناطيسى ؟
و فى الوقت الحالى أظهرت الأبحاث اللاحقة أن هذه الخلايا الجنينية يمكن العثور عليها في أعضاء متعددة في كل من فئران التجارب بالمختبرات و حتى الأمهات البشريات :
من المحتمل أن يحدث نقل للخلايا الجذعية لدى الجنين في جميع حالات الحمل , و في البشر يمكن أن تستمر تلك الخلايا الجنينية لعقود حيث تم العثور على الخلايا الجنينية الخيميرية في مختلف أنسجة و أعضاء أحد الأمهات بما في ذلك الدم و نخاع العظام و الجلد و الكبد .
و اضافة الى ذلك فقد تناولت دراسة نُشرت عام 2015 في مجلة Circulation Research بشأن الخلايا الجذعية الجنينية التي تشفي بالفعل أعضاء الأم حيث قام الباحثون فيها بتزاوج إناث الفئران مع فئران ذكور معدلة وراثيًا تم تمييزها ببروتين فلوري يسمح للباحثين بتتبع تدفق الخلايا الجذعية للجنين من مشيمة الأم إلى قلبها فى الوقت الذى قد تسببوا فيه باصابة الأم بمشكلة فى القلب حيث وجدوا أن الخلايا الجذعية الجنينية استهدفت بشكل مباشر خلايا القلب التالفة و دمجت نفسها تمامًا في قلب الأم حيث يقول أصحاب ذلك البحث :
لاحظنا وجود إشارات دقيقة تستشعرها الخلايا ذات الأصل الجنيني و التي تمكنها من استهداف عضلة القلب المريضة على وجه التحديد و الأبرز هو تحولها إلى خلايا عضلية قلبية وظيفية قادرة على الاندماج مع الخلايا الأخرى و بالتالي يحتمل أن تكشف ذلك عن آلية تطورية يساعد فيها الجنين على حماية قلب الأم أثناء الحمل و بعده .
و رغم ان تلك الدراسة أجريت على الفئران الا أن هناك مجموعة واسعة من الأبحاث التي تشير إلى حدوث ظواهر مماثلة في البشر و لا يزال هناك الكثير من البحث الذي يتعين القيام به للتأكد من مجموع التأثيرات التي قد تحدثها تلك الخلايا الجذعية الجنينية على كل من الجنين و الأم .