الجمباز هي لعبة مدرجة في بطولة الألعاب الأولمبية و تتضمن تمارين بدنية تتطلب مرونة و خفة حركة و توازن و قوة و تحمل و تناسق حركي بين أجزاء الجسم و تتميز بأن حركاتها تعمل علي تطوير عضلات الذراعين و الساقين و الكتفين و الظهر و الصدر و البطن و هي رياضة متفرعة إلي عدة أشكال بعضها مخصص للسيدات مثل الجمباز الإيقاعي و الأرضية و القضبان غير المستوية و العارضة أما ألعاب الرجال فهي حلبة الفعاليات و القفز و الحلقات و حصان الحلق و المتوازيان و العارضة الأفقية و تدار تلك اللعبة من قبل الإتحاد الدولي للجمباز المنوط بوضع لوائحها و الإشراف علي بطولاتها .
تاريخ لعبة الجمباز
يرجع مصطلح الجمباز من كلمة يونانية تعني “التمرين عاريًا” حيث كان في اليونان القديمة يمارس الذكور الألعاب داخل صالة الألعاب الرياضية و هم بدون ملابس و أدرجت تلك الألعاب ضمن الألعاب الأولمبية القديمة و كانت بعض من المسابقات المجمعة تحت لواء لعبة الجمباز إلي أن أنفصلت عنها مثل ألعاب القوى و المصارعة و الملاكمة و لم يكن معروفًا في العالم القديم من تلك اللعبة سوى السقوط و الشكل البدائي للقفز حيث تُظهر لوحة جدارية شهيرة من جزيرة كريت في قصر كنوسوس قافزًا يؤدي ما يشبه القفز باليد من فوق ثور هائج كما كان التدحرج شكلاً من أشكال الفن في ” الصين ” القديمة أيضًا كما توجد نقوش حجرية الموجودة في مقاطعة شاندونج و التي يعود تاريخها إلى فترة هان (206 قبل الميلاد – 220 م) و تصور عدد من الألعاب البهلوانية .
و أستمرت رياضة السقوط في العصور الوسطى بأوروبا حيث كانت تمارس من قبل فرق متنقلة من المسرحيين و الراقصين و البهلوانيين و تم وصف ذلك النشاط لأول مرة في الغرب في كتاب نشره ” آرتشانج توكارو ” في القرن الخامس عشر و أحتوي علي ثلاث مقالات تتحدث عن القفز و السقوط كما يبدو أن التدحرج كان نشاط تطور بأشكال مختلفة في العديد من الثقافات فعلى سبيل المثال يبدو الغوص بالطوق الموضح في كتاب ” توكارو ” مشابهًا جدًا لنوع من التدحرج الذي شوهد في الصين القديمة و تم دمج الألعاب البهلوانية بجميع أنواعها بالنهاية في السيرك و كانوا هم أول من أستخدم الترامبولين البدائي .
و في القرن الثامن عشر ألهمت أعمال الأديب ” جان جاك روسو ” المصلحين التربويين في ” ألمانيا ” لإفتتاح مدارس عرفت بإسم ” الفيلانثروبينيوم ” التي تضمنت مجموعة واسعة من الأنشطة بما في ذلك الجمباز و فيها تم قبول الأطفال من جميع الطبقات الإقتصادية و كان “جد” الجمباز الحديث ” يوهان كريستوف فريدريش جوتس موثس ” (1759–1839) مدرسًا رائدًا في المدرسة الخيرية في ” شنيبفينثال ” و الذي وضع تصور يتضمن قسمين رئيسيين للجمباز و هم الطبيعي و الإصطناعي حيث يمكن إعتبار هذين القسمين بمثابة جمباز نفعي يحافظ علي صحة الجسم و تكوينه و تناسقه و غير نفعي أي يهتم بالشق الفني بمعني أن مناوراته موجهة نحو الجمال و ليس الوظيفة فعلي سبيل المثال تم تعليم الشباب كيفية ركوب الخيل و النزول منه خلال فترة أوروبا الإقطاعية و هي معرفة مفيدة خلال فترة الحروب التي يخوضها الجيوش و يعتبر المطور الرئيسي للجمباز الطبيعي هو ” بير هنريك لينج ” الذي أسس عام 1813 المعهد الملكي للجمباز المركزي بمدينة “ستوكهولم ” في ” السويد ” و قام فيه بتدريس نظام تمارين الجمباز المصمم لتحقيق فوائد طبية للرياضي و هو من تُنسب إليه التمارين الرياضية دون إستخدام أجهزة اليد مثل الهراوات و الصولجانات و الدمبل كما أنه دعا لممارستها بشكل فردي و لم يشجع المنافسة عليها و هو عكس ما يحدث حاليا .
و يعتبر الألماني “فريدريش لودفيج جان ” هو الأب الحقيقي للعبة الجمباز حيث يرجع إليه الفضل في الإنتشار السريع لها في جميع أنحاء العالم و يمكن إرجاع منافسة الجمباز إلى الملعب الخارجي الذي إفتتحه في حقل يعرف بإسم “حقل الأرانب ” على مشارف مدينة ” برلين ” و تم إستخدام حصان الحلق في تمارين أرجحة الساق و القفز كما أخترع “جان” القضبان المتوازية لزيادة قوة الجزء العلوي من الجسم لطلابه و تم تشييد أبراج ضخمة لإختبار شجاعتهم و العثور أيضًا علي عوارض التوازن و القضبان الأفقية و حبال التسلق و أعمدة التسلق كما تم ممارسة رياضة القفز بالزانة البدائية جنبًا إلي جنب مع الألعاب الرياضية الأخرى و إجتذبت المجموعة الواسعة من الأجهزة الصعبة الموجودة في الملعب الشباب الذين تم تدريبهم بشكل مكثف و في عام 1819 قام أحد لاعبي الجمباز بقتل الكاتب المسرحي الألماني ” أوجست فون كوتزبو ” لذلك أغلق الملك البروسي “فريدريك ويليام الثالث ” ما يقرب من 100 ملعب و مركز للجمباز في بروسيا و حذت الولايات الجرمانية الأخرى حذوها و ألقي القبض على ” جان ” و سُجن بإعتباره ديماجوجيًا ديمقراطيًا و وُضع تحت الإقامة الجبرية لمدة خمس سنوات ثم تمت تبرئته في النهاية مع تحذيره بالإنتقال بعيدًا عن ” برلين ” إلي أي مدينة أو بلدة لا يوجد بها مؤسسات للتعليم العالي أو صالة للألعاب الرياضية و حصل على راتب سنوي و أستقر في ” فرايبورج ” و كانت فترة صعبة عليه حيث توفي إثنان من أبنائه الثلاثة أثناء وجوده تحت الإقامة الجبرية ثم لحقت بهم زوجته بعد ذلك بوقت قصير و فر ثلاثة من أتباعه المقربين إلي أمريكا الشمالية خوفًا من الإعتقال حاملين معهم لعبة الجمباز بينما بقي مساعده مختفيا حتى تم رفع الحظر المفروض علي لعبة الجمباز من قبل الملك ” فريدريك ويليام الرابع ” في عام 1842.
و بحلول عام 1860 أقيم أول مهرجان ألماني للجمباز في كوبورج و قد إجتذب العديد من الأندية للمشاركة و هو ما كان بمثابة بداية المنافسة الدولية حيث تمت دعوة العديد من اللاعبين من خارج ” ألمانيا ” للمشاركة حيث تم تعريف الأمريكيين علي رياضة الجمباز من قبل أتباع ” جان ” في أواخر عشرينيات القرن التاسع عشر و إزداد ذلك الأمر عام 1848 حين هاجرت أعداد كبيرة من الألمان إلي العالم الجديد و في عام 1861 إزداد عدد اللاعبين المنافسين في المهرجان الثاني و بحلول موعد إنعقاد أول دورة ألعاب أولمبية حديثة في ” أثينا ” عام 1896 كانت ” ألمانيا ” قد أقامت ثمانية مهرجانات تورنفيست بمشاركة عدد متزايد من البلدان و بحلول عام 1881 تم تأسيس الاتحاد الدولي للجمباز (FIG) للإشراف على المنافسة الدولية و عززت الألعاب الأولمبية الإهتمام بتلك اللعبة حيث كانت بمثابة بداية المنافسة الدولية الحقيقية المفتوحة في تلك اللعبة و التي شاركت فيها النساء لأول مرة عام 1928 كما تم تنظيم بطولة العالم للجمباز للرجال عام 1903 و للسيدات في عام 1934.
اللاعبين
علي مر تاريخ لعبة الجمباز أتي أعظم لاعبيها من أوروبا الشرقية و تعتبر الأوكرانية ” لاريسا لاتينينا ” التي أصبحت فيما بعد مدربة فريق ” الإتحاد السوفيتي ” أعظم لاعبة جمباز على الإطلاق بعد أن كانت البطلة في دورتين أولمبيتين متتاليتين (1956 و 1960) و بطولتين عالميتين (1958 و 1962) و لم يحقق أي لاعب جمباز آخر هذا التميز و كان المنافس الرئيسي لها هي ” فيرا تشاسلافسكا ” من ” تشيكوسلوفاكيا ” التي أصبحت فيما بعد وزيرة الرياضة في جمهورية التشيك و كانت بطلة شاملة ثلاث مرات بما في ذلك دورتين أولمبيتين (1964 و1968) و بطولة عالمية واحدة (1966) و في السبعينيات حدث تغير كبير في الجمباز النسائي حين بدأت الفتيات الأصغر سنًا بالتنافس في الأحداث و كانت لاعبة الجمباز الروسية ” أولجا كوربوت ” و الرومانية ” ناديا كومانشي ” مراهقتين صغيرتين خلال تحقيق إنتصاراتهما الأولمبية .
و بالنسبة لمنافسات الرجال كان أعظم الأبطال هم ” فيكتور تشوكارين ” من المنتخب السوفييتي و ” كاتو ساواو ” من ” اليابان ” و كلاهما بطلان أولمبيان في جميع الأجهزة ( تشوكارين في عامي 1952 و 1956 و ساواو عامي 1968 و 1972) جنبًا إلى جنب مع ” فيتالي شيربو ” من “بيلاروسيا ” و الذي كان البطل الأولمبي (1992) و العالمي (1993) .
أنواع الجمباز
يتم تجميع الجمباز الأولمبي في أقسام مختلفة و هي الفنية و الإيقاعية و الترامبولين و بالنسبة للرجال فإن فعاليات الجمباز الفني هي : التمرين الأرضي و حصان الحلق و الحلقات و القفز و المتوازيين و الشريط الأفقي و التمارين المجمعة (الشاملة) و التي تجمع نتائج الأحداث الستة الأخرى و يتم التنافس على التدريبات المجمعة للرجال على أساس فردي و على أساس جماعي أما بالنسبة لمنافسات النساء فتشمل الفعاليات الفنية التمارين الأرضية و القفز و القضبان غير المستوية و عارضة التوازن و التمارين المجمعة سواء الجماعية أو الفردية.
و كان الجمباز الإيقاعي الجماعي في البرنامج الفني للسيدات و لكنه أصبح رياضة منفصلة عندما تم تقديمه دوليًا في ” المجر ” عام 1963 و بعد ذلك حدد الاتحاد الدولي للجمباز (FIG) منافسة عالمية عام 1964 عُرفت لأول مرة باسم الجمباز الإيقاعي الحديث ثم تحولت إلي الجمباز الرياضي الإيقاعي و حاليا الجمباز الإيقاعي و أصبحت رياضة أولمبية عام 1984 و يمارس هذا الفرع من قبل النساء فقط و تتم تسمية الأحداث في الجمباز الإيقاعي على إسم الأجهزة اليدوية التي تستخدمها لاعبة الجمباز و هي الحبل و الطوق و الكرة و الهراوات و الشريط و تُمنح الميداليات في الألعاب الأولمبية و بطولات العالم لمنافسات الفرق و المجموعات و المسابقات الشاملة و الفردية .
و بالنسبة لألعاب الترامبولين و الهبوط فيقعان أيضًا تحت رعاية الإتحاد الدولي للجمباز حيث ظهر الترامبولين لأول مرة كحدث للرجال و السيدات في دورة الألعاب الأولمبية عام 2000 و كانت المنافسة الأولمبية فردية فقط و تشمل أحداث بطولة العالم للترامبولين أيضًا منافسة الترامبولين المصغر المزدوج و الترامبولين المتزامن و في الأخير يؤدي إثنان من اللاعبين نفس الروتين على إثنين من الترامبولين موضوعين جنبًا إلى جنب.