يعرض فى العديد من الأفلام السينمائية بعض من المشاهد التى تتحدث عن نهاية العالم و التى أغلبها تبدء بحدوث تشققات و انهيارات أرضيه تصحبها العديد من الظواهر المخيفه , و رغم الاثارة و الرعب الذى تحتويه تلك المشاهد الا أنه يكون بداخل نفوس الجمهور شعور بالطمانينة من أنه مجرد عمل سينمائى لا يمت للواقع بصلة و لكن مؤخرا نستطيع أن نقول أن الخيال ربما قد يكون تحول الى حقيقة بعد أن شهدت منطقة شبه جزيرة يامال الواقعة فى سيبريا داخل الأراضى الروسية تشكل مجموعة عملاقة من الثقوب الغامضة فى التربة الصقيعية الموجودة بها و بشكل غامض أثارت قلق العلماء نظرا لأنه حتى اللحظة لا يوجد أى تفسير علمى دقيق لها و لا يعرف الى مدى قد تشكل تلك الظاهرة خطورة ليس على تلك المنطقة فحسب و لكن على القطب الشمالى بأكمله .
بدأت تلك الثقوب الغامضة في الظهور عام 2014 حيث كان عرض أول ثقب منها 20 مترا و بعمق 52 مترا و ذلك بعد أن لاحظها طيارى المروحيات بالصدفة أثناء تحليقهم فوق تلك المنطقة التى كانت على بعد 42 كيلومترًا من حقل غاز “بوفانينكوفو” في شبه جزيرة “يامال” السيبيرية فى “روسيا” و سرعان ما بدأت مجموعة أخرى من الثقوب فى التشكل أخرها ظهرت فى أغسطس عام 2020 و تم العثور عليها من قبل طاقم تلفزيوني أثناء وجودهم مع فريق من العلماء بأكاديمية العلوم الروسية خلال رحلة استكشافية لمنطقة ” يامال ” و بذلك أرتفع العدد الإجمالي لتلك الثقوب المكتشفة إلى 17.
و نتيجة تلك الظاهره بدء العلماء فى التوجه الى المنطقة لمحاولة دراسة تلك الثقوب الغامضة و تدوين ملاحظاتهم و التى كانت وجود خليط رمادي مكون من جليد ممزق و كتل من التربة الصقيعية حول جوانبها كما ظهرت علامات احتراق على جذور النباتات التي ظهرت حول حافتها اما من الجو فكانت تلك الثقوب الغامضة تحتوى بداخلها على طبقات أرضية و صخور متشحة باللون الأسود و يظهر فى قاعها تشكل بركة من المياه .
و بتحليل تلك الملاحظات بدء العلماء فى السعى من أجل الوصول الى أسباب تشكل تلك الثقوب الغامضة و التى كانت بمثابة لغزا اليهم حيث أعتقدوا فى البداية أنها فتحات تمثل ” براكين جليدية” و هى نوع من البراكين تنفث الجليد بدلاً من الحمم الملتهبة و يعتقد أنها موجودة في بعض الأجزاء البعيدة من نظامنا الشمسي على كوكب “بلوتو” و القمر ” تيتان ” التابع لكوكب “زحل” و لكن مع دراسة المزيد من الحفر في القطب الشمالي و التعرف على مراحل مختلفة من تطورها فقد تم استبعاد تلك الفرضيه و البدء فى وضع نظريات جديدة حيث أشار العالم الجيولوجى في معهد سكولكوفو للعلوم والتكنولوجيا “يفجيني تشوفيلين ” الى أن تلك الثقوب الغامضة لم تتكون من هبوط أرضى كان يغطيه الجليد و الذى بمجرد ذوبانه ظهرت على تلك الصورة و لكنها نتجت من انفجار أرضى ناتج عن تراكم للغازات الحبيسة المحصورة داخل أحد الجيوب الأرضية أسفل التربة الجليدية يتم من خلاله اطلاق كتل من التربة و التى يصل عرض بعضها الى المتر مضافا اليها الجليد لمسافات تصل الى مئات الأمتار من مركز الانفجار و الذى يكون هائلا للغايه و مسببا موجة تضاغطية مرتفعة مشكلا ثقبا كبيرا و الذى تتجمع فيه المياه و نتيجة انخفاض درجة حرارة المكان يتجمد فى النهاية مشكلا طبقة جليدية أرضية و التى يتغير سمكها من وقت الى أخر و مهما طالت المدة فتميل تلك الطبقات لاحقا الى الانهيار و الذوبان مشكلة تلك الظاهره و عليه فإن محور البحث الرئيسى يجب ان يكون فى تحديد مصدر ذلك الغاز الذي يتراكم تحت سطح التربة الصقيعية مسببا ذلك الانفجار حيث توجد بعض التكهنات حول مصدره فالبعض يرجح انه يأتى من غاز الميثان الذى يستطيع أن يشق طريقه أسفل التربة الصقيعية ليتراكم فى مكان محدد و البعض الأخر يقدر أنه ربما نتيجة وجود مستويات عالية من ثاني أكسيد الكربون المذاب في الماء و الموجود داخل جيوب أسفل التربة و الذى بمجرد تجمده لا يمكن الاحتفاظ بذلك الغاز المذاب فيه فيتم اطلاقه على هيئة انفجار كما توجد نظرية أخرى تقول ان الكائنات الحية الدقيقة الموجودة داخل ذلك الجيب المائى هى من تقوم بتحويل المواد العضوية الى غازات .
أقرأ أيضا : نقطة نيمو .. البقعة الغامضة على سطح كوكبنا التى لم يصل إليها أحد و أكثر البشر إقترابا منها هم رواد الفضاء
و بجانب الثقوب الغامضة فقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت على حلقات الأشجار التي عُثر عليها بين الحطام الناتج عن الانفجار الذي تسبب في أول ثقب تم اكتشافه عام 2014 إلى أن تلك النباتات كانت تعاني من الإجهاد منذ أربعينيات القرن الماضي و الذى من الوارد أن يكون قد نتج بسبب تشوه الأرض بالثقوب فى تلك المنطقة و التى أصبحت مثار للتساؤل عما تعنيه لمستقبل القطب الشمالي و مدى تأثيرها الذى قد يكون سلبى على الأشخاص العاملين و المقيمين فى ذلك المكان حيث أستمر العلماء فى محاولة استكشاف تلك المنطقة باستخدام الأقمار الصناعية عالية الدقه و بمجرد العثور على ما يشبه فوهة البركان فإنهم يستخدمون لاحقا صورًا عالية الدقة بالاقمار الصناعية لنفس الموقع تم التقاطها في أوقات مختلفة لمحاولة فهم تشكلها و يرجحون وجود المزيد من الحفر فى تلك المنطقة أكثر مما كان يعتقد سابقًا كما يأملون الى امكانية وصولهم الى وسيلة للتنبوء بتلك الثقوب الغامضة قبل أن تتشكل حتى لا تمثل خطورة على الأرواح أو البنية التحتية الموجودة بذلك المكان .
و من ناحية أخرى يعزو البعض حدوث ظاهرة الثقوب الغامضة الى الاحتباس الحرارى و تغير المناخ حيث أرتفعت درجات حرارة القطب الشمالي بمعدلات غير مسبوقة بشكل ساهم فى زيادة كمية الجليد المذاب خلال أشهر الصيف و الذى يعمل على حدوث هبوط و انهيارات أرضيه قد تؤدى إلى تغيير المشهد في القطب الشمالي بالكامل .