التفاعلات المجرية هي ظاهرة فضائية كونية معقدة تعكس ديناميكية الكون و تطوره و فيها تتفاعل المجرات مع بعضها البعض عبر قوى الجاذبية مما يؤدي إلي تشويه أشكالها و أحيانًا إندماجها في كيان واحد جديد و هذه التفاعلات ليست مجرد أحداث عابرة بل هي جزء أساسي من تطور المجرات و تشكيلها علي مدار مليارات السنين و يرجع أهمية دراسة هذه الظواهر إلي مساعدتنا في فهم كيفية تشكل المجرات العملاقة و كيف تؤثر هذه التفاعلات علي توزيع المادة في الفضاء و تذكير لنا بأن الكون ليس ساكنًا بل هو في حالة دائمة من الحركة و التغير مما يفتح آفاقًا جديدة لإكتشافات مستقبلية .

أنواعها
تنقسم التفاعلات المجرية إلي :
التفاعل الثانوي … و فيها تكون مجرة صغيرة (تُعرف بإسم المجرة القمرية) قريبة من مجرة أكبر حيث تقوم جاذبية الصغري بالتأثير علي بنية الكبري فعلي سبيل المثال قد تجذب المجرة القمرية أحد الأذرع الحلزونية للمجرة الرئيسية مما يؤدي إلي تشويه شكلها و في بعض الحالات قد تغوص المجرة القمرية داخل المجرة الرئيسية كما يحدث مع مجرة ساجيتاريوس القزمة الإهليلجية التي تغوص في مجرة درب التبانة و هذه التفاعلات يمكن أن تحفز تشكل نجوم جديدة في مناطق محددة مما يخلق ما يُعرف أحيانًا بإسم “النقاط الزرقاء” و هي تجمعات نجمية شابة و ساخنة.
التصادم المجري أو إندماج المجرات … تعتبر التصادمات المجرية هي أحد أكثر أنواع التفاعلات إثارة فعلي عكس التصادمات التقليدية التي نعرفها علي الأرض فإن التصادمات بين المجرات ليست إصطدامات مادية مباشرة بل هي تفاعلات جاذبية بسبب الكثافة المنخفضة للمادة في المجرات فعندما تصطدم مجرتان فإنهما قد تفقدان طاقتهما الحركية بسبب الإحتكاك الديناميكي مما يؤدي إلي إندماجهما في النهاية و إذا كانت إحدي المجرتين أكبر بكثير من الأخرى فإن المجرة الأكبر قد تبقي سليمة نسبيًا بينما تُفكك المجرة الأصغر و تصبح جزءًا من المجرة الأكبر و هذه العملية تُعرف بإسم الإلتهام المجري (Galactic Cannibalism).
التأثر في العناقيد المجرية أو مضايقة المجرات … في العناقيد المجرية الكثيفة مثل عنقود العذراء (Virgo Cluster) تتحرك المجرات بسرعات عالية و تتعرض لتفاعلات متكررة مع مجرات أخرى بسبب الكثافة العالية و هذه التفاعلات تُعرف بإسم “مضايقة المجرات” (Galaxy Harassment) و وفقًا لمحاكاة الحاسوب يمكن لهذه التفاعلات تحويل المجرات الحلزونية منخفضة اللمعان إلي مجرات إهليلجية قزمة أو مجرات كروية قزمة و مع ذلك فإن وجود هياكل مثل الأذرع الحلزونية في بعض المجرات القزمة المعزولة قد أثار تساؤلات حول صحة هذه الفرضية.

نتائج التفاعلات المجرية
ينتج عن التفاعلات المجرية الأتي :
تشكل النجوم الإنفجاري … و هي أحد أكثر النتائج وضوحًا لظاهرة التفاعلات المجرية فعندما تتصادم مجرتان فإن الغاز و الغبار بين النجوم يتعرضان لضغوط هائلة مما يحفز تكوين نجوم جديدة بمعدلات مرتفعة و هذه المناطق تُعرف بإسم مناطق الإنفجار النجمي (Starburst Regions) و التي تُضيء المجرة بشكل لافت .
تشكل المجرات الإهليلجية … و فيها عندما تندمج مجرتان حلزونيتان فإن النتيجة النهائية غالبًا ما تكون مجرة إهليلجية و هذه المجرات تفتقر إلي الأذرع الحلزونية و تمتلك شكلًا أكثر إنتظامًا و يُعتقد أن معظم المجرات الإهليلجية العملاقة في الكون اليوم تشكلت من خلال عمليات إندماج مجرية .
الإنزياحات الجاذبية … في بعض الحالات يمكن أن تؤدي التفاعلات المجرية إلي ظاهرة تُعرف بإسم الإنزياح الجاذبي (Gravitational Lensing) حيث تشوه جاذبية المجرة الضوء القادم من مجرات بعيدة خلفها و هذه الظاهرة تُستخدم لدراسة توزيع المادة المظلمة في الكون .

و لعل من أكثر التصادمات المجرية إثارة للإهتمام هو التصادم المتوقع بين مجرتنا درب التبانة و مجرة أندروميدا المجاورة و الذي يُتوقع أن يحدث بعد حوالي 4.5 مليار سنة و وفقًا للنماذج الحاسوبية فإن هاتين المجرتين الحلزونيتين سوف تندمجان في النهاية لتشكيل مجرة إهليلجية عملاقة و خلال هذا التصادم قد تُقذف بعض النجوم و الأنظمة الكوكبية إلي الفضاء الخارجي بسبب تفاعلات الجاذبية الشديدة.