البحر الكاريبي هو بحر استوائي يتواجد في نصف الكرة الغربي و يعتبر جزء من المحيط الأطلسي و يقع جنوب شرق خليج المكسيك بين خطي عرض 9 درجات و 22 درجة شمالاً و خطي طول 89 درجة و 60 درجة غرباً و يغطى مساحة ضخمة تبلغ حوالي 2.8 مليون كيلومتر مربع علي معظم الصفيحة الكاريبية و يحده المكسيك و أمريكا الوسطى من الغرب و الجنوب الغربي و من الشمال جزر الأنتيل الكبرى بدءًا من كوبا و من الشرق جزر الأنتيل الصغرى و من الجنوب الساحل الشمالي لقارة أمريكا الجنوبية بينما يقع خليج المكسيك إلى الشمال الغربي و تعد أعمق نقطة في البحر الكاريبي هي حوض كايمان الواقعة بين كوبا و جامايكا التى يصل عمقها إلي 7686 مترًا تحت مستوى سطح البحر كما يحتوي علي خمسة أحواض و هي يوكاتان و كايمان و كولومبيا و فنزويلا و جرينادا بالإضافة إلي عدد من الخلجان و هى خليج فنزويلا و خليج دارين و جولفو دي لوس موسكيتوس و خليج هندوراس .
و أشتق أسم “الكاريبي” من إحدى مجموعات الهنود الحمر التى هيمنت على تلك المنطقة في وقت الإتصال الأوروبي خلال أواخر القرن الخامس عشر و كان المصطلح الإسباني “أنتيلاس” مخصصًا لتلك المناطق لذلك ففى بعض الأحيان يطلق إسم “بحر الأنتيل” على ” البحر الكاريبي ” في العديد من اللغات الأوروبية حيث كان قبل إكتشاف العالم الجديد مسطحا مائيا مجهولا لسكان قارتي أوروبا و آسيا حتى عام 1492 حين أبحر “كريستوفر كولومبوس” لأول مرة في مياه البحر الكاريبي أثناء محاولته إيجاد طريق إلى “الهند” فى فترة كان نصف الكرة الغربي بشكل عام غير معروف للأوروبيين و بعد إكتشاف “كولومبوس” للجزر تم إستعمار المنطقة من قبل العديد من الحضارات الغربية حيث كانت الهيمنة الأسبانية هى المسيطرة خلال الرعيل الأول من الفترة الإستعمارية و أصبحت منطقة البحر الكاريبي منطقة مزدحمة للتجارة و النقل البحري في أوروبا مما أدى في النهاية إلى نشوء عمليات القرصنة و بدأ عصر قراصنة الكاريبي في ستينيات القرن الخامس عشر حيث كانت ذروة أنشطتهم فى أربعينيات القرن السادس عشر و حتى ثمانينيات القرن التاسع عشر ثم تلاشت بعد ذلك نتيجة إتخاذ العديد من الدول القومية في أوروبا الغربية التي لها مستعمرات في الأمريكتين في ممارسة المزيد من السيطرة على الممرات المائية في العالم الجديد .
و فى الوقت الراهن تعتبر منطقة البحر الكاريبي موطن لـ 22 جزيرة و تحدها 12 دولة قارية و هى ذات سمعة سياحية حسنة نظرًا لوفرة أشعة الشمس فيها و تميزها بدرجات حرارة مدارية معتدلة على مدار العام بسبب الرياح التجارية المستمرة تقريبًا بالإضافة إلي ثرائها بمناظر طبيعية خلابة لذلك ففى النصف الثاني من القرن العشرين و حتى القرن الحادي والعشرين أصبح البحر الكاريبي مكانًا شهيرًا للسياحة و نقطة جذب لصناعة الرحلات البحرية في المنطقة .
و لا تزال معظم الجزر الموجودة فى البحر الكاريبي مستعمرات لدول أوربية بينما البعض الأخر فى مصاف الدول المستقلة و هى كالأتي :
- جزر الهند الغربية البريطانية – أنجيلا و أنتيغوا و بربودا و جزر الباهاما و بربادوس و جزر فيرجن البريطانية و جزر كايمان و دومينيكا و غرينادا و جامايكا و مونتسيرات و سانت كيتس و نيفيس و سانت لوسيا و سانت فنسنت و جزر جرينادين و ترينيداد و توباجو و جزر كايكوس .
- جزر الهند الغربية الدنماركية – جزر فيرجن الأمريكية الحالية .
- جزر الهند الغربية الهولندية – جزر الأنتيل الهولندية وأروبا الحالية .
- جزر الهند الغربية الفرنسية – هايتي و المقاطعات الفرنسية فيما وراء البحار في جوادلوب و مارتينيك .
- إسبانيا – كوبا و جمهورية الدومينيكان و هايتي و بورتوريكو .
و يقع البحر الكاريبي إلى حد كبير على الصفيحة الكاريبية و تشير تقديرات بأنه نشأ فى فترة تتراوح ما بين 20000 سنة إلى 570 مليون سنة و ينقسم قاعه إلى خمسة أحواض مفصولة عن بعضها البعض من خلال تلال مغمورة و سلاسل جبلية و تمر إليه مياه المحيط الأطلسي عبر ممر “أنيجادا” الواقع بين جزر الأنتيل الصغرى و جزر فيرجن و ممر ويندوارد الواقع بين “كوبا” و “هايتي” و رغم أعماقه التى يصل أقصاها لمسافة تتجاوز 7.5 كيلومتر الا أنه يعتبر بحرًا ضحلًا نسبيًا مقارنة بالمسطحات المائية الأخرى كما يتميز البحر الكاريبي بأنه يعد موطنًا لإثنين من الخنادق المحيطية و هم خندق هيسبانيولا و خندق بورتوريكو الذان يتسببان فى تعريض المنطقة للزلازل و التى يؤدي تشكلها تحت الماء إلي التسبب فى حدوث موجات تسونامي من الممكن أن يكون لها تأثير مدمر على جزر الكاريبي حيث تكشف البيانات العلمية الصادرة أنه على مدار الـ 500 عام الماضية شهدت المنطقة عشرات الزلازل التى تجاوزت قياسها 7.5 درجة .
و يتأثر طقس منطقة البحر الكاريبي بتيار الخليج و تيار البحر الكاريبي الذي يعتبر تيار ماء دافئ يتدفق إلى البحر الكاريبي من الشرق على طول ساحل أمريكا الجنوبية أما تيار الخليج فهو تيار قوي و دافئ و سريع يأتي من المحيط الأطلسي و ينشأ في خليج المكسيك و يخرج عبر مضيق فلوريدا و يتبع السواحل الشرقية للولايات المتحدة و نيوفاوندلاند قبل عبور المحيط الأطلسي و يساعد الموقع الاستوائي لذلك البحر الماء في الحفاظ على درجة حرارة دافئة تتراوح ما بين 20 إلى 25 درجة مئوية كما تعتبر منطقة البحر الكاريبي منطقة محورية للعديد من الأعاصير في نصف الكرة الغربي بسبب إستقباله أنظمة الضغط المنخفض قبالة الساحل الغربي لقارة أفريقيا و التى تشق طريقها إليها عبر المحيط الأطلسي و في حين أن معظم هذه الأنظمة لا تتحول إلى عواصف مدارية فإن بعضها يحدث و يمكن أن تتطور إلى أعاصير المحيط الأطلسي و التى تكون غالبًا في مناطق الضغط المنخفض في شرق البحر الكاريبي حيث يستمر موسم الأعاصير في المنطقة فى الفترة من أول يونيو و حتى أخر نوفمبر مع حدوث غالبية الأعاصير خلال شهري أغسطس و سبتمبر و في المتوسط تتشكل حوالي 9 عواصف استوائية كل عام و تصل قوة خمسة منها إلى درجة الإعصار وفقًا للمركز الوطني للأعاصير و تشير التقديرات الي ان تلك المنطقة شهدت 385 إعصارًا فى الفترة ما بين عامي 1494 و 1900م .
و يتوطن فى منطقة البحر الكاريبي حوالي 9 في المائة من الشعاب المرجانية الموجودة في العالم حيث تغطي مساحة 321 ألف كيلومتر مربع و يقع معظمها قبالة جزر الكاريبي و ساحل أمريكا الوسطى حيث تدعم الشعاب المرجانية بعض الموائل الأكثر تنوعًا في العالم و لكنها فى ذات الوقت تعد أنظمة بيئية هشة فعندما تتجاوز درجة حرارة المياة الإستوائية 30 درجة مئوية لفترة طويلة من الزمن تموت النباتات المجهرية المسماة ” الزوكسانثيلاي ” التى توفر الغذاء للشعاب المرجانية و تمنحها لونها و يبدء النظام البيئي فى التدمير لذلك و نظرا للتغيرات المناخية الناجمة عن الإحتباس الحراري أصبح ما يصل إلى 42 في المائة من مستعمرات الشعاب المرجانية بيضاء بالكامل و هو ما أثر بالسلب على المنطقة حيث تعتبر الموائل التي تدعمها الشعاب المرجانية بالغة الأهمية للأنشطة السياحية مثل صيد الأسماك و الغوص و التى توفر قيمة إقتصادية سنوية لدول المنطقة تتراوح بين 3.1 و 4.6 مليار دولار أمريكي و لكن مع إستمرار تدمير الشعاب المرجانية فسوف يؤدي ذلك إلى إلحاق أضرار جسيمة بإقتصاديات تلك الدول و هو الأمر الذى دفعها لإتخاذ إجرائات لمواجهة تلك المخاطر حيث تم توقيع بروتوكول إتفاقية حماية و تنمية البيئة البحرية لمنطقة البحر الكاريبي الكبرى و الذى دخل حيز التنفيذ لحماية مختلف الحياة البحرية المهددة بالانقراض في تلك المنطقة من خلال حظر الأنشطة البشرية التي من شأنها أن تعزز التدمير المستمر لهذه الحياة البحرية كما تم تشكيل العديد من المنظمات الخيرية للحفاظ على الحياة البحرية فيه أهمها الحفاظ على السلاحف و حمايتها مع تثقيف الآخرين عنها و عن المخاطر المهددة لها .
و بالنسبة للجانب الإقتصادي من البحر الكاريبي فمنذ فترة الإستعمار شهدت تلك المنطقة زيادة كبيرة في النشاط البشري حيث يعد ذلك البحر من أكبر مناطق إنتاج النفط في العالم كما تعتبر أيضا مكانا نشطا لصيد الأسماك للبلدان المجاورة بالإضافة إلي إزدهار الأنشطة السياحية الكبيرة بها و على الجانب السياسي فتلعب الولايات المتحدة و كندا و الصين و الإتحاد الأوروبي دورًا كبيرًا في إقتصاد و سياسة منطقة البحر الكاريبي على الرغم من عدم إعتبار أي جزء من الساحل الأمريكي جزءًا من منطقة البحر الكاريبي لأنها تقع في أجزاء من خليج المكسيك.