البحر الأحمر هو أحد أكثر المسطحات المائية ملوحة فى العالم و أقصى بحر إستوائي شمالي و يقع بين قارتي أفريقيا و أسيا و هو بمثابة مدخل الى المحيط الهندي فى جنوبه عبر مضيق باب المندب و خليج عدن و هو يحده من الشمال شبه جزيرة سيناء و خليج العقبة و خليج السويس المؤدي إلى قناتها التى تربطه بالبحر الأبيض المتوسط و يعتبر ذلك المسطح المائي جزءًا من وادي الصدع العظيم و تبلغ مساحته 450 ألف كيلومتر مربع و طوله حوالي 1900 كيلومتر و يصل عرضه عند أوسع نقطة فيه 354 كيلومتر بمتوسط عمق 500 متر بينما يصل أقصى عمق له 2850 متر في الخندق الأوسط و يحتوي البحر الأحمر على جرف ضحلة واسعة النطاق تمتلئ بالحياة البحرية و الشعاب المرجانية و يعتبر موطن لأكثر من 1000 نوع من اللافقاريات و 200 نوع من الشعاب المرجانية الصلبة و اللينة و منذ القدم فقد لعب ذلك البحر دورًا ملاحيًا مهمًا و رابط بين الدول المطلة على ساحله و أيضا للامبراطوريات الواقعة فى الشرق الغرب و نظرا لثراء أعماقه من ثروات و كائنات بحرية فقد صنفه الصندوق العالمي للطبيعة بأنه منطقة بيئية عالمية تستحق المحافظة عليها .
و تختلف الروايات حول سبب أطلاق اسم البحر الأحمر على ذلك المسطح المائي حيث تشير احدهم الى ان السبب يرجع إلى الإزهار الموسمي لاحدى انواع البكتيريا ذات اللون الأحمر التى تنمو فى ذلك المكان بينما تشير أخرى الى الجبال القريبة منه و تصطبغ باللون الأحمر و البعض يقول انه يرجع الى مملكة حمير و هي مجموعة محلية سكنت فى المنطقة و اشتق من اسمها الأحمر كما أن هناك نظرية أخرى يفضلها بعض العلماء المعاصرين و هي أن البحر الأحمر يشير إلى اتجاه الجنوب بنفس الطريقة التي قد يشير بها اسم البحر الأسود إلى الشمال و أساس هذه النظرية هو أن بعض اللغات الآسيوية تستخدم كلمات ملونة للإشارة إلى الاتجاهات الأساسية كما توجد نظرية أخيرة أنه سمي بهذا الاسم لأنه يقع على حدود الصحراء المصرية التي أطلق عليها المصريون القدماء اسم الداشرت أو “الأرض الحمراء” لذلك كان من الممكن أن يكون ذلك المسطح هو بحر الأرض الحمراء .
و منذ قدم التاريخ قام المصريين القدماء بأستكشاف البحر الأحمر سعياً منهم إلى إنشاء طرق تجارية إلى بونت ( الصومال حاليا ) حيث جرت إحدى هذه الرحلات الاستكشافية حوالي 2500 قبل الميلاد و واحدة أخرى حوالي 1500 قبل الميلاد و مع توالى القرون و في القرن السادس قبل الميلاد أرسل “داريوس الأول” من بلاد فارس بعثات استطلاعية إلى البحر الأحمر لتحسين و توسيع الملاحة من خلال تحديد مواقع العديد من الصخور الخطرة و طبيعة التيارات ثم تم بناء قناة تربط بين نهر النيل و الطرف الشمالي للبحر الأحمر في خليج السويس و في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد أرسل الإسكندر الأكبر حملات بحرية يونانية أسفل البحر الأحمر إلى المحيط الهندي و بعدها واصل الملاحين اليونانيين استكشاف و تجميع مزيد من البيانات حول ذلك المسطح المائي حيث اكتشف ” هيبالوس ” لأول مرة الطريق المباشر من البحر الأحمر إلى “الهند” و عندما سيطرت الإمبراطورية الرومانية على البحر الأبيض المتوسط و مصر و شمال البحر الأحمر أصبح ذلك المسطح المائي هو المفضل للتجارة الرومانية مع “الهند” و منه أيضا تم إدخال البضائع من “الصين” إلى تلك الامبراطورية و خلال العصور الوسطى كان البحر الأحمر جزءًا مهمًا لتجارة التوابل و في عام 1798 كلفت “فرنسا” الظابط “نابليون بونابرت” بغزو “مصر” و الاستيلاء على البحر الأحمر و على الرغم من فشله في مهمته إلا أن المهندس “ج.ب.لبيري” الذي شارك فيها أعاد فكرة تنشيط خطة القناة التي تم تصورها في عهد الفراعنة لتمر السنوات و يصبح الحلم حقيقة حين تم افتتاح قناة السويس في نوفمبر عام 1869 و يسيطر عليها البريطانيين و الفرنسيين الى ان تم تأميمها لصالح “مصر” عام 1956 و حاليا أصبح للبحر الأحمر أهمية تجارية كبيرة نتيجة مرور ناقلات النفط عبره القادمة من الخليج الى الأسواق الأوربية و العالمية .
و تشكل البحر الأحمر عندما انفصلت الجزيرة العربية عن إفريقيا بسبب حركة الصفائح التكتونية و بدأ ذلك الانقسام في العصر الأيوسيني و تسارع خلال العصر الأوليجوسيني و لا يزال البحر يتسع و يُعتقد أنه سيصبح محيطًا في الوقت المناسب كما يحتوى على عدد من الجزر البركانية فى وسطه معظمها خاملة أما جغرافيا فيقع البحر الأحمر بين أرض قاحلة صحراوية و شبه صحراوية و تعود الأسباب الرئيسية لتطوير أنظمة الشعاب المرجانية على طول سواحله إلى أعماقه الكبيرة و نمط دوران المياه كما تتبادل كتلة مياه البحر الأحمر مع بحر العرب و المحيط الهندي عبر خليج عدن و هى عوامل تقلل من تأثير الملوحة العالية الناتجة عن تبخر الماء البارد في الشمال و المياه الساخنة نسبيًا في الجنوب و رغم ذلك الا أنه يعتبر من أكثر المسطحات المائية ملوحة و التى تتراوح ما بين 36 و 38 جزء من الألف و يتميز البحر الأحمر بطوله الذى يصل الى 1900 كيلومتر أما عرضه فيصل اقصاه فى اريتريا بواقع 354 كم و أدنى عرض له فى مضيق باب المندب بمسافة 30 كم .
و يتميز مناخ البحر الأحمر بموسمين متميزين و هم الرياح الموسمية الشمالية الشرقية و الرياح الموسمية الجنوبية الغربية و الذان يحدثان بسبب اختلاف التسخين بين سطح الأرض و البحر و نظرا لارتفاع درجات حرارة السطح و زيادة نسبة الملوحة فيجعلها ذلك واحدة من أكثر المسطحات المائية سخونة و يبلغ متوسط درجة حرارة المياه السطحية للبحر الأحمر خلال الصيف حوالي 26 درجة مئوية في الشمال و 30 درجة مئوية في الجنوب و تنقص درجتين تقريبا خلال أشهر الشتاء بينما يبلغ متوسط درجة حرارة المياه الإجمالية 22 درجة مئوية و يتميز ذلك المسطح المائي بأن نسبة هطول الأمطار عليه و على سواحله منخفض للغاية و يكون في الغالب على شكل زخات و لفترات قصيرة غالبًا ما ترتبط بالعواصف الرعدية و أحيانًا بالعواصف الترابية حيث تؤدي ندرة هطول الأمطار و عدم وجود مصدر رئيسي للمياه العذبة إلى تبخر زائد يصل إلى 205 سم سنويًا و ملوحة عالية مع اختلاف موسمي ضئيل أما بالنسبة الى المد و الجذر فى البحر الأحمر بشكل عام فيتراوح المد بين 0.6 متر في الشمال بالقرب من مصب خليج السويس و 0.9 متر في الجنوب بالقرب من خليج عدن .
و تشمل الدول المطلة على البحر الأحمر ما يلي :
الشاطئ الشمالي
- مصر
- الأردن
الشاطئ الشرقي
- المملكة العربية السعودية
- اليمن
الشاطئ الغربي
- السودان
- مصر
- اريتريا
الشاطئ الجنوبي
- جيبوتي
- اريتريا
و يعتبر البحر الأحمر نظام بيئي غني و متنوع حيث تم تسجيل أكثر من 1100 نوع من الأسماك منها حوالي 75 نوعًا من أسماك المياه العميقة بالاضافة إلى 2000 كم من الشعاب المرجانية الممتدة على طول ساحلها يبلغ عمرها ما بين 5000-7000 سنة و تشكل منصات و أحيانًا بحيرات على طول الساحل كما تشمل الموائل البحرية الأخرى أعشاب البحر و أحواض الملح و أشجار المانجروف و المستنقعات المالحة و نظرا لأهمية التنوع البيولوجي فى ذلك المكان قامت الحكومة المصرية بإنشاء محمية رأس محمد الوطنية عام 1983 و تصبح واقعة تحت مجموعة من القواعد و اللوائح التي تحكم هذه المنطقة التي أصبحت نقطة جذب رئيسية للسياح خاصة عشاق الغوص .
و يتعرض البحر الأحمر الى عدد من المخاطر التى تهدد الحياة البحرية فيه فنتيجة الطلب على المياه المحلاة لتلبية متطلبات السكان و الصناعات على طول البحر الأحمر فيوجد ما لا يقل عن 18 محطة لتحلية المياه على طول ساحله في “المملكة العربية السعودية” و التى تقوم بتصريف المحلول الملحي الدافئ و المواد الكيميائية المعالجة و الذين يعملون على تبييض و نفوق الشعاب المرجانية و تقليل المخزون السمكي و هو الأمر الذى سوف يكون له تأثير عميق على أنشطة صيد الأسماك كما تستخدم مياهه أيضًا في مصافي النفط و مصانع الأسمنت لأغراض التبريد و قد يؤدي تصريف مياهه المستخدمة فى ذات البحر إلى الإضرار بالبيئة الساحلية المحيطة .