ما هي الأفلام الوثائقية

الأفلام الوثائقية هي نوع سينمائي غير خيالي يهدف إلي توثيق الواقع للحفاظ علي سجل تاريخي أو لأغراض تعليمية و تثقيفية لذلك ينظر إليه الكثيرين بإعتباره أداة قوية لنقل الحقائق و المعلومات بطريقة مرئية و مسموعة و هو ما يجعله وسيلة مؤثرة في تشكيل الوعي العام و قد بدأ هذا النوع من الأفلام في الظهور أواخر القرن التاسع عشر مع بدء الإعتماد علي فنون التصوير الفوتوغرافي و مع مرور الوقت شهدت الأفلام الوثائقية تطويرات لتصبح شكلاً فنياً قائماً بذاته يعتمد علي السرد البصري و الصوتي من أجل تقديم قصص واقعية للمشاهدين و في وقتنا الحالي أصبح ذلك اللون من الأفلام جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الإعلامية بعد إستخدامه لتسليط الضوء علي قضايا إجتماعية و سياسية و بيئية و تقديم رؤى جديدة حول العالم من حولنا .

ما هي الأفلام الوثائقية

بدأت الأفلام الوثائقية كأفلام قصيرة تُعرف بإسم أفلام الواقعية (Actuality Films) والتي كانت تعرض أحداثاً حقيقية دون وجود بنية سردية واضحة و عادة كانت تلك الأفلام تدوم لدقيقة واحدة أو أقل و تُصور أحداثاً يومية مثل وصول قطار إلي محطة أو عمال يغادرون المصنع و رغم بدائية تلك الأفلام من الناحية الفنية إلا أنها كانت الخطوة الأولي نحو توثيق الواقع عبر السينما و مع مرور الوقت تطورت الأفلام الوثائقية لتصبح أطول و أكثر تعقيداً ففي العشرينيات من القرن الماضي ظهرت الأفلام الوثائقية الرومانسية التي قدمها ” روبرت فلاهرتي ” مثل فيلم “نانوك الشمال” (Nanook of the North) و الذي كان يعرض حياة الإسكيمو بطريقة درامية و فيه إستخدم ” فلاهرتي ” تقنيات سردية لجعل القصة أكثر جاذبية مما أدي إلي ظهور نوع جديد من الأفلام الوثائقية التي تجمع بين الواقعية و الدراما و مع حلول الثلاثينيات و الأربعينيات أصبحت تلك الأفلام أداة قوية للدعاية السياسية بعد أن إعتمدت عليها الحكومات خلال الحرب العالمية الثانية لتشجيع المواطنين علي دعم المجهود الحربي و كان من أبرزها فيلم حمل عنوان ” لماذا نحارب ” (Why We Fight) الذي أخرجه ” فرانك كابرا ” بهدف تعزيز الروح المعنوية و تقديم تفسيرات مبسطة للأحداث العالمية.

و مع تطور التكنولوجيا خاصة في مجال الكاميرات المحمولة و التسجيل الصوتي المتزامن أصبحت الأفلام الوثائقية أكثر قدرة علي إلتقاط الواقع بشكل مباشر و حيوي ففي الستينيات ظهرت حركة “السينما الحقيقة” (Cinéma Vérité) التي ركزت علي تصوير الأحداث كما هي دون تدخل كبير من المخرج حيث ساهمت تلك الحركة في تعميق العلاقة بين الفيلم الوثائقي و الواقع و هو ما جعلها أكثر صدقاً و تأثيراً و بحلول السبعينيات و الثمانينيات أدى ظهور الكاميرات الخفيفة و المعدات الصوتية المحمولة إلي تمكين المخرجين من تصوير الأحداث في الوقت الفعلي و هو ما ساعد في ظهور أفلام وثائقية أكثر عفوية و واقعية مثل فيلم “جراي جاردنز” (Grey Gardens) الذي قدم نظرة علي حياة شخصيات حقيقية مما جعل الجمهور يشعر و كأنه جزء من القصة.

معلومات عن الأفلام الوثائقية

و لطالما أستُخدمت الأفلام الوثائقية كأداة للتأثير السياسي و الإجتماعي حيث أستخدمها المخرجين في أمريكا اللاتينية خلال ذروة الحرب الباردة لمحاربة الإستعمار الجديد و الرأسمالية حيث ظهرت أفلام مثل “ساعة الأفران” (La Hora de los Hornos) و الذي كان بمثابة صرخة ضد الظلم الإجتماعي و في العصر الحديث إستمرت الأفلام الوثائقية في لعب دور مهم في تسليط الضوء علي القضايا الاجتماعية و السياسية مثل فيلم “فهرنهايت 9/11″ للمخرج ” مايكل مور ” الذي إنتقد سياسات إدارة بوش بعد هجمات 11 سبتمبر و في السنوات الأخيرة أصبحت تلك النوعية من الأفلام أداة قوية للتغيير الإجتماعي لأنها إنتقلت من خانة الترفيه إلي خانة إلهام الجمهور لإتخاذ إجراءات ملموسة تجاه القضايا التي يتم تناولها.

و مع ظهور منصات البث الرقمي مثل يوتيوب و نيتفليكس أصبحت الأفلام الوثائقية أكثر إنتشاراً و وصولاً للجمهور بعد أن وفرت تلك المنصات مساحة أكبر للمخرجين المستقلين لعرض أعمالهم دون الحاجة إلي دعم استوديوهات كبيرة حيث أصبح بإمكان أي شخص لديه كاميرا و فكرة أن يصنع فيلماً وثائقياً و يصل به إلي جمهور عالمي و هو ما ساهم في زيادة الوعي بقضايا عالمية مثل تغير المناخ الناجم عن الإحتباس الحراري و العدالة الإجتماعية و حقوق الإنسان .

أنواع الأفلام الوثائقية

و تتنوع الأفلام الوثائقية في أشكالها و مواضيعها مما يجعلها وسيلة مرنة للتعبير عن مجموعة واسعة من القضايا و من بينها :

  1. الوثائقية التعليمية: و تُستخدم لتقديم معلومات تعليمية حول مواضيع محددة مثل العلوم أو التاريخ.
  2. الوثائقية الملاحظة: و تعتمد علي مراقبة الأحداث دون تدخل من المخرج مما يسمح للجمهور بتكوين رأيه الخاص.
  3. الوثائقية الدرامية: و تجمع بين الواقعية و الدراما حيث يتم إعادة تمثيل الأحداث الحقيقية بطريقة سينمائية.
  4. الوثائقية الشخصية: و تعكس تجارب المخرج الشخصية أو رؤيته للعالم مما يجعلها أكثر حميمية و عاطفية.
شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *