صناعة السينما رغم أنها تقدم أعمال فنية إبداعية إلا أنها في الأساس تعد عمل تجاري يعتمد سوقه علي حسابات المكسب و الخسارة لذلك ليس بالغريب أن يحدث تحالف مشترك بين أقطاب الفن من جهة و أقطاب التجارة و الصناعة من جهة أخري طالما من المتوقع حدوث إستفادة للطرفين مثل دعم الفيلم إنتاجيا في مقابل تسويق منتجات تلك الشركات من خلال ظهورها داخل أحداث الفيلم و يعتبر فيلم الخيال العلمي إي تي E.T أحد أبرز تلك الأفلام بعد أن أعتمد مخرجه ستيفن سبيلبرج علي ظهور حلوي ريس الشهيرة ضمن مشاهده و هو ما ساهم بشكل كبير في حدوث قفزة ضخمة في أرباح الشركة عقب صدور الفيلم .
و يعتبر فيلم إي تي E.T الذي أنتج عام 1982 واحد من الأفلام المفضلة للمخرج ” ستيفن سبيلبرج ” و الذي يروي قصة صبي صغير و وحيد يقيم صداقة غير متوقعة مع كائن فضائي فضولي بني اللون و منتفخ الرأس وصل إلي كوكب الأرض في مركبة فضائية ضخمة ثم تم التخلي عنه من قبل عائلته التي فرت عائدة إلى الفضاء بعد أن طاردها عملاء فيدراليون و يبدء في تدبر أمره بنفسه و في النهاية يتواصل مع الصبي الصغير إليوت (هنري توماس) و عائلته و يشكل الإثنان رابطة وثيقة أثناء هروبهم من السلطات .
و خلال وجود إي تي E.T مع الصبي إليوت يكتشف إمتلاك ذلك المخلوق لقدرات خاصة تعمل علي رفع الأشياء حول منزل العائلة بالإضافة إلي إنشاء روابط نفسية مع الصبي و أصدقائه جيرتي و مايكل و مع ذلك و رغم قدراته الخارقة للطبيعة فقد تبين أنه لديه حب شديد للحلوى مثلنا جميعًا و قد أشتهر بأنه مغرم بحلوى زبدة الفول السوداني الرقيقة المعروفة بإسم ريس و التي أصبحت جزء أساسيا من فيلم إي تي E.T و إحدى ألذ وجبات الشوكولاتة الخفيفة في العالم بعد صدور الفيلم .
و رغم المبيعات الضخمة التي طالت حلوي ريس إلا أنه تبين لاحقا أنها كان من المفترض أن تذهب إلي شركة مارس للحلويات إلا أنها أصبحت واحدة من أكثر الفرص التي ضاعت علي الشركة ففي أحد المشاهد الرئيسية عندما يقوم ” إليوت ” بإغراء الكائن الفضائي بسلسلة من الحلوى الصغيرة قصد ” سبيلبرج ” في الأصل أن تشمل هذه اللحظة المميزة حلوي M&Ms الشهيرة و لكن تعذر ظهورها بسبب أن شركة مارس التي تمتلك الحقوق الحصرية لحلوي M&Ms رفضت منح المخرج الإذن بإستخدام الشوكولاتة متعددة الألوان و نتيجة لذلك إختار قطع ريس كبديل لها .
و لم تضيع شركة ” هيرشي فودز ” التي تمتلك حقوق حلوي ريس تلك الفرصة و لضمان ظهور منتجها داخل مشاهد فيلم إي تي E.T أبرمت صفقة للترويج للفيلم و خصصت مليون دولار للإعلان عنه في الوسائط الإعلامية المختلفة مقابل أن تسمح شركة ” يونفرسال ” للإنتاج السينمائي أن يظهر منتجها داخل الفيلم إضافة إلي ظهوره في إعلاناتها المختلفة و مع صدوره في قاعات السينما حقق نجاحا كبيرا و أرباح تجاوزت 800 مليون دولار أمريكي من ميزانية قدرها 10.5 مليون دولار فقط و في المقابل قفزت مبيعات قطع ريس بنسبة 85% في الأسابيع التي أعقبت صدوره في يونيو عام 1982 و بذلك تكون تلك الصفقة ناجحة للغاية لكلا الطرفين .
أقرأ أيضا : فيلم الفك المفترس الذى كاد أن ينهي مسيرة ستيفن سبيلبيرج الفنية
و بذلك أصبح إي تي E.T ليس مجرد كائن فضائي جاء من خارج كوكب الأرض بل أيضا رجل أعمال من الطراز الفريد بعد أن ساهم في أرباح ضخمة لكلا من شركتي الإنتاج السينمائي و هيرشي للأغذية و من اللافت أنه و حتي اللحظة لا يزال الفيلم و الحلوى مرتبطين ببعضهم إرتباطًا وثيقًا حيث تعد الصفقة بين الفيلم و شركة الأغذية واحدة من أنجح الأمثلة على مسألة ظهور المنتجات داخل الأعمال الفنية و لا يمكن أن يضاهي ذلك النجاح سوي فيلم كاست أواي CastAway الذي ظهر في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين للنجم ” توم هانكس ” و الذي روج لشركة الشحن فيديكس FedEx .