إنهيار إمبراطورية الأزتك

تُعد إمبراطورية الأزتك التي بلغت أوج قوتها في القرنين الخامس عشر و السادس عشر واحدة من أعظم الحضارات التي شهدتها أمريكا الوسطي بعد أن سيطرت علي مساحات شاسعة من الأراضي كما كانت عاصمتهم تينوتشتيتلان واحدة من أكبر و أجمل المدن في العالم بعد تميزها بالجمع بين التطور العمراني و الثقافي و السياسي و مع ذلك لم تكن تلك الإمبراطورية العظيمة محصنة ضد التحديات الخارجية خاصة مع وصول الغزاة القادمين من إسبانيا بقيادة هيرنان كورتيس في أوائل القرن السادس عشر و الذي تمكن من الإطاحة بها و إنهيارها بعد سلسلة من الأحداث التي شملت عقده لتحالفات سياسية و إستخدامه أسلحة متطورة و إنتشار الأمراض و الأوبئة داخل المدينة .

إنهيار إمبراطورية الأزتك

كانت إمبراطورية الأزتك قوة مهيمنة في أمريكا الوسطى خلال القرنين الخامس عشر و أوائل القرن السادس عشر حيث بدأ مجدها عام 1427 حين تم تعيين ” إيتزكواتل ” زعيمًا لشعب الآزتك/المكسيكا و الذي قام بتشكيل ما يُعرف بـ”التحالف الثلاثي” وهو إتحاد سياسي قوي جمع بين مدن تينوتشتيتلان و تيتزكوكو و تلاكوبان و خلال الفترة ما بين عامي 1428 و 1430 تم تعزيز التحالف بشكل جعلهم المجموعة المهيمنة في منطقة شملت وسط ” المكسيك ” و إمتدت حتي ” جواتيمالا ” الحديثة و تم إعتماد مدينة تينوتشتيتلان عاصمة للإمبراطورية .

خريطة إمبراطورية الأزتك

و كانت مدينة تينوتشتيتلان مركزًا للتجارة و السياسة في البلاد و يُقدر عدد سكانها ما بين 200,000 إلي 300,000 نسمة و قد وصفها الغزاة الإسبان بأنها أعظم مدينة شاهدوها علي الإطلاق نظرا لأنها تقع علي جزيرة إصطناعية وسط بحيرة تيكسكوكو و تضمنت حدائق و قصورًا و معابد و طرقًا مرتفعة و جسورًا تربطها بالبر الرئيسي و لكن رغم ذلك الجمال إلا أنه علي الجانب الأخر كانت المدن الأخري مجبرة علي دفع الجزية إليها بشكل دوري سواء للدولة أو للمعبد الكبير المسمي “تيمبلو مايور” الذي كان بمثابة مركزها الديني و كانت جزيته تأتي أحيانًا في شكل تضحيات بشرية و رغم أن لتلك الجزية أثر بالغ في تعزيز قوة الإمبراطورية و تناميها إلا أنها في نفس الوقت غذت الإستياء بين أفراد المدن المحيطة .

مدينة تينوتشتيتلان

و خلال ذلك الوقت كان ” هيرنان كورتيس ” جزءًا من الجهود الإستعمارية الإسبانية الأولي في الأمريكتين و أثناء وجوده في ” كوبا ” أقنع الحاكم ” دييجو فيلازكيز ” بالسماح له بقيادة حملة إلي ” المكسيك ” لكن ” فيلازكيز ” ألغي المهمة لاحقًا و رغم إنهاء المهمة إلا أن ” كورتيس ” الطامح إلي الإستيلاء علي المزيد من الأراضي لصالح التاج الإسباني قام بتشكيل قوة خاصة مكونة من 100 بحار و 11 سفينة و 508 جندي و 16 حصانًا و أبحر من ” كوبا ” في 18 فبراير عام 1519 لبدء حملة غير مصرح بها إلي أمريكا الوسطي و عند وصوله إلي ساحل يوكاتان إلتقي بشعوب أصلية أخبرته عن أوروبيين آخرين كان قد تحطم بهم مركبهم و غرق بعضهم بينما تم أسر الأخرين من قبل المايا و خلال وجوده نجح بتحرير واحد منهم و هو الراهب الفرانسيسكاني ” جيرونيمو دي أجيلار ” و قام بجعله جزءًا من طاقمه بسبب قدرته علي التحدث بلغة المايا المحلية و لاحقًا حصل علي مكسب آخر حين أهداه أحد زعماء الأزتيك 20 امرأة من العبيد من بينهن “مالينالي” و هي امرأة من شعب الناهوا من سواحل ” المكسيك ” تم تعميدها لاحقًا بإسم ” مارينا ” و أصبحت معروفة بـ ” لا مالينشي ” و تميزت بتحدثها بلغة الناهواتل و هي لغة الأزتيك بالإضافة إلي لغة تشونتال المايانية و هو ما جعلها المترجمة الرئيسية لكورتيس و ساهمت في مساعدته علي إقامة تحالفات مع القبائل الأصلية .

هيرنان كورتيز

و بدأت معاناة إمبراطورية الأزتك حين وصل الغزاة الإسبان إلي مدينة تينوتشتيتلان عام 1519 و كانت تحت قيادة الحاكم ” موكتيزوما الثاني ” الذي إستقبلهم بترحاب حذر و سرعان ما وضعه ” هيرنان كورتيس ” تحت الإقامة الجبرية و حاول السيطرة علي الحكم من خلاله و لكن أثناء غيابه لمواجهة قوات إسبانية أُرسلت لإعتقاله قام نائبه ” بيدرو دي ألفارادو ” بقتل مئات من نبلاء الأزتك خلال إحتفال ديني و هو ما أدي إلي تفجر الغضب بين السكان بشكل أدي إلي فرار الإسبان منها و بعد ذلك عاد ” كورتيس ” و معه تعزيزات من أسطول صغير و تحالف يضم حوالي 200,000 محارب من مدن مثل تلاكسكالا و سمبوالا و هي قبائل كانت معادية للأزتيك و قام بحصار تينوتشتيتلان لمدة 93 يومًا .

إنهيار إمبراطورية الأزتك

و خلال الحصار إنتشر مرض الجدري الذي جلبه الإسبان من أوروبا بين السكان الأصليين بشكل أدي إلي موجة وفيات هائلة بسبب عدم إمتلاكهم لمناعة ضد الأمراض الأوروبية و لم يكن لدي الكهنة أو المعالجين أي علاج فعال للوباء و مع إزدياد عدد الموتي تراكمت الجثث في شوارع المدينة مما أدى إلى تفاقم الأزمة كما أنه و نتيجة إمتلاك الغزاة الإسبان لأسلحة متطورة مثل السيوف الفولاذية و البنادق و المدافع و الرماح و الأقواس و الكلاب المدربة و الخيول إضافة إلي إمتلاكهم لخبرات حربية تكتيكية متقدمة في مقابل إعتماد الأزتك علي السيوف الخشبية و الهراوات و الرماح ذات الشفرات المصنوعة من الزجاج البركاني فكانت أي مواجهة بين الطرفين محسومة للإسبان لذلك كان سقوط مدينة تينوتشتيتلان في النهاية عام 1521 أمر متوقع و بعدها تم إجبار الآزتك بما فيهم أفراد العائلة المالكة علي العيش تحت الحكم الإسباني و هو ما وضع نهاية لإمبراطورية كانت يومًا ما قوة عظمي في أمريكا الوسطي و بداية لإستعمار إسباني في المكسيك .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *