إمبراطورية الأقزام .. مشروع جدلي بين الإدماج الإجتماعي و الإنتقادات الأخلاقية

في عالم يزداد وعيًا بقضايا التنوع و الشمول تظهر عدد من المشاريع التي تثير جدلاً واسعًا حول كيفية تعامل المجتمع مع الأفراد الذين يعانون من قصر القامة أبرزها إمبراطورية الأقزام و هي حديقة ترفيهية تقع بالقرب من مدينة كونمينج في الصين و تأسست عام 2009 من قبل رجل أعمال ثري يدعي تشن مينجينج بهدف توفير فرص عمل للأشخاص الذين يعانون من قصر القامة و غالبًا ما يواجهون صعوبات في العثور علي وظائف بسبب وضعهم الجسدي و لكن رغم نبل المقصد إلا أن ذلك المشروع أحدث حالة كبيرة من الجدل بعد أن إنتقدتها العديد من المنظمات الدولية التي تري أن المشروع يعزز الصور النمطية و السلبية لقصار القامة بينما يرى المؤيدين أن الحديقة توفر فرصًا حقيقية لهؤلاء الأفراد لتحقيق الإكتفاء الذاتي و الإندماج المجتمعي .

إمبراطورية الأقزام .. مشروع جدلي بين الإدماج الإجتماعي و الإنتقادات الأخلاقية

و تضم “إمبراطورية الأقزام” أكثر من 100 عامل تتراوح أعمارهم ما بين 19 و 48 عامًا و يشترط من أجل الإلتحاق للعمل بها أن يكون أطوالهم أقل من 130 سم و في ذلك المكان يعيش العمال في مساكن مجاورة تم تصميمها خصيصًا لتتناسب مع إحتياجاتهم حيث يكون الأثاث و الممرات مناسبة لأطوالهم و خلال العروض يقوم الممثلين بأداء فقرات كوميدية و غنائية أبرزها أداء مشاهد من الحكايات الخيالية أو الرقصات الكلاسيكية مثل “بحيرة البجع” كما يتم تقديم عروض الهيب هوب و تمثيل مشاهد من الفنون القتالية الصينية مثل “تشيجونج” و غالبًا ما يتميز العرض بظهور “ملك الأقزام” و هي شخصية رئيسية ترتدي عباءة حريرية ذهبية و تركب دراجة ثلاثية العجلات كما أن الممثلين يتظاهرون بأنهم يعيشون في منازل صغيرة علي شكل الفطر .

إمبراطورية الأقزام .. مشروع جدلي بين الإدماج الإجتماعي و الإنتقادات الأخلاقية

و علي الرغم من أن “إمبراطورية الأقزام” توفر فرص عمل للأشخاص الذين يعانون من قصر القامة إلا أنها واجهت إنتقادات من قبل منظمات دولية مثل ” أقزام أمريكا ” و ” الإنسانية و الإدماج ” حيث يرون أن الحديقة تشبه “حديقة بشرية” تقوم بعزل الموظفين عن المجتمع بالإضافة إلي أنها تعزز الصور النمطية و السلبية عن الأقزام بإعتبارهم مادة ترفيهية و في المقابل دافع فريق علي رأسهم المؤسس ” تشن مينجينج ” عن الفكرة حيث يؤكد أنه يوفر فرص عمل لأشخاص كانوا يعانون من البطالة أو الإستغلال في وظائف أخرى مضيفا أن العديد من الموظفين يعبرون عن سعادتهم بالعيش مع أشخاص يشبهونهم مما يساعدهم علي الشعور بالإنتماء و عدم الإحساس بالوحدة .

و لمحاولة إلقاء الضوء بشكل أكبر علي “إمبراطورية الأقزام” قامت قناة ” فايس ” عام 2014 بتصوير تقرير داخل الحديقة كجزء من برنامجها “دليل فايس للسفر” حيث أظهر جانبًا خلف الكواليس للحياة اليومية للعاملين شملت مساكنهم و المناطق التي لا يراها الزوار عادة و أوضح التقرير أن العديد من الموظفين يشعرون بالإمتنان للفرصة التي توفرها الحديقة لهم رغم علمهم بالمعارضات و الإنتقادات حول المكان التي تتناول أخلاقيات إستخدام قصار القامة كوسيلة للترفيه .

إمبراطورية الأقزام .. مشروع جدلي بين الإدماج الإجتماعي و الإنتقادات الأخلاقية

إقرأ أيضا : قرية الأقزام فى الصين التى فشل العلم فى الوصول إلي تفسيرها

و بعيدا عن الإنتقادات إلا أنه من المنظور الإقتصادي تعتبر “إمبراطورية الأقزام” مشروعًا ناجحًا يجذب آلاف الزوار سنويًا خاصة من الطلاب و السياح المحليين القادمين من المدن المجاورة و نظرا لشهرة تلك العروض يطمح مؤسسها ” تشن مينجينج ” إلي توسيع المشروع من خلال توظيف ما يصل إلي 1000 شخص يعانون من قصر القامة كما يوفر دروسًا في اللغة الإنجليزية للعاميلن من أجل تمكينهم من التفاعل مع السياح الأجانب بهدف جعل الحديقة وجهة سياحية عالمية تجذب ملايين الزوار من مختلف الجنسيات .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *