كثير منا شاهد أفلام سينمائية تتحدث عن كوارث أو هجمات لأحد الوحوش علي المدينة و خلال ذلك يتم بث تحذير في وسائل الإعلام بعدم الخروج أو محاولة الإحتكاك بذلك الوحش و لكن يبدو أن الأمر قد تحول إلي حقيقة في مدينة تاييوان الصينية التي تقع على بعد 375 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة بكين و يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة حين فوجئوا برسائل تحذيرية علي شاشات التلفزيون تهيب بالمواطنين ضرورة البقاء في المنازل و إغلاق جميع النوافذ لأنه يتجول داخل المدينة وحش إسطوري يدعي سيبوكسيانج و هو ما أدي إلي إحداث حالة عامة من الذعر طوال اليوم إلي تفاجئ الجميع بأنه مجرد إعلان تجاري و أن ذلك الوحش ما هو إلا مجرد مشروب كحولي .
دارت أحداث تلك القصة عام 1995 في ” الصين ” و تحديدا في مدينة ” تاييوان ” التي تقع شمال البلاد حين شاهد سكانها رسالة تحذيرية علي شاشة التلفزيون تقول أغلق جميع نوافذك و أبوابك و كن في حالة تأهب لأن المدينة تتعرض لهجوم من قبل وحش ” سيبوكسيانج ” و هو ما أصاب سكانها بالخوف و الإضطراب لمدة 24 ساعة قاموا فيها بمنع الأطفال من الذهاب إلى المدارس و لم تغادر ربات البيوت منازلهن خوفًا من لدغة ” سيبوكسيانج ” التي قالت شائعات سريعة الإنتشار أنها تقتل في غضون 24 ساعة و بدء تدفق لمكالمات المواطنين القلقين علي أقسام الشرطة و محطات الإذاعة و التلفزيون إلي أن تفاجئوا أن الأمر ما هو إلا مجرد إعلان تجاري لأحد المشروبات الجديدة التي تحمل إسم ذلك المخلوق الأسطوري .
و بمجرد معرفة حقيقة الأمر تحول الشعور العام لدي المواطنين من الذعر إلي الغضب و الذي إتجه إلي شركة الدعاية التي قامت بتنفيذ ذلك الإعلان حيث قال أحد الأطفال عبر التلفزيون الرسمي “لماذا يريدون تقديم مثل هذه الإعلانات .. إنهم يخيفوننا نحن الأطفال” كما أعرب أحد السكان المحليين عن غضبه من أن مثل هذه الإعلانات “تؤذي الناس” و هو ما دفع أمر مكتب الدعاية للحزب الشيوعي بوقف تلك الحملة الإعلانية و فتح تحقيق مع شركة الإعلانات و صاحب فكرته ” جينغ هويوين ” الذي خرج و دافع عن نفسه بأنه مجرد إعلان تجاري لم يقصد أبدًا إخافة أي شخص كما أن الإعلان الذي بلغ مدته 15 ثانية إحتوي علي عبارة “المواطنون المحترمون تم تصميم الإعلان بواسطة شركة جينكسين للدعاية و الإعلان ” و هو ما معناه أن ما يعرض ليس حقيقيا و لكن فات علي المواطنين ذلك .
و بعد عشرة أسابيع و نتيجة كثرة الضغوط أضطر ” جينج هويوين ” إلي الإعتذار على شاشة التلفزيون الوطني كجزء من تحذير واسع النطاق ضد الإعلانات غير المسؤولة في إقتصاد السوق الإشتراكي غير المنظم في ” الصين ” كما تم تغريمه مبلغ 5000 يوان لإنتهاكه مشروع قانون الإعلانات الصيني و الذي يحظر أي إعلان تجاري كاذب أو مضلل أو مروع كما في حالة ذلك الإعلان و مع ذلك أعرب عن إرتياحه بتلك العقوبة التي إعتبرها ثمنًا زهيدًا مقابل أحد أكثر الإعلانات نجاحًا في تاريخ ” الصين ” و التي أدت إلي شهرة وكالته الإعلانية و بدء الكثيرين من أصحاب الأعمال في التعامل معه حيث قال “لقد إكتسبنا ثقة الدوائر التجارية في الصين ” .
أقرأ أيضا : حرب العوالم .. ليلة مرعبة قضاها الأمريكيين ظنا منهم بأن بلادهم تتعرض لغزو حقيقى من قبل كائنات فضائيه
و على الرغم من الإنتقادات الرسمية لذلك الحادث يبدو أن قسماً كبيراً من الصحافة العامة و التجارية في البلاد كان لها رأي أخر حيث دافعت عن ” جينج هويوين ” و شركته بعد أن قال أحد المعلقين في صحيفة ” تشاينا بيزنس ” الوطنية اليومية أن الأشخاص الذين أعتبروا إعلان جينج بدعة غير مناسبين لإقتصاد السوق و الذين يفكرون بهذه الطريقة ليسوا قادرين على التكيف مع التنمية الإقتصادية” كما قال أخر : “كان إعلان ذلك المشروب ناجحًا و يجب علي الآخرين دراسة دراسته ” .