ألاف من الصور تم إلتقاطها خلال الحرب العالمية الثانية و التى فيها تم توثيق المعارك الحربية و الأحداث السياسية التى إرتبطت بها و لكن قليل من تلك الصور هى من تأخذ مكانة كبيرة داخل كتب التاريخ لما تحمله من معانى و أثار ربما لا يزال العالم يعيش تبعاتها حتى اللحظة و تعتبر تلك الصورة واحدة منها و التى تحمل فى طياتها لحظة توقيع وزير الخارجيه الياباني مامورو شيجميتسو لوثيقة إستسلام اليابان و هو على متن البارجة الحربيه الأمريكية يو اس اس ميسوري حيث كانت تلك المراسم هى الإعلان الرسمي لإنتهاء الحرب العالمية الثانية .
التاريخ : 2 سبتمبر عام 1945 .
المصور : الامريكى ” كارل مايدنز ” – مصور مجلة لايف الامريكية .
التفاصيل : ترجع خلفية صورة إستسلام اليابان إلى صيف عام 1945 حين اصبحت هزيمة “اليابان” للحرب وشيكة بعد تدمير أغلب قواتها بالاضافة الى وقوعها فى حصار بحرى و حدوث قصف مكثف لمدنها بشكل أدى الى تدمير البلاد و شل اقتصادها و بنهاية يونيو استولى الأمريكيين على جزيرة “أوكيناوا “و هى جزيرة هامة نظرا لامكانياتها بان تكون نقطة انطلاق لشن غزو على الجزر اليابانية الرئيسية و الذى تم تحديد موعده ليكون فى نوفمبر من نفس العام و كان من المتوقع ان تكون الخسائر الامريكيه ضخمه و بشكل يفوق خسائر الحلفاء مجتمعه اثناء غزو نورماندى و لكن لحسن حظ الامريكين فى شهر يوليو اصبح هناك خيارا اخر عندما فجرت “الولايات المتحدة” سرا أول قنبلة ذرية في العالم في صحراء “نيو مكسيكو” و بعدها بأيام أصدر الحلفاء إعلان ” بوتسدام” الذي يطالب بإستسلام اليابان غير المشروط لجميع القوات المسلحة اليابانية مع التهديد بإن عدم الامتثال يعني التدمير الكامل لليابان الا انهم و على لسان رئيس وزرائها ” كانتارو سوزوكي ” رفض ذلك الانذار معلنا أن حكومته لا تولي أي اهتمام له و نتيجة لذلك امر الرئيس “هارى ترومان ” اسقاط القنبلة الذرية الاولى على مدينة “هيروشيما” و التى ادت الى إحداث تدمير هائل لها مخلفة ورائها ألاف الضحايا و المأسى الانسانيه نتيجة لذلك فضل فصيل من مجلس الحرب الأعلى الياباني قبول إعلان “بوتسدام” لكن الغالبية قاومت فكرة الاستسلام غير المشروط لتمر ايام قليله و يتم اسقاط القنبلة الذرية الثانية على مدينة “ناجازاكى” لتتكرر نفس المأساه بالتزامن مع اعلان ” الاتحاد السوفييتى ” الحرب على “اليابان” و اجتياحهم لمنشوريا و للمواقع اليابانيه .
نتيجة لما سبق عقد الإمبراطور الياباني “هيروهيتو” اجتماعًا للمجلس الاعلى للحرب و بعد نقاش طويل أيد اقتراحًا قدمه رئيس الوزراء “سوزوكي” و الذي بموجبه تقبل “اليابان” إعلان “بوتسدام “على أساس أن الإعلان المذكور لا يضر بأي مطلب يمس بامتيازات الامبراطور بصفته حاكم البلاد و في 10 أغسطس تم نقل الرسالة إلى “الولايات المتحدة” لترد فى 12 أغسطس بأن سلطة الإمبراطور و الحكومة اليابانية فى الحكم لابد و ان تخضع للقائد الأعلى لقوات الحلفاء و بعد يومين من النقاش أعلن الامبراطور أن السلام أفضل من التدمير و أمر الحكومة اليابانية بإعداد نص يقبل إستسلام اليابان و هو الامر الذى لم يعجب بعض من ظباط الجيش حيث قام الرائد “كينجي هاتاناكا” فى 15 من اغسطس بانقلاب عسكري سيطر المتمردبن فيه على القصر الإمبراطوري وأحرقوا مقر إقامة رئيس الوزراء “سوزوكي” ولكن بعد الفجر بقليل تم سحق الانقلاب و قام الامبراطور بالذهاب الى الاذاعه ليعلن عبر الاثير استسلام “اليابان” .
على الجانب الاخر اختار الرئيس ” ترومان ” الجنرال ” دوجلاس ماك ارثر ” ليكون هو قائد قوات الحلفاء الذى سيشهد لحظات توقيع إستسلام اليابان و اختار البارجة ” يو اس اس ميسورى ” لتكون مكانا للتوقيع وهي سفينة حربية شهدت معارك كثيرة فى مسرح عمليات المحيط الهادئ و تم اختيار يوم 2 من سبتمبر ليكون يوما للتوقيع من أجل إتاحة الوقت لممثلي جميع قوى الحلفاء الرئيسية للوصول .
و فى يوم 2 سبتمبر رست أكثر من 250 سفينة حربية تابعة للحلفاء في خليج طوكيو و ترفرف أعلام “الولايات المتحدة” و “بريطانيا” و “الاتحاد السوفيتي” و “الصين” فوق سطح البارجه ميسورى و يأتى الوفد اليابانى مكونا من 11 فردا ليوقع وثيقة إستسلام اليابان حيث وقع وزير الخارجيه اليابانى “مامورو شيجميتسو” نيابة عن الحكومة اليابانية و تبعه الجنرال ” يوشيجيرو أوميزو” كممثل للقوات المسلحة اليابانية حيث بكى مساعدبه اثناء توقيعه ثم تلاه توقيع القائد الأعلى لقوى التحالف “ماك آرثر” و تبعه توقيعات اخرى من ممثلى “الولايات المتحدة” و “الصين” و “بريطانيا” و “الاتحاد السوفيتي” و “أستراليا” و “كندا” و “فرنسا” و “هولندا” و “نيوزيلندا” على التوالي و ينتهى مراسم التوقيع خلال 20 دقيقة .
فى تلك اللحظات كان ” كارل مايدنز ” مصور مجلة لايف موجودا على ظهر تلك البارجة لتوثيق تلك اللحظات و يقف على منصة فوق برج مدفع خلف الجنرال ” ماك ارثر ” و كان ” كارل ” فى يوم من الايام اسيرا لديهم اثناء وجوده فى “الفلبين” لحظة الغزو اليابانى لها و يقول عن لحظة توثيق الصورة لقد شاهدت السيد ” شيجميتسو ” وهو يعرج إلى الأمام و ساقه الخشبية تنقر على البارجه اثناء تقدمه في صمت حيث ساعده جنديان و هو متكأ على عصاه ثم خلع قبعته و خلع قفازاته و بدا مشوشًا للحظة حيث أظن أنها كانت لحظة مروعة بالنسبة له و فجأه شعرت أن كل غضبي المكبوت في زمن الحرب تجاههم يتلاشى والشفقة تملئ قلبي و يضيف انه حصل على ذلك المكان المتميز للتصوير نظرا لخبراته اثناء الحرب التى شارك فيها حيث ساعدته علاقاته بالجنرالات بسماحهم له بالتواجد فى ذلك المكان .