تعتبر هندوراس واحدة من أبرز دول أمريكا اللاتينية و تعد قبلة سياحية نظرا لتفردها بمناظر طبيعية خلابة تدفع الكثير من السياح لزيارتها و الإستمتاع بجمالها كما أنها دولة زراعية تشتهر بتصديرها للعديد من المحاصيل أبرزها الموز و الحبوب لذلك فتعتبر مياه الأمطار في تلك البلد ذات أهمية كبيرة في عدد من المناطق التي تعتمد عليها في أنشطتها الزراعية المختلفة و لكن قد يختلف الوضع في بلدة صغيرة تقع في المنطقة الشمالية الوسطي من البلاد و تدعي يورو و التي رغم تميزها بوديان خصبة و زراعة الحبوب إلا أنها تشتهر بظاهرة فريدة من نوعها و هى أمطار الأسماك الصغيرة التي تهطل بشكل سنوي علي تلك البلدة و يتخذها السكان مصدر لغذائهم .
و يرجع بعض السكان المحليين في ” يورو ” سبب أمطار الأسماك الصغيرة إلي أسطورة حدثت فى منتصف القرن التاسع عشر حين زارها المبشر الإسباني “خوسيه مانويل سوبيرانا” و شاهد مدى الفقر و الجوع الذي يعيش فيه أهلها لذلك بدء فى الصلاة لفترة أستمرت ثلاث أيام متضرعا الى الله بأن يوفر الطعام لهؤلاء الناس و سرعان ما تشكلت سحابة فى السماء و بدأت الأمطار فى الهطول و لكن تلك المرة كانت من الأسماك و يبدء السكان فى التغذى عليها و إنهاء جوعهم حيث كانت تلك هى أول حالة لأمطار الأسماك أو كما يطلقون عليها بالإسبانية ” لوفيا دى باسيز ” و التي تحدث بحسب شهادة مواطنى البلدة مرة واحدة على الأقل في السنة خلال شهري مايو أو يونيو .
و بالتدقيق فى ظاهرة أمطار الأسماك فقد لوحظ أنها تحدث دائما بعد مرور عاصفة شديدة و مدمرة حيث يكون أهل البلدة مختبئين داخل منازلهم و بمجرد إنتهائها يجمعون سلالهم و يتوجهون إلي الشوارع التى تكون مليئة بالأسماك القريبة من السردين ثم يبدأون فى تجميعها و الغريب أن تلك الأسماك من نوع لا يتواجد فى محيطهم المائي المحلي و هو الأمر الذى يجعل السكان يؤمنون بأنها أتت من السماء كنعمة من عند الله خاصة و أنها المرة الوحيدة في السنة التي يمكنهم فيها شراء الأسماك و أكلها لأنهم يعيشون فى مجتمع فقير ينحصر غذائه المعتاد علي الذرة و الفاصوليا و محاصيل أخرى قاموا بزراعتها بأنفسهم لذلك فهم يتبعون بعضا من التقاليد بخصوص تلك الأسماك مثل حظر بيعها و إعادة توزيعها حال قامت إحدى العائلات بجمع كميات أكبر من إحتياجاتها ليذهب الفائض إلي عائلة اخرى لم يسعفها الوقت فى جمع السمك من الشوارع أو الحقول .
و نظرا لغرابة ظاهرة أمطار الأسماك فكان من الضروري أن يهتم العلم بها و يحاول تفسيرها لذلك توجه فريقا من قناة ” ناشونال جيوجرافيك ” فى سبعينيات القرن الماضى إلي تلك البلدة لمتابعتها بأنفسهم و علي الرغم من عدم مشاهدتهم الأمطار بشكل مباشر لأنها كانت جزء من عاصفة ضخمة لا يستطيع أحد التواجد حينها إلا أنهم تمكنوا من مراقبة الأسماك على الأرض بعد سقوطها فور إنتهائها و أستطاعوا الوصول إلي أحد التفسيرات التى ترجح حدوثها حيث لاحظوا أن تلك الأسماك عمياء تماما و هو أمر يعطى إنطباعا أنها تعيش فى أعماق الأنهار أو كهوف أسفل المياه و عند هبوب العواصف المطيرة الشديدة و الفيضانات فهى تقوم بإجبار تلك الأسماك على الصعود إلي أعلى و التحليق فى الهواء و السقوط على الأرض كما توجد نظرية تفسيرية أخرى لظاهرة أمطار الأسماك تتمثل فى وجود أحد الأعاصير التي تتشكل فوق المسطحات المائية يعمل على سحب المياه و نقله إلي الهواء و هو من الشدة الكافية لسحب الكائنات البحرية الصغيرة مثل الأسماك و نقلها الى البر الا أنها كانت نظرية ضعيفه نظرا أنه من الصعب أن تحمل الاعاصير تلك الأسماك لمسافة طويلة خصوصا و أن ذلك النوع من السمك غير موجود فى البيئة المحلية حيث يرجح أنها قادمة من المحيط الاطلسي على بعد أكثر من 160 كيلومتر .
و رغم التفسيرات العلمية لأمطار الأسماك الا أن سكان تلك البلدة يفضلون التفسير الأسطورى لها رغم أنه لا يوجد أحد قد شاهد هطول تلك الأسماك من السماء لسوء الاحوال الجوية فى ذلك الوقت و مع ذلك أصبحت تلك الظاهرة الغريبة جزء من الفلكلور الشعبي لتلك البلدة حيث أصبح يقام مهرجانا سنويا للإحتفال بأمطار الأسماك و فيه يقام كرنفالات و إستعراضات و مسابقات تتنافس فيه نساء البلدة على لقب ” سيدة أمطار الأسماك ” و ترتدى فيه الفائزة زيا لعروس البحر .
أقرأ أيضا : مجموعة تقوم بتدنيس قبر رجل روماني مسن يدعي بيتري توما تحت زعم أنه مصاص دماء
و الجدير بالذكر أنه رغم تفرد تلك البلدة بظاهرة أمطار السمك إلا أنها لا تعتبر الوحيدة حيث تم رصدها في مناطق أخري لدي عدد من دول العالم مثل المكسيك و الصين و تايلاند و أستراليا و لم تكن قاصرة علي الأسماك فقط بل كان بعضها يحتوي أيضا علي الضفادع و حيوانات أخرى مثل العناكب و الطيور و الثعابين و الفئران و قناديل البحر .