الفن شئ يسمو بروح الإنسان و هو أمر حسي فى المقام الأول لأنه ليس بالضرورة ان يكون مقدمه من نفس ثقافتك أو لغتك أو بلدك لتفهمه بل يمكن الشعور بجماله من خلال حواسك عن طريق السمع اذا كانت فنون موسيقية او المشاهدة حال كونها فنون تشكيلية أو لوحات فنية و إستعراضية , و أى كان ما يقدمه الفنان إليك فهو يحاول بشتى السبل الإبداع فى أساليب توصيلها الى المتلقي حتى و أن كانت بعض من تلك الوسائل غريبة بعض الشئ مثلما يفعل أحد الفرق الغنائية الدانماركية و يدعى أكواسونيك الذى يقدم مقطوعات موسيقية فريدة من نوعها من خلال تلحينها و غنائها تحت الماء بإستخدام أدوات موسيقية و صوتية خاصة و فى نفس الوقت دون الإعتماد على أى وسائل للغطس خلال عروضهم .
و يتكون فريق ” اكواسنيك ” من خمسة موسيقيين و يعتبر هو الاول فى العالم من نوعه الذى يقدم مقطوعات موسيقية و غنائية تحت الماء حيث بدأت فكرته عام 2004 على يد ” ليلى سكوفماند ” التى تعتبر هى المخرجة و الملحنة و المغنية الرئيسية له حيث ارادات فى احد الايام ان تكتشف كيف سيكون شكل الغناء اسفل المياه فأحضرت وعاءا صغيرا و ملأته و وضعت شفتيها في الماء و تدريجيا فمها بالكامل ثم بدأت بالغناء و رغم أنه قد لا يكون ذلك الأمر شيئا مثيرا للاهتمام عند الاخرين الا أنها و بحسها الفنى فتنت بتلك الفكرة و شعرت بشيء ما يتوافق معها .
و بدأت ” ليلى سكوفماند ” بتطوير الفكرة من خلال إستخدام الادوات الموسيقيه و العزف عليها اسفل المياه حيث بدأت بألة الكمان العادى الذى لم يتحمل بيئة الماء المحيطة به سوى ايام معدوده و ايقنت بعدها انه للعزف اسفل المياه لابد ان تكون الادوات الموسيقيه ذات مواصفات خاصه فبدأت رحلتها التى استمرت لاكثر من 10 سنوات لتشكيل ذلك الفريق من الموسيقيين و أطلقوا على أنفسهم إسم ” أكواسونيك ” و الذين عملوا عن كثب مع الباحثين و المخترعين لتطوير تلك الادوات الموسيقيه بشكل يجعلها مقاومة للماء و يمكن أن ينتج من خلالها الصوت المثالي أسفله نظرا للمشكلات الخاصه بانتقال الصوت عبر المياه بالاضافه الى قيامهم بخوض تدريبات شاقه لا حصر لها مع غواصين متخصصين للتعود على البقاء أسفل المياه لاطول فترة ممكنه خاصة اثناء الغناء حيث كان لزاما على المغنيه الرئيسيه للفريق ” ليلى ” ان تصدر اصواتا تكون متناغمه مع الالحان الصادرة أثناء احتفاظها بالهواء و هى أسفل الماء .
و خلال حفلات ” أكواسونيك ” سوف تشعر كمشاهد أنك لست امام عرضا موسيقيا بل امام مزرعة اسماك بأحواض المياء الموجودة أمامك على خشبة المسرح ثم يبدء أعضاء الفرقة الموسيقيه ” ليلى و روبرت و مورتن و دي ماريا و نانا ” فى الظهور و اعتلاء الاحواض و هم يرتدون ملابس عاديه ملائمة للحفل و الغوص بداخله حيث يوضع كل عازف منهم فى حوض زجاجى منفصل و يكون مملوءا لاخره بالماء حيث يعتبر ذلك الحوض هو اداه موسيقية فى حد ذاته نظرا لوجود أدوات العزف بداخله و الموضوعه بمعايير دقيقه لأن اى تغيير فى أمكانها و لو بسنتيمترات قليله ينتج عنها ايقاعات صوتيه مختلفه تماما عن ما هو مطلوب كما أنه من الضرورى الحفاظ على ثبات درجة حرارة المياه داخل الحوض و عدم تغيرها لأن ذلك يؤدى ايضا الى تغير الايقاعات مع وضعهم لسماعات اذن خاصه للاستماع الى بعضهم البعض .
و خلال الحفلة الموسيقية و طوال عزف ” أكواسونيك ” اسفل المياه و فى اوقات مدروسه يتم خروجهم اعلى احواض المياه الزجاجيه لاستنشاق الهواء ثم العودة للغوص مرة اخرى لاستكمال باقى العزف بشكل لا يخل من استمرار المقطوعات كما تحتوى تلك الاحواض على الهيدروفونات و هى عبارة عن ميكروفونات متخصصه تستخدم لالتقاط اصوات الالحان الموسيقية للفرقة تحت الماء و التى يتم نقلها الى مضخمات للصوت لنشرها الى الجمهور و لا يقتصر الامر على الهيدروفونات فقط بل يستخدمون ادوات موسيقيه تصدر ايقاعات اسفل المياة مثل الهيدرولوفون و الكريستولفون و الروتاكوردا و الكمان و الطبول .
أقرأ أيضا : تعرف على أهمية دور جمعية الرفق بالحيوان فى السينما الامريكية
و أزدادت شهرة فريق ” أكواسونيك ” و بدء اولى حفلاته العالميه عام 2016 فى “هولندا” و منها الى جميع انحاء العالم حيث ينتقل من دوله الى اخرى لتقديم عروضه الفنيه الفريدة على مختلف المسارح و المهرجانات الفنيه و لعل اشهرها هى مشاركته فى مهرجان سيدنى للفنون الذى أقيم فى “أستراليا” عام 2018 حيث تقول ” ليلى سكوفماند ” ان الهدف من تلك الموسيقى هو إيجاد حل جيد لجعل البشر أكثر ارتباطًا بالطبيعه و التى تعتبر المياه هى جزءا منها ” .