كثيرا ما نسمع عند حدوث أى اخفاق للاعب أو فريق رياضى الى أنه من الضرورى ضم أخصائي التأهيل النفسي ليكون ضمن أعضاء الجهاز الفنى و هو شخص تنحصر مهمته فى مساعدة الرياضيين و الفرق فى جميع الألعاب على تحقيق أفضل النتائج في الملعب من خلال تقديم المشورة النفسية لهم و التركيز على كيفية الإستفادة من تأثير العوامل العقلية و العاطفية و إتقان اليقظة الذهنية لتحريرهم من الضغوط التى تنعكس بالإيجاب على الأداء الرياضي و هو الأمر الذى دفع الفرق الشهيرة عالميا الى الحصول على خدمات أخصائي التأهيل النفسي بين صفوف جهازها و لكن ما لا يعرفه الكثيرين أن لتلك المهنة الكثير من الخلفيات و الأسرار و هو ما سوف نقوم بتوضيحه فى تلك المقالة .
يستغرق الأمر سنوات من التدريب و الخبرة لتحقيق النجاح حيث يقضي أخصائي التأهيل النفسي حوالي عقد أو أكثر في المدرسة للحصول على الدرجات العلمية بداية من البكالوريوس مرورا بالماجستير و انتهاءا بالدكتوراه و بعد ذلك عليه إكمال ما لا يقل عن 3000 ساعة من الخبرة في العمل تحت الإشراف و بعدها يجب عليه اجتياز الاختبارات الفيدرالية ليصبحوا أطباء نفسيين مرخصين و متخصصين فى المجال الرياضي و بمجرد حصولهم على الترخيص يجب أن يبدأ أخصائي التأهيل النفسي في بناء حياته المهنية سواء كان يعمل في عيادة رياضية أو قسم رياضي بالجامعة أو صالة ألعاب رياضية أو فى عيادته الخاصة .
يعمل العديد منهم مع الرياضيين المبتدئين بدلاً من المحترفين و ذلك لأن الرياضى المبتدئ لا يزال صغيرا فى السن و ليس لديه أى خبرات لذلك فهو يكون فى أمس حاجة الى المشورة النفسية لتحسين أداءه عن اللاعب المحترف كما أن أخصائي التأهيل النفسي من أجل إشرافه على اللاعبين المحترفين و الفرق الشهيرة فهو يحتاج الى المزيد من الخبرة التى تصقل عبر سنوات طويله من العمل و حتى بفرض أنه كان يعمل مع محترفين فإن أكثر ما يتعامل معهم أيضا هم المبتدأين اذا كان لديه عيادة خاصة .
يجب عليهم ان يكونوا من عشاق الرياضة و هو أمر طبيعى لأن أخصائي التأهيل النفسي لن يستطيع اقناع أى رياضي بتكوين طاقات ايجابية أثناء لعبه الا اذا كان هو بالأساس مؤمنا بما يقوله لذلك فهم دائما لديهم شغف دائم بالنشاط البدني و تحسين الذات لأنه لن يستطيع النجاح فى الموقع الذى يعمل فيه الا اذا احبه بالفعل لأنه سوف يكون دافعا له لتقديم المزيد و المزيد فيه .
عليهم أن يجدوا أسلوبهم الخاص فى العمل لأنه على الرغم من عمل الكثيرين فى ذلك المجال الا أن البعض منهم هم من يبرزون فيه فربما يكون العلم واحدا و لكن ماذا عن كيفية تقديمه لذلك فيكون لدى كل من أخصائي التأهيل النفسي أسلوبه الخاص فى التعامل مع الرياضيين كما أنه من الضرورى الجمع بين علوم الرياضة أو علم النفس الرياضي مع علم النفس الإكلينيكي الذى لا يكفى بمفرده حيث لا يمكن تجاهل كلا العلمين معا اذا أردت أن تكون محترفا فى ذلك المجال .
لديهم القدرة فى الاقناع و تسيد العقل و ذلك لأنه عندما يتسبب القلق من الأداء في فقدان ثقة الرياضيين في قدراتهم فقد يؤدى ذلك عن غير قصد الى حدوث تغييرات طفيفة في حركاتهم مما يؤدي إلى تشتيت تركيزهم لذلك يأتى دور أخصائي التأهيل النفسي الذى يقوم بتعليم الرياضيين ضرورة التركيز الذهنى خلال اللعب لأن العقل يتحكم في الجسد و يجب اقناع اللاعب أن المخ مثل جهاز الكمبيوتر و أن المعتقدات التى يؤمن بها ما هى الا برنامج للتحكم به لذلك فيعلم أخصائي التأهيل النفسي تقنيات التحكم فى الأنفاس و إيجاد إحساس الهدوء و التفكير بشكل أكثر وضوحًا تحت الضغط و هو ما يتم فعله مع غالبية الرياضيين لتحقيق قدرة ذهنية كبيرة تعينه على التكيف و التركيز و تعطيه القدرة على التفكير تحت الضغط و توليد الشعور لديه بالثقة بغض النظر عن الظروف .
من الممكن ان يكون عملهم فى الألعاب الإليكترونية أيضا و ليست البدنية فقط حيث لا ينحصر عمل أخصائي التأهيل النفسي على الرياضات البدنية فقط بل من الممكن تقديم المشورة الى الممثلين و رجال الأعمال اضافة الى لاعبى الألعاب الإليكترونية و التى تعتبر مجالًا مثاليًا لعلماء النفس الرياضي لأنها تعتبر ألعاب عقلية و ليست بدنية فى المقام الأول لذلك فيكون من السهل العمل فى تلك البيئة حيث يقومون بتدريب لاعبى الألعاب الإليكترونية على الهدوء و الثقة و السيطرة العاطفية و التركيز مما يمنحهم ميزة واضحة على المنافسين.
يعاملون منافسات المباريات التدريبية بنفس احترام مباريات الألعاب الأولمبية حيث يؤمن أخصائي التأهيل النفسي أنه إذا كان الاعبين لا يعرفون كيفية التعامل مع مباراة تدريبية أو أن يأخذوها على محمل الجد فلن يتمكنوا من مواجهة الضغط الذى سيقع على أنفسهم حين يكونون في بطولة حقيقية مثل الألعاب الأوليمبية حيث سيؤدى ذلك الضغط الى فقدان التركيز و صدور ردود فعل سلبية لن تكون مفيدة خلال المباراة كما أنه من الضرورى أن يعطى لكل لاعب فى الفريق الاهتمام اللازم كما و لو انه هو الوحيد فى الفريق كله .
لا يزالون يكافحون النظرة السلبية اليهم بإعتبار انها مهنة متعلقة بالضعفاء فعلى الرغم من أن علم النفس الرياضي يركز على تحسين الأداء الرياضي إلا أن بعض الناس ينظرون إلي ذلك المجال من منظور سلبي على أنه نوع مخصصًا للأشخاص الضعفاء بدلاً من التركيز على نقاط ضعف الرياضيين أو إخفاقاتهم حيث أن أخصائي التأهيل النفسي يكون دوره هو إفهامهم كيف تعمل عقولهم من أجل الأداء الجيد باستمرار حيث يرتكز علم النفس الرياضي على الأدوات و المبادئ اللازمة لتضخيم النمو و القوة .
أقرأ أيضا : قصة اللاعبة جوديت بولجار أعظم لاعبة شطرنج عبر كل العصور
يقيمون توازنًا بين التحليل العلمي والحدس فعندما يتعاون أخصائي التأهيل النفسي مع أحد اللاعبين فيقوم دائما باعتماد النهج العلمى من خلال معرفتهم بالعقل البشري و كيف يؤثر ذلك على السلوك اضافة الى اعتماده على ما يصدر من جديد المؤلفات العلمية و الدراسات البحثية حول دور التأمل و اليقظة و الصحة العقلية في الأداء و مع ذلك فمن واقع الخبرة فإن العديد منهم يوازنون بين هذا النهج العلمي و عينه فى الملاحظة التى قد تجعله يقوم ببعض من التعديلات اعتمادا على الغرائز و الحدس من أجل إنجاز المهمة بشكل صحيح .
يستكشفون حدود الخبرة البشرية يعتبر أفضل جزء من عمل أخصائي التأهيل النفسي هو التنمية البشرية للاعبين داخل و خارج الملعب حيث يقوم ذلك بتغيير حياة الناس نحو الأفضل حيث يمكن لعلماء النفس الرياضي اكتشاف تقنيات و أساليب من التفكير التي يمكن أن تدفع اللاعبين الى استغلال امكانياتهم الكاملة لاحراز أرقاما قياسيه .