أبيبي بيكيلا .. العداء الإثيوبي الذي ركض حافيًا نحو المجد

عندما نتحدث عن أساطير سباقات الماراثون فإن إسم أبيبي بيكيلا يبرز بقوة كنجم ساطع في تاريخ الألعاب الأولمبية و الرياضة العالمية نظرا لأنه لم يكن مجرد عداء إثيوبي عادي بل كانت حياته رمزًا للعزيمة و التحدي بعد تمكنه علي مدار مسيرته الرياضية من تحقيق إنجازات غير مسبوقة جعلته أحد أعظم الرياضيين رغم ميلاده في منطقة نائية بإثيوبيا و نشأته البسيطة التي سرعان ما شهدت تحولا كبيرا بعد أن أصبح أول أفريقي يفوز بذهبية أولمبية في سباقات الماراثون و هو حافي القدمين و يعتلي منصات التتويج بعد تسجيله لأرقام لا تزال حتي اللحظة محفورة في سجلات التاريخ الرياضي و التي أهلته ليصبح أسطورة حقيقية ألهمت أجيالًا من الرياضيين حول العالم .

أبيبي بيكيلا .. العداء الإثيوبي الذي ركض حافيًا نحو المجد

وُلد ” أبيبي بيكيلا ” في السابع من أغسطس عام 1932 ببلدة صغيرة تدعى جاتو و نشأ في بيئة ريفية مارس فيها منذ صغره رياضات شعبية محلية مثل لعبة “جينا” التي تتطلب التحمل و القدرة علي الجري لمسافات طويلة و خلال طفولته واجه عدد من الصعوبات تمثل في إضطرار عائلته إلي النزوح من موقعهم بسبب الحرب الإيطالية الإثيوبية الثانية و عندما أصبح شابا إنضم إلي الحرس الإمبراطوري الإثيوبي حيث بدأ تدريبه البدني القاسي الذي ساعده لاحقًا في مسيرته الرياضية و بحلول الخمسينيات تعرف علي المدرب السويدي ” أوني نيسكانين ” الذي لاحظ قدراته الفريدة و بدأ في تدريبه علي سباقات المسافات الطويلة ليضع بذلك حجر الأساس لمسيرته الإحترافية .

و مع إنطلاق الألعاب الأولمبية في روما عام 1960 شارك ” أبيبي بيكيلا ” وسط توقعات قليلة حول أدائه نظرا لأنه لم يكن معروفًا علي الساحة الدولية لكن ما فعله في ذلك السباق غير مجرى تاريخ الماراثونات بعد أن سبب له حذاؤه الجديد تقرحات في قدميه و عليه قرر أن يركض السباق و هو حافي القدمين تماما في قرار أدهش الجميع و في مساء العاشر من سبتمبر خاض السباق تحت أضواء المشاعل علي طول طريق “أبيا” التاريخي و تمكن ” أبيبي بيكيلا ” من أن يحافظ علي وتيرته القوية حتي الأمتار الأخيرة و تفوق علي العداء المغربي ” راضي بن عبد السلام ” محققًا زمنًا قياسيًا عالميًا بلغ 2:15:16 ساعة و كان هذا الإنتصار بمثابة نقطة تحول في الرياضة الأفريقية بعد أن أثبت أن العدائين الأفارقة قادرون علي التفوق في السباقات العالمية الكبرى .

أبيبي بيكيلا .. العداء الإثيوبي الذي ركض حافيًا نحو المجد

و بعد أربع سنوات من إنتصاره في روما عاد ” أبيبي بيكيلا ” إلي الأولمبياد مجددا و لكن هذه المرة في طوكيو مع فارق أنه قبل البطولة كان قد أجري عملية جراحية بسبب إلتهاب الزائدة الدودية و هو ما أثار الشكوك حول قدرته علي الدفاع عن لقبه و مع ذلك فاجأ الجميع مرة أخرى حين إنطلق في السباق بقوة مرتديًا هذه المرة حذاءً رياضيًا من شركة “بوما” و في منتصف السباق بدأ في زيادة سرعته و ترك بقية المنافسين خلفه و يصل إلي خط النهاية وحيدًا بزمن قياسي عالمي جديد بلغ 2:12:11 ساعة و يصبح بذلك أول عداء في التاريخ يفوز بذهبية الماراثون الأولمبي مرتين متتاليتين و هو ما عزز مكانته كأسطورة في عالم الجري .

و عقب نجاحه في طوكيو واصل ” أبيبي بيكيلا ” المنافسة في العديد من السباقات الدولية الأخري حيث حقق إنتصارات في ماراثونات كبرى مثل ماراثون أثينا الكلاسيكي و ماراثون أوساكا و رغم النجاحات التي حققها إلا أن مسيرته الرياضية لم تكن خالية من النكسات ففي خلال مشاركته في أولمبياد مكسيكو سيتي عام 1968 دخل السباق و هو يعاني من إصابة و إضطر إلي الانسحاب بعد قطعه 16 كيلومترًا و لكن رغم عدم توفيقه إلا أن حضوره في تلك البطولة كان مهمًا بعد أن أصبح رمزًا للرياضي الذي لا يستسلم رغم العقبات .

أبيبي بيكيلا .. العداء الإثيوبي الذي ركض حافيًا نحو المجد

إقرأ أيضا : ويلما رودولف .. قصة طفلة كانت مريضة بشلل الأطفال ثم أصبحت أشهر عداءة في التاريخ

و بحلول عام 1969 تعرض ” أبيبي بيكيلا ” لحادث سيارة مأساوي أثناء قيادته في العاصمة أديس أبابا أدي إلي إصابته بشلل نصفي و لم يتمكن من المشي مجددًا و رغم ذلك لم يفقد العداء روحه القتالية حيث بدأ بالمشاركة في بطولات الرماية بذوي الإحتياجات الخاصة و لكن رغم محاولاته للبقاء نشيطًا إلا أن حالته الصحية بدأت في التدهور و في عام 1973 توفي ” أبيبي بيكيلا ” عن عمر يناهز 41 عامًا بسبب نزيف دماغي ناجم عن مضاعفات إصابته و رغم رحيله المبكر إلا أن تأثيره لا يزال حيًا حتي وقتنا الراهن بعد أن أصبح قدوة للعديد من العدائين الأفارقة الذين جاءوا من بعده كما أُطلق إسمه علي العديد من المرافق الرياضية بإعتباره رمزًا للكفاح و العزيمة و الإرادة الصلبة التي يمكنها تحقيق المستحيل .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *