وكالة رويترز واحدة من أضخم و أشهر وكالات الأنباء في العالم نظرا لأنها مؤسسة إخبارية يعمل بها أكثر من 2500 صحفي و 600 مصور منتشرين في ما يقرب من 200 موقع حول العالم منها مناطق تتسم بالصراعات و الحروب بغرض تغطية الأحداث الجارية بها و نقلها إلي القراء أو المشاهدين عبر الصحف و المنافذ الإعلامية المختلفة و تعتبر وكالة رويترز مؤسسة إخبارية لها باع طويل في ذلك المجال حيث تأسست في خمسينيات القرن التاسع عشر علي يد الألماني المولد بول رويترز ثم شهدت العديد من التطويرات التي مكنتها من تغطية الكثير من الأحداث التي شهدها العالم بشكل إحترافي و في ظل مجموعة من المعايير الإعلامية التي جعلتها علي رأس الوكالات الإخبارية الأكثر متابعة و هي حاليا مملوكة لشركة تومسون الكندية منذ عام 2008 .
ما تاريخ وكالة رويترز ؟
تأسست وكالة رويترز عام 1851 علي يد الألماني المولد ” بول رويتر ” الذي عمل في دار لنشر الكتب في “برلين” و شارك في توزيع كتيبات في بداية الثورات التي إجتاحت البلاد عام 1848 حيث لفتت هذه الكتيبات إهتمامه و دفعته عام 1850 إلي تطوير نموذجًا أوليًا لخدمة الأخبار في مدينة “آخن” بإستخدام الحمام الزاجل و التلغراف ثم أنتقل بعد ذلك إلي “المملكة المتحدة” و أستقر في مدينة “لندن” عام 1851 و أسس وكالة أنباء في بورصة لندن الملكية و أنصب إهتمامها علي متابعة الأخبار التجارية و الإقتصادية و خدمة البنوك و شركات السمسرة و كان أول عميل أشترك بها في عام 1858 و كانت صحيفة London Morning Advertiser ثم بدء توالي الإشتراكات من قبل باقي الصحف و بدأت قيمة تلك الوكالة في الظهور بشكل أكبر بعد أن بدأت في الإهتمام بالأخبار الدولية بجانب الأخبار المالية .
و بحلول عام 1865 أسس ” بول رويتر ” شركته الخاصة و أصبح مديرا تنفيذيا لها و في عام 1870 وقعت الوكالات الصحفية الفرنسية ( تأسست عام 1835) و البريطانية (تأسست عام 1851) و الألمانية ( تأسست عام 1849) علي إتفاقية تُعرف بإسم ” مجموعة الحلقة ” و التي من خلالها تقوم كل وكالة بتغطية مناطق تابعة لها بشكل حصري و إبرام عقود منفصلة مع الصحف الوطنية أو المشتركين الآخرين داخل أراضيها و لكن علي أرض الواقع كانت ” وكالة رويترز ” هى من كان لها الهيمنة و التأثير الأكبر داخل تلك الإتفاقية لأن مناطقها المكلفة بتغطيتها كانت أوسع أو ذات أهمية إخبارية أكبر من الباقين كما أن لديها الكثير من المراسلين في جميع أنحاء العالم و بالتالي كان من السهل عليها تجميع الأخبار و نشرها من مصدرها و هو أمر ساعد ” بريطانيا ” بشكل كبير بصفتها مقر تلك الوكالة علي تعزيز نفوذها و أنشطتها الدولية .
و في عام 1872 توسعت ” وكالة رويترز ” في الشرق الأقصى ثم تلتها في أمريكا الجنوبية عام 1874 حيث أصبح كلا التوسعين ممكنًا بفضل التقدم في خدمات التلغراف و الكابلات البحرية ثم تقاعد ” بول رويتر ” من منصب المدير التنفيذي و خلفه ابنه الأكبر “هربرت” الذي بدء عام 1883 بنقل الرسائل كهربائيًا إلى صحف “لندن” ثم توفي منتحرا عام 1915 و تباع أسهم الشركة بعد عام إلي كل من “رودريك جونز” و “مارك نابير” و في عام 1923 بدأت ” وكالة رويترز ” في إستخدام الراديو لنقل الأخبار دوليًا و بعد عامين إستحوذت رابطة الصحافة لبريطانيا العظمى على حصة الأغلبية في الشركة ثم أصبحت ملكية كاملة بعد عدة سنوات و خلال إندلاع الحرب العالمية الأولي و الثانية تعرضت ” وكالة رويترز ” لضغوط من الحكومة البريطانية لخدمة مصالح الدولة و لمحاولة التهرب من تلك الضغوط قامت عام 1941 بإعادة هيكلة نفسها كشركة خاصة حيث باعت أسهمها إلي جمعية مالكي الصحف و تم توسيع الملكية عام 1947 لتشمل الجمعيات التي تمثل الصحف اليومية في “نيوزيلندا” و “أستراليا” حيث شكل المالكين الجدد صندوق رويترز و تم وضع مبادئ رويترز للحفاظ على إستقلالية الشركة و بذلك أصبحت واحدة من وكالات الأنباء الكبرى في العالم التي توفر النصوص و الصور للصحف و لوكالات الأنباء الأخرى و أصبحت تلك الخدمة تقدم لمعظم البلدان و وصلت فعليًا إلى جميع الصحف الرائدة في العالم و آلاف من الصحف الصغيرة .
و خلال فترة الستينيات أصبحت “وكالة رويترز” واحدة من أولى المؤسسات الإخبارية التي نقلت البيانات المالية عبر المحيطات من خلال أجهزة الكمبيوتر ثم تم طرحها كشركة عامة عام 1984 و مع دخول الألفية و فى عام 2008 أستحوذت شركة تومسون و مقرها ” كندا ” علي ملكية الشركة و تصبح “تومسون رويترز” و في عام 2009 توفيت ” مارجريت رويتر ” آخر عضو على قيد الحياة من عائلة مؤسسي الوكالة عن عمر يناهز 96 عامًا .
صحفيين الوكالة
توظف ” وكالة رويترز ” حوالي 2500 صحفي و 600 مصور منتشرين في 200 موقع حول العالم و يستخدم الصحفيين معايير محددة في عرض الأخبار من أجل الحفاظ على قيم النزاهة و الحياد التي تعتمد عليها الوكالة التي تتسم بالموثوقية و الدقة و السرعة و الحصرية و نظرا لوجود عدد منهم في بعض من المناطق الملتهبة فقد جعلهم عرضة لعدد من المخاطر ففي مايو عام 2000 قُتل الصحفي الأمريكي “كورت شورك” في كمين أثناء قيامه بمهمة في “سيراليون ” و في أبريل و أغسطس عام 2003 قُتل المصوران الصحفيان “تاراس بروتسيوك” و “مازن دانا” في حوادث منفصلة على أيدي القوات الأمريكية في العراق و في يوليو 2007 قُتل “نمير نور الدين” و “سعيد شماغ” عندما أصابتهما نيران مروحية عسكرية أمريكية من طراز أباتشي في “بغداد” و خلال عام 2004 قُتل المصور “عدلان حسنوف” على يد إنفصاليين شيشانيين كما قتل “ضياء نجم” في “العراق” و في أبريل عام 2008 قُتل المصور “فضل شناعة” في قطاع غزة بعد أن أصابته نيران دبابة إسرائيلية.
و بجانب القتل تعرض العديد من صحفيي “وكالة رويترز” للإعتقال و السجن فأثناء تغطية الثورة الثقافية الصينية في ” الصين ” أواخر الستينيات أعتقلت الحكومة الصينية الصحفي “أنتوني جراي” ردًا على سجن العديد من الصحفيين الصينيين من قبل حكومة “هونج كونج” الإستعمارية البريطانية و أطلق سراحه بعد أن سجن لمدة 27 شهرًا بداية من عام 1967 و حتي عام 1969 و بعد إطلاق سراحه أصبح الروائي التاريخي الأكثر مبيعًا و في عام 2018 أُدين صحفيان من “وكالة رويترز” في “ميانمار” بتهمة الحصول على أسرار الدولة أثناء إجرائهم تحقيق حول مذبحة في قرية للروهينجا و الذي قوبل إدانة واسعة النطاق بإعتباره اعتداء على حرية الصحافة و خلال حبسهم حصل الصحفيان “وا لون” و “كياو سوي أو” على العديد من الجوائز بما في ذلك جائزة إتحاد الصحافة الأجنبية و جائزة بوليتزر للتقارير الدولية و تم تسميتهما كجزء من شخصية العام في 2018 و بعد 511 يومًا في السجن تم الإفراج عنهم في 7 مارس عام 2019 بعد تلقيهم عفو رئاسي .
الإنتقادات التى وجهت لوكالة رويترز
في عام 1977 قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إنه وفقًا للمعلومات الواردة من مسؤولين داخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA فقد تعاونت “وكالة رويترز” مع المخابرات الأمريكية و رداً على ذلك طلب المدير الإداري لوكالة الأنباء “جيرالد لونج” أدلة على تلك التهم و لكن لم يتم تقديم أي منها و من بين الإنتقادات الأخري التي طالتها هو أنه بسبب إتباع ” وكالة رويترز ” سياسة محايدة فقد أمتد ذلك ليشمل عدم إستخدام كلمة “إرهابي” في أخبارها و هي ممارسة أدت إلي الهجوم عليها خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية بعكس وكالة أسوشيتدبرس التي تقول ذلك المصطلح في إشارة إلى المنظمات غير الحكومية التي تنفذ هجمات على السكان المدنيين .
و في يوليو عام 2013 أستقال “ديفيد فوجارتي” مراسل ” وكالة رويترز ” بعد عمل إستمر فيها لمدة 20 عاما بسبب إحتجاجه علي ممارسة الوكالة في التعاطي مع مشكلة التغير المناخي الناجم عن الإحتباس الحراري حيث قال أنه أصبح نشر أي مقالة تتحدث عن تغير المناخ هو أمر بالغ الصعوبة و ردت عليه الوكالة بأنه لدى “رويترز” عدد من الموظفين المخصصين لتغطية هذه القصة بما في ذلك فريق من المراسلين المتخصصين و لا يوجد أي تغيير في السياسة التحريرية لديها .
و تعرضت ” وكالة رويترز ” لإحراج كبير في نوفمبر 2019 عندما أصدرت وزارة الخارجية البريطانية وثائق أرشيفية تؤكد أنها قدمت تمويلًا لها خلال فترة الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي حتى تتمكن من توسيع تغطيتها في الشرق الأوسط حيث تم إبرام إتفاق بين رويترز و خزانة “المملكة المتحدة” تم بموجبه تقديم 350 ألف جنيه إسترليني على مدى 4 سنوات لتمويل توسعها و رغم أن تلك الإتفاقية لن تمكن الحكومة البريطانية من السيطرة التحريرية عليها إلا أنها ستمنحها تأثيرًا سياسيًا على عمل الوكالة من خلال المشاورات معها و الإستماع إلي آراء بشأن نتائج عملها .
و في 9 يونيو عام 2020 أستخدم ثلاثة من صحفيي “وكالة رويترز” و هم “جاك ستابس” و “رافائيل ساتر” و “كريستوفر بينج” صورة رجل أعمال هندي يعمل في طب الأعشاب بشكل غير صحيح و وضعها في مقالة حصرية بعنوان : “شركة إلكترونية هندية غامضة تتجسس على السياسيين و المستثمرين في جميع أنحاء العالم” و نقلت وسائل الإعلام الهندية المحلية ذلك الخبر و أعتقلت الشرطة الهندية ذلك الرجل الذي أستخدمت صورته بشكل خاطئ و أستجوبته لمدة تسع ساعات و لم تسفر التحريات عن أي شئ و أعترفت الوكالة بالخطأ و زعم الصحفي “رفائيل ساتر” بأنهم أخطأوا بشكل غير مقصود لأن الرجل المعني يشترك في نفس عنوان العمل و مع ذلك أظهر فحص أجرته وسائل الإعلام المحلية أن الرجلين كانا في مبنيين مختلفين و ليس كما زعم الصحفي .