وحيد القرن حيوان ثديي يتميز عن سائر الحيوانات الأخرى بضخامه جسده المرتكز على أربعة أرجل قوية مثل جذوع الأشجار مع رأس ضخم يتناقص تدريجيا بشكل إنسيابى حتى يصل الى قرن كبير فى المقدمة و أحيانا إثنان و هو كائن ينحدر من سلالة قديمة حيث سار أسلافه على كوكب الأرض قبل 55 مليون سنة و كان أحد هؤلاء الأسلاف هو الباراسيراتيريوم الذى يبلغ طوله 7.6 مترًا و ارتفاعه 5.5 مترًا عند الكتف و كان بمثابة أكبر حيوان ثديي بري معروف على الإطلاق و على مدار الدهور كان هناك ما يقرب من 100 نوع معروف و اليوم لم يتبقى سوى خمسة أنواع فقط اثنان منهم يعيشون فى أفريقيا أما الثلاثة الباقين فى أسيا و جميعهم حاليا يواجهون العديد من المخاطر التى تهدد وجودهم حيث يتم قتلهم على يد الصيادين من أجل الحصول على قرونهم التي يتم شراؤها و بيعها في السوق السوداء بأسعار فلكية خاصة فى الصين و فيتنام الى المستهلكين الأثرياء كشئ ثمين أو لاستخدامها في الطب الشعبى كما تأثرت به العديد من الثقافات حيث يتواجد فى مجالاتها المختلفة كعنوان على القوة الغاشمة و حاليا تتخذه العديد من المؤسسات المختلفة كرمز أيقونى لها .
و حصل وحيد القرن على اسمه من أشهر سماته و هى القرون التى تتكون من مادة الكيراتين و هي نفس المادة التي تتكون منها أظافرنا و شعورنا حيث يمتلك وحيد قرن جاوة و وحيد القرن الأكبر قرن واحد أعلى الأنف بينما يمتلك وحيد القرن السومطري و وحيد القرن الأسود و وحيد القرن الأبيض قرنان و تختلف القرون من ناحية الحجم فوحيد القرن الأسود و الأبيض لديهم قرونًا أطول بكثير من الأنواع الثلاثة الأخرى كما لا تحتوي قرونهم بشكل عام على قلب عظمي مثل قرون الثدييات أما الجزء الخارجي منه فهو ناعم إلى حد ما و من الممكن أن يتآكل بعد سنوات من الاستخدام و فى حالة كسره فهو ينمو مجددا بشكل تدريجى و يعتبر القاسم المشترك بين جميع أنواعه بجانب القرون هو امتلاكهم لصدر عريض و جلد سميك و ضعف في البصر و سمع ممتاز و ولع بالتدحرج في الوحل حيث يعمل جلدهم السميك مثل الجدار الواقي و لكنه فى نفس الوقت يمتاز بحساسيته بسبب أن الأوعية الدموية قريبة من سطح الجلد لذلك فهى تتعرض للندوب بسهولة و عليه فينقع نفسه في الوحل أو يتدحرج في الغبار كنوع من الحماية ضد حروق الشمس و لدغ الحشرات كما يمكن أن تتحرك آذانهم بشكل مستقل عن بعضهما البعض و قد يتم تحريك أحدهما للأمام بينما يتم توجيه الآخرى للخلف أو قد ينتصب كلاهما بشكل مستقيم عند اكتشاف صوت مثير للاهتمام و يحتاج الى تركيزًا كليًا لسماعه و هو حيوان يمتاز بإمتلاكه حدبة من العضلات على رقبته و أكتافه لحمل رأس يمكن أن تزن ما بين 362 إلى 454 كيلوجرامًا .
و يمتلك وحيد القرن نظر ضعيف للغاية لذلك فهو يستجيب لنداءات الإنذار الصادرة من الحيوانات البرية الأخرى ذات العيون الحادة بما في ذلك طائر يسمى ” نقار الثيران ” الذى يعيش على المنفعة المتبادلة مع وحيد القرن الأفريقي حيث تقفز تلك الطيور على ظهره و تنتزع القراد و الطفيليات الأخرى الموجودة على جلده حتى أنها تدخل الأذنين و الأنف للحصول على تلك اللقمات التي يصعب الوصول إليها و بذلك يحصل “نقار الثيران” على وجبته و فى المقابل يتخلص هو من بعض الحشرات المزعجة الموجودة عليه بالاضافة الى اثارة تلك الطيور ضجة مروعة عندما تكتشف أى مشكلة تقترب من صديقها لتنبيهه عن وجود شئ ما فى الجوار كما يعيش وحيد القرن فى جماعات يطلق عليها ” الأصطدام “و هو مصطلح مناسب لوصف حيوان كبير ومثقل يمكن أن يصطدم بأي شيء يعترض طريقه كما أنه من الحيوانات العاشبة و يقضي معظم يومه يأكل الأعشاب أو الأوراق بحسب نوعه و هم يستخدمون قرونهم في حفر الجذور و كسر الأغصان من أجل الوصول بشكل أفضل إلى الطعام و تمتلك تلك الحيوانات مجموعة متنوعة من الأصوات لتوصيل رسالتهم الى بعضهم البعض ما بين هدير يشبه الأسد أو بوق يشبه الفيل أثناء القتال إلى صرير يمكن أن يعني بأنه فقد مكانه أو للبحث عن حيوان مفقود كما تستخدم الشخير الطويل و القصير للتعبير عن الغضب أو التنبيه أو الذهول أما اذا أصدر صراخ عالي النبرة فهو يشير إلى الخوف .
و تم العثور على وحيد القرن الأبيض و الأسود في جيوب صغيرة من شرق و جنوب إفريقيا حيث يعيشون في موائل الأراضي العشبية و السهول الفيضية و الغريب أن كلاهما لديه نفس اللون و هو الرمادي البني و حتى اللحظة لا يعرف أحد لماذا سمى النوع الأبيض بذلك الإسم و تقول إحدى الروايات أن مستوطنين البوير الأوائل في جنوب إفريقيا أطلقوا عليه اسم ” ويجدى ” و هى كلمة هولندية تعني “العريضة” والتي يمكن أن تشير إلى الشفة العريضة أو حجمه بإعتباره هو أكبر الانواع الموجودة على الأرض من حيث الحجم حيث يعتبر فمه الواسع مثاليًا للرعي في حين أن الشفة الضيقة أكثر قابلية للإمساك عند وحيد القرن الأسود و التى تكون مناسبة لسحب الأوراق و الشجيرات في فمه كما أن ذلك النوع من الممكن أن يعيش لفترة تصل إلى خمسة أيام دون شرب الماء لحصوله على الرطوبة اللازمة من النباتات النضرة التى تغذى عليها و تعتبر الأسماء الأخرى المستخدمة لهذين النوعين الأفريقيين من وحيد القرن هم “ذات الشفاه العريضة” للأبيض و “الشفاه الخطافية” للأسود .
اما بالنسبة للانواع الأخرى الموجودة فى أسيا فيعيش وحيد القرن الأكبر في شمال الهند و جنوب نيبال اما وحيد القرن الجاوى و السومطرى فيعيشان في مناطق صغيرة من ماليزيا و إندونيسيا و يصنع هؤلاء الثلاثة الأسيويين منازلهم في المستنقعات و موائل الغابات المطيرة كما يمتازون بأنهم سباحون مهرة و يصف الكثير من الناس وحيد القرن الأكبر بأنه مغطى بالدروع لكنه في الواقع يتم تغطيته بطبقة من الجلد بها العديد من الطيات و كان يُطلق عليه سابقًا وحيد القرن الهندي و موطنه الأصلي المناطق الرطبة و المستنقعية في شمال شرق الهند و نيبال و تعمل مؤسسة الكركدن الدولية على زيادة أعداده في الهند أما وحيد القرن الجاوى فله قرن واحد مثل وحيد القرن الأكبر و يطلق عليه أيضًا وحيد القرن الأصغر و هو أندر الأنواع الموجودة و يعيش في مناطق الغابات الكثيفة في جنوب شرق آسيا و لمحاولة التعرف عليه بشكل أكبر و معرفة أعداده ابتكر العلماء طريقة مثيرة للاهتمام لعدهم في جميع أنحاء الغابات المطيرة حيث قاموا بإعداد كاميرات بأجهزة استشعار و عندما يمر وحيد القرن الجاوى بالمستشعر تلتقط الكاميرا صورته مما يمكن العلماء من معرفة أعدادهم و التعرف علي حياتهم بشكل أكبر حيث لا يُعرف الكثير عن ذلك النوع و بطبيعة الحال معرفة المزيد عنه ستساعد بشكل أكبر في حمايته و المحافظة عليه حيث يقدر بأنه يوجد أقل من 50 وحيد قرن جاوى في البرية و للأسف لا يوجد أي منها في حدائق الحيوان و يعتبر الصندوق العالمي للحياة البرية أن الجاوى هو أكثر الثدييات الكبيرة المهددة بالانقراض في العالم اما بالنسبة الى وحيد القرن السومطري فهو أصغر أنواعهم و هو الوحيد المغطى بطبقة من الشعر الأشعث و الأكثر بدائية و يرتبط ارتباطا وثيقا بالكركدن الصوفي المنقرض منذ فترة طويلة و هو مثل وحيد القرن الجاوى مهدد بالانقراض بشكل خطير مع احتمال وجود أقل من 80 حيوان منه في العالم .
و لدى وحيد القرن نظام اجتماعي مثير للاهتمام حيث يحتل الذكر المهيمن على منطقة صغيرة حصرية و يسمح فقط لواحد أو اثنين من الذكور المرؤوسين بمشاركة المنطقة معه و تظهر الذكور المهيمنة المجاورة احترامًا غير عادي لحدود الإقليم و نادرًا ما تتعدى على الأراضي باستثناء الحصول على المياه خلال موسم الجفاف و لا يتبعوا حتى أى أنثى فى منطقة ثور آخر و تستثمر الذكور المهيمنة قدرًا كبيرًا من الوقت و الطاقة في القيام بدوريات في أراضيها و تضع علامة عليها بالبول و تتغوط في أكوام الروث التي تكون بمثابة لوحة إعلانات مجتمعية اما الإناث فهى ليست إقليمية و تتحرك عبر نطاقات منزلية كبيرة و تتداخل مع العديد من الإناث الأخريات و قد يقع العديد من مناطق الذكور داخل نطاق منزل الأنثى العازبة و تعتبر إناث وحيد القرن الأبيض البالغات هم أكثر الإناث اجتماعية عن النوع الأسود و غالبًا ما يبقون في مجموعات صغيرة تصل إلى اثني عشر أو نحو ذلك و التى تشمل العجول و الأفراد الصغار.
و تتميز الأنواع الآسيوية الثلاثة عن الأفريقية بأن لها أنياب تستخدمها بدلاً من قرونهم القصيرة عند القتال أو الدفاع عن أراضيهم و تكون أنياب الذكور منهم أطول من الإناث و عند مواجهة الذكر لأحد منافسيه فعند بدء القتال يفتح كل واحد منهم فمه لإظهار أنيابه اما الأنواع الأفريقية فتفتقر إليها لذلك فهم يستخدمون قرونهم للدفاع أو القتال و يمكن أن تؤدي المعارك بينهم إلى الموت حيث يموت 50 في المائة من ذكور وحيد القرن الأسود و 30 في المائة من الإناث متأثرين بجروح أصيبوا بها أثناء القتال و لا يوجد حيوان ثديي آخر لديه مثل هذا المعدل المرتفع للوفيات من خلال هذا النوع من القتال .
و لاختيار الذكر من أجل التزواج كل ما على الأنثى فعله هو الظهور في منطقته عندما تكون مستعدة حيث يقترب الذكر منها بسلسلة من “الفواق” و هو شهيق يتنفسه يعقبه زوبعة و قد يريح ذقنه على ردفها لاختبار ما إذا كانت ستتحمل التزاوج أما لا و إذا نجحت فتنجب العجل بعد فترة حمل تستغرق ما بين 15 إلى 16 شهرًا و سرعان ما يكون المولود قادرًا على الوقوف على قدميه و يبدأ في الرضاعة بعد ساعتين إلى ثلاث ساعات من الولادة و يقضم الطعام الصلب و هو في عمر 7 إلى 10 أيام على الرغم من أنه يستمر في الرضاعة حتى يبلغ من العمر ما بين 12 إلى 18 شهرًا و تحمي الأم عجلها بعناية من الحيوانات المفترسة مثل القطط الكبيرة و الضباع و التماسيح و كذلك من ذكور وحيد القرن البالغة و غالبًا ما يلعب العجول و البالغون الصغار معا و يتدربون على تقنيات السجال و قذف الرأس و قد تميل أمهم إلى رعاية ابنها لمدة تصل إلى أربع سنوات ما لم تنجب طفلًا آخر و في هذه الحالة تدفع عجلها الأكبر سنًا إلى الاستقلال لإفساح المجال للوافد الجديد و يكون الاستثناء فى ذلك هو لوحيد القرن السومطري حيث تبقى العجول مع الأم لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات و لكن قد يستغرق الأمر أكثر من عامين قبل أن تلد مرة أخرى.
و لقرون كان وحيد القرن موجودًا و يعيش فى سلام لكن ظهور الأسلحة عالية القوة جلبت أعداء جدد و قاتلين اليه مثل البشر للحصول على قرونه و التى على مر العصور كانت تستخدم لعلاج الأمراض و خاصة الحمى و مع ذلك فالقرون مثل أظافرنا و شعرنا مصنوعة من الكيراتين و ليس لها أى خصائص علاجية و رغم ذلك ففي أفريقيا يتم ذبح الآلاف منهم كل عام من أجل قرونهم التى تستخدم في الأدوية التقليدية في آسيا أو كمقابض للخناجر في الشرق الأوسط و بحلول أوائل التسعينيات انخفض تعداد وحيد القرن الأسود بنسبة 96 في المائة ويبلغ عددهم اليوم أكثر من 5000 بقليل و في محاولة لوقف تلك المذابح بدأت الدول الأفريقية فى العمل على حمايته لديها و لم تعد الصين توافق على استخدام قرن وحيد القرن للأدوية التقليدية و روجت دول في الشرق الأوسط لمقابض خناجر مصنوعة من مواد اصطناعية حيث قللت هذه الجهود من الصيد الجائر لوحيد القرن و مع ذلك يشجع السعر المتزايد المدفوع لقرونه الأشخاص الجشعين و المتحمسين للحصول على أموال نقدية سريعًا و الذين ينتمون الآن في كثير من الأحيان إلى العصابات الإجرامية و ذلك لقتل وحيد القرن فقط من أجل قرونهم و لكن على أى حال ساعدت الجهود المكثفة لمكافحة الصيد الجائر وحماية الموائل بعض من أنواعها و ساهمت فى عودتهم مجددا حيث تم القضاء على الصيد الجائر في إندونيسيا تقريبًا و ذلك بفضل وحدات حماية وحيد القرن في ذلك البلد و لكن حتى اللحظة لا يزال هناك صيد جائر جائر في جنوب إفريقيا و يبلغ متوسط خسارة هذا البلد حوالي ثلاثة من وحيد القرن يوميًا كما أن هناك مخاوف من أن حيوان وحيد القرن الجاوي قد ينقرض قريبًا .
بطاقة تعريف
- الفئة : ثدييات .
- الترتيب : مفردات الأصابع .
- العائلة : كركدنيات .
- النوع : وحيد القرن الأبيض و الأسود و الأكبر و الجاوى و السومطرى .
- العمر : يتراوح عمره ما بين 40 الى 45 عاما .
- فترة الحمل : من 15 الى 16 شهر تنجب وليد واحد و و توأم فى حالات نادرة .
- الوزن عند الولادة : يتراوح ما بين 40 إلى 64 كيلوجرامًا بحسب النوع .
- البلوغ : من 5 إلى 6 سنوات للإناث و من 7 إلى 8 سنوات للذكور .
- الطول : الأكبر و هو الأبيض من 3.7 إلى 4 أمتار أما الأصغر و هو السومطري من 2.5 إلى 3 أمتار .
- الوزن : الأثقل و هو الأبيض 2300 كجم اما الأخف وزنا و هو السومطري 800 كيلوجرام في المتوسط .
- الإرتفاع : الأكبر و هو الأبيض 1.8 متر من عند الكتف أما الأصغر و هو السومطري من 1.45 متر من عند الكتف .
معلومات سريعة عن حيوان وحيد القرن
- لا تنخدع بحجمها الضخم حيث يمكن لوحيد وحيد القرن الأسود أن يتحرك بسرعة 64 كيلومترًا في الساعة .
- عادةً ما ينمو لدى وحيد القرن الأسود قرونًا أطول من الأنواع الأخرى حيث يمكن أن يصل طول القرن الأمامي إلى 1.3 متر .
- هل يطفئ وحيد القرن حرائق البرية حقًا؟ هى أسطورة شهيرة ألهمت مشاهد في أفلام هولييود و في القصص و حتى أن بعض أسماء وحدات إطفاء الحرائق تحمل اسمهم لكن لم يتم تسجيل أي روايات فعلية عن حدوث ذلك .