نيكولاي تشاوتشيسكو هو سياسي و رجل دولة شيوعي روماني شغل منصب الأمين العام للحزب الشيوعي داخل البلاد في الفترة من عام 1965 و حتي عام 1989 و هو يعد بمثابة الزعيم الشيوعي الثاني و الأخير للدولة الرومانية كما تقلد أيضًا منصب رئيس الدولة في الفترة من عام 1967 و حتي 1989 و تم تصنيف نظام حكمه علي نطاق واسع بأنه ديكتاتوري و ذلك لقيادته نظام شمولي يعتبر الأكثر قمعًا في الكتلة الشرقية بعد أن تولت شرطته السرية المعروفة بإسم السيكيوريتات مسؤولية المراقبة الجماعية علي المواطنين و كذلك إتباعهم إسلوب القمع الشديد و تسجيل إنتهاكات لحقوق الإنسان بالإضافة إلي السيطرة علي وسائل الإعلام و الصحافة و خلال حكمه أدي سوء إدارته الإقتصادية إلي تراكم الديون الخارجية علي رومانيا و في عام 1982 وجه الحكومة إلي تصدير جزء كبير من الإنتاج الزراعي و الصناعي للبلاد في محاولة لسداد هذه الديون و شهدت علاقاته الخارجية تدهورا ملحوظا حتى مع الإتحاد السوفييتي و في عام 1989 إجتاحت البلاد ثورة ضخمة كجزء من سلسلة الإنتفاضات المناهضة للشيوعية في أوروبا الشرقية أدت إلي الإطاحة بنظامه و تنفيذ حكم الإعدام عليه .
حياة نيكولاي تشاوتشيسكو المبكرة
ولد ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” في 26 يناير عام 1918 ببلدة سكورنيسيستي الريفية الصغيرة خارج العاصمة الرومانية ” بوخارست ” و كان ترتيبه الثالث من بين عشرة أطفال و نشأ فقيرًا و لم يتلقي سوى التعليم الإبتدائي و في سن الحادية عشرة كان يعمل في أحد المصانع العديدة التي تنتشر وسط المناظر الطبيعية في العاصمة و خلال عمله تأثر بالنضالات المبكرة و جاذبية الوعد الشيوعي بمستقبل أفضل لذلك إنضم إلي الحركة العمالية في ” رومانيا ” عام 1932 و في منتصف الثلاثينيات كان ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” زعيمًا صاعدًا في إتحاد الشباب الشيوعي و بعد إنضمامه إلي الحزب الشيوعي السري ألقي القبض عليه و عوقب بالسجن لمدة 30 شهرا في سجن دوفتانا في “براسوف ” و هو سجن قاسٍ كان يتم معاملة السجناء فيه بوحشية و التي لم يفلت منها هو الأخر حيث نتيجة الإيذاء الجسدي الذي تعرض له داخل ذلك السجن أصبح يعاني من تلعثم دائم و مع ذلك خلال وجوده إلتقي بـ ” جورجي جيورجيو ديج ” و هو زعيم ثوري مؤثر و الذي سرعان ما أخذه تحت جناحه و قدمه إلي شيوخ الحزب الآخرين و علمه النظريات الماركسية اللينينية .
صعوده إلي السلطة
مع قرب نهاية الحرب العالمية الثانية و في عام 1944 و عقب تراجع قوي المحور و تقدم القوات السوفيتية و دخولها إلي ” رومانيا ” هرب ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” من السجن و في غضون عام عقب سقوط البلاد تحت نظام الحكم الشيوعي بدأ الزعيم الشاب صعوده إلي السلطة و بحلول عام 1945 أصبح عميدًا في الجيش الروماني و علي مدى العقدين التاليين رافق صديقه القديم ” جورجيو ديج ” الذي تولي السلطة بإعتباره الحاكم الأعلى للبلاد و خلال ذلك تولي ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” دورًا بارزًا بشكل متزايد في الحكومة و الحزب الشيوعي و في عام 1955 أصبح عضوًا متفرغًا في المكتب السياسي و سرعان ما أصبح يدير الهيكل التنظيمي للحزب و كوادره و قبل وفاة ” جورجيو ديج ” عام 1965 عين ” تشاوشيسكو ” خلفًا له .
رئاسة نيكولاي تشاوتشيسكو
بصفته الحاكم الأعلي الروماني سعى ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” إلي توثيق العلاقات مع الغرب و رحب بالرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا ” ريتشارد نيكسون ” عام 1969 و سافر كثيرًا للعديد من الدول كما عزز المزيد من التنمية الزراعية و الصناعية و حاول تعزيز علاقة أفضل مع ” الصين ” أما علي صعيد السياسة الداخلية فقد أضرت مساعيه بالشعب الروماني أكثر مما ساعدته فنتيجة مشاريع البناء الطموحة التي قام بها في السبعينيات واجهت البلاد مستويات ديون شديدة في الثمانينيات و رغم تمكنه من خفض العجز إلي أن ذلك قد أدي إلي إنخفاض مستوى المعيشة في بلاده لمستويات وضعتها بالقرب من قاع أوروبا .
و أثناء رئاسة ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” مع زوجته ” إيلينا ” التي عينها نائبة لرئيس الوزراء أدار ظهره للرئيس السوفييتي ” ميخائيل جورباتشوف ” و دعواته لإصلاح إقتصادي واسع النطاق و إتجه بدلاً من ذلك إلي تفضيله للتخطيط المركزي التقليدي و قبل وقت قصير من خسارته السلطة أثار ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” حالة من الذعر في جميع أنحاء البلاد عندما هدد بهدم المستوطنات الريفية التي يقل عدد سكانها عن 2000 شخص حتى يتسنى بناء مراكز صناعية زراعية كبيرة كما تضمن حكمه تغول أجهزة الأمن السرية في حياة المواطنين من خلال مراقبتهم و البطش العنيف ضد أي أصوات معارضة .
فقدانه السلطة و وفاته
مع فشل مستوى المعيشة في “رومانيا ” بالتحسن بدأت قبضة ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” على السلطة تضعف و في نوفمبر عام 1987 و في مشهد لم يكن من الممكن تصوره قبل بضع سنوات إقتحم آلاف العمال مقر الحزب الشيوعي في ” براسوف ” و تم تدمير السجلات و كذلك صورة كبيرة لتشاوشيسكو و في ديسمبر من نفس العام أدت ثورة شعبية بمساعدة الجيش إلي طرد ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” من السلطة و إقتياده إلي قاعة المحكمة و بينما كانت ” رومانيا ” تواجه أحداث عنف أراد زعماء البلاد الجدد أن يظهروا للشعب أنه لم يعد هناك حاجة للقلق بشأن ” تشاوشيسكو ” لذلك و في 25 ديسمبر عام 1989 و في محاكمة صورية إستمرت أقل من ساعة أتُهم الزوجان بإرتكاب جرائم إبادة جماعية بالإضافة إلي جرائم أخرى و بعد فترة وجيزة من إدانتهم تم إقتياد ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” مع زوجته إلي الخارج و إعدامهم رمياً بالرصاص و يدُفن الإثنان في مقبرة ” جينسيا ” في العاصمة ” بوخارست ” .
مقتطفات من حياة نيكولاي تشاوتشيسكو
- في نوفمبر عام 1957 كان ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” على متن طائرة متوجهة إلي ” موسكو ” لحضور الإحتفال بمرور 40 عاما على ثورة أكتوبر البلشفية و قبل هبوطها مباشرة في مطار فنوكوفو بموسكو و بسبب إنخفاض الرؤية نتيجة سوء الأحوال الجوية هبطت الطائرة في غابة قريبة من المطار و إشتعلت فيها النيران و لقي أربعة أشخاص حتفهم و تمكن باقي الأعضاء من الفرار و من بينهم تشاوشيسكو .
- خلال السنوات العشر الأخيرة من حياته كان ” نيكولاي تشاوتشيسكو ” يعاني من مرض السكري و كان علاجه يدور حول إتباع نظام غذائي صارم و تناول الحبوب و شرب الشاي من النباتات و لهذا السبب ساءت حالته الصحية في أبريل 1989 بسبب رفضه تناول الأنسولين و لكن في نهاية المطاف بدء في تعاطيه و تحسنت صحته بشكل ملحوظ في غضون يومين فقط مما أنقذ حياته .
- كانت كلماته الأخيرة قبل إعدامه ” تحيا جمهورية رومانيا الاشتراكية! … التاريخ سوف ينتقم لي ! ” .